الاستيفاء: وذلك كما قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}5 [الأنعام: 38]. حيث أن الله ما ترك أهل القياس والاجتهاد ينصرفون إلى غير الكتاب والسنة المبينة له كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "أوتيت الكتاب ومثله معه" أو كما قال تعالى: { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} ، فجعل الله ذلك العنصر أي الاستيفاء حيث وفر كل سبل البحث والقياس والاجتهاد لأهل الاجتهاد وهذا متضمن لمعنى الإكمال وشرط من شروطه. * دلت آية { ورضيت لكم الإسلام دينا} على أن الشيء المختار المدخر لا يكون إلاّ أنفس ما أُظهر من الأديان ، والأنفس لا يبطله شيء إذ ليس بعده غاية ، فتكون الآية مشيرة إلى أنّ نسخ الأحكام قد انتهى.
- «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.،» | صحيفة الخليج
- تأملات في قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم}
- متى نزل قوله تعالى اليوم أكملت عليكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي – المحيط التعليمي
«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ.،» | صحيفة الخليج
و(إتمام النعمة) هو زوال ما كانوا يلقونه من الخوف، فمكَّنهم سبحانه من الحج آمِّين، مؤمنين، خالصين، وطوَّع إليهم أعداءهم يوم حجة الوداع، وقد كانوا من قبل في نعمة فأتمها عليهم، فلذلك قيد إتمام النعمة بذلك اليوم؛ لأنه زمان ظهور هذا الإتمام؛ إذ الآية نازلة يوم حجة الوداع على أصح الأقوال، فإن كانت نزلت يوم فتح مكة، وإن كان القول بذلك ضعيفاً، فـ (تمام النعمة) فيه على المسلمين، أن مكنهم من أشد أعدائهم، وأحرصهم على استئصالهم. قال الزمخشري: "{ اليوم أكملت لكم دينكم} كفيتكم أمر عدوكم، وجعلت اليد العليا لكم، كما تقول الملوك: اليوم كَمُلَ لنا الملك، وكَمُلَ لنا ما نريد، إذا كُفوا مَن ينازعهم المُلك، ووصلوا إلى أغراضهم ومنافعهم، أو أكملت لكم ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام، والتوقيف على الشرائع، وقوانين القياس، وأصول الاجتهاد، { وأتممت عليكم نعمتي} بفتح مكة ودخولها آمنين ظاهرين، وهدم منار الجاهلية ومناسكهم، وأن لم يحج معكم مشرك، ولم يطف بالبيت عريان، أو أتممت عليكم نعمتي بذلك; لأنه لا نعمة أتم من نعمة الإسلام". وقد قال الطبري في "تفسيره": "فإن قال قائل: أَوَ ما كان الله تعالى راضياً الإسلام لعباده إلا يوم أنزل هذه الآية؛ قيل: لم يزل الله راضياً لخلقه الإسلام ديناً، ولكنه جلَّ شأنه لم يزل يصرف نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابه في درجات الإسلام ومراتبه، درجة بعد درجة، ومرتبة بعد مرتبة، وحالاً بعد حال، حتى أكمل لهم شرائعه ومعالمه، وبلغ بهم أقصى درجات مراتبه، ثم قال حين أنزل هذه الآية: { ورضيت لكم الإسلام دينا} بالصفة التي بها اليوم، والحال التي أنتم عليها منه اليوم ديناً، فالزموه، ولا تفارقوه، أي هذا الرضا كان ذكره أنسب عند (الكمال) وإن كان مصاحباً للشرع في مواضع نزوله".
اليوم أكملت لكم دينكم
اليوم نكمل لكم سلسلتنا الرمضانية وكلنا أمل ورجاء في أن تكون قد تركت بصمتها في شهركم الكريم الذي انصرف مبكرا، وقد حاولنا أن نتطرق لمواضيع مختلفة وجدنا بذرتها الأولى في آيات عزيزات من الذكر الحكيم. اليوم نكمل سلسلتنا الرمضانية التي انطوت قائمتها المتميزة على 30 آية من اختيارنا واقتراحاتكم، فكيف لا يكون لآخر ما نزل من القرآن الكربم نصيب منها ؟
يقول الله تعالى في الآية الرابعة من سورة المائدة: {اِ۬لْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِے وَرَضِيتُ لَكُمُ اُ۬لِاسْلَٰمَ دِيناٗۖ}. هذه الآية تستوقفني وقفة تصوف وتصور لحالي بعد مشوار طويل في هذه الأرض السعيدة، حيث أنني أؤمن أن حياتنا عبارة عن رسالة وجودية، فالأحرى أن نجعلها ذات قيمة!
تأملات في قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم}
وقال الطبري رحمه الله بعد أن ذكر كلام السلف في تفسير الآية:
" وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يقال: إن الله عز وجل أخبر نبيه صلى الله
عليه وسلم والمؤمنين به ، أنه أكمل لهم يوم أنزل هذه الآية على نبيه دينَهم ،
بإفرادهم بالبلدَ الحرام وإجلائه عنه المشركين ، حتى حجَّه المسلمون دونهم لا
يخالطهم المشركون. متى نزل قوله تعالى اليوم أكملت عليكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي – المحيط التعليمي. فأما الفرائض والأحكام ، فإنه قد اختلف فيها: هل كانت أكملت ذلك اليوم ، أم لا ؟
فروي عن ابن عباس والسدّي ما ذكرنا عنهما قبل. وروي عن البراء بن عازب أن آخر آية نزلت من القرآن: ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ
اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) ، ولا يدفع ذو علم أن الوحي لم ينقطع عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قُبِض ، بل كان الوحي قبل وفاته أكثر ما كان
تتابعًا. فإذ كان ذلك كذلك ، وكان قوله: ( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي
الْكَلالَةِ) آخرَها نزولا ، وكان ذلك من الأحكام والفرائض ، كان معلومًا أن معنى
قوله: ( اليوم أكملت لكم دينكم) ، على خلاف الوجه الذي تأوَّله من تأوَّله – أعني: كمال العبادات والأحكام والفرائض " انتهى من "تفسير الطبري" (9/ 520). وقال الحافظ ابن حجر رحمه
الله:
" قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ ( الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ) ظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى
أَنَّ أُمُورَ الدِّينِ كَمُلَتْ عِنْدَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ، وَهِيَ قَبْلَ
مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ ثَمَانِينَ يَوْمًا ، فَعَلَى
هَذَا لَمْ يَنْزِلْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ شَيْءٌ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ،
وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِكْمَالِ مَا يَتَعَلَّقُ
بِأُصُولِ الْأَرْكَانِ لَا مَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا " انتهى من " فتح الباري "
(13/246).
وقال عليّ بن أبي طلحةَ عن ابنِ عبَّاس: قوله: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ وهو الإسْلام، أخبر الله نبيَّه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - والمؤمِنين أنَّه قد أكمل لهم الإيمان فلا يَحتاجون إلى زيادةٍ أبدًا، وقد أتمَّه الله فلا ينقصه أبدًا، وقد رضِيَه فلا يَسخطه أبدًا، وقال ابنُ جرير وغيرُ واحد: مات رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بعد يوم عرفة بواحدٍ وثَمانين يومًا. روى البخاري ومسلم من حديث طارق بن شهاب، عن عُمر بن الخطَّاب - رضي الله عنْه - أنَّ رجلاً من اليهود قال له: يا أميرَ المؤمنين، آيةٌ في كتابِكم تقرؤونَها، لو علينا - معشرَ اليهود - نزلت لاتَّخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: أيّ آية؟ قال: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا ﴾، قال عمر: "قد عرفْنا ذلك اليوم، والمكان الَّذي نزلت فيه على النَّبيّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وهو قائمٌ بعرفة يوم جمعة" [2]. وروى ابنُ جرير بسنده أنَّ ابن عبَّاس قرأ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا ﴾، فقال يهودي: لو نزلتْ هذه الآية عليْنا لاتَّخذنا يومَها عيدًا، فقال ابنُ عبَّاس: "فإنَّها نزلتْ في يوم عيدَينِ اثْنَين: يوم عيدٍ ويوم جمُعة" [3].
متى نزل قوله تعالى اليوم أكملت عليكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي – المحيط التعليمي
من آخر ما نزل من القرآن الكريم قوله تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام} (المائدة:3)، فهل كان الدين ناقصاً في أول أمره، ثم أتمه الله سبحانه بعدُ؟ وما هو المراد من إكمال الدين في الآية الكريمة ؟
ذكر المفسرون أن هذه الآية نزلت يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام. ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات. قالت أسماء بنت عميس: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحجة، فبينما نحن نسير، إذ تجلى له جبريل صلى الله عليه وسلم على الراحلة، فلم تطق الراحلة من ثقل ما عليها من القرآن، فبركت، فأتيته، فسجيت عليه برداء كان عليَّ. وروى البخاري و مسلم أن رجلاً من اليهود جاء إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين! إنكم تقرؤون آية في كتابكم، لو علينا معشر اليهود نزلت، لاتخذنا ذلك اليوم عيداً. قال: وأيُّ آية؟ قال: قوله: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}، فقال عمر: والله إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزلت عشية عرفة في يوم جمعة. وقد روى الطبري عن هارون بن عنترة عن أبيه، قال: لما نزلت: { اليوم أكملت لكم دينكم}، وذلك يوم الحج الأكبر، بكى عمر رضي الله عنهما، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك؟ قال: أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذ كَمُل، فإنه لم يكمل شيء إلا نقص!
دخل سيدنا جبريل علي النبي وقال: يا رسول الله ، ملك الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن علي أحد من قبلك... فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ائذن له يا جبريل) فدخل ملك الموت علي النبي صلى الله عليه وسلم وقال: السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( بل الرفيق الأعلى ، بل الرفيق الأعلى) ووقف ملك الموت عند رأس النبي صلى الله علي وسلم وقال: أيتها الروح الطيبة ، روح محمد بن عبد الله ، أخرجي إلي رضا من الله و رضوان ورب راض غير غضبان... تقول السيدة عائشة: فسقطت يد النبي وثقلت رأسه في صدري ، فعرفت أنه قد مات... فلم أدري ما أفعل ، فما كان مني غير أن خرجت من حجرتي وفتحت بابي الذي يطل علي الرجال في المسجد وأقول مات رسول الله ، مات رسول الله. تقول: فانفجر المسجد بالبكاء. فهذا علي بن أبي طالب أقعد، وهذا عثمان بن عفان كالصبي يؤخذ بيده يمني ويسري وهذا عمر بن الخطاب يرفع سيفه ويقول من قال أنه قد مات قطعت رأسه، إنه ذهب للقاء ربه كما ذهب موسي للقاء ربه وسيعود ويقتل من قال أنه قد مات.. أما أثبت الناس فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه دخل علي النبي واحتضنه وقال: وآآآ خليلاه ، وآآآصفياه ، وآآآ حبيباه ، وآآآ نبياه.