قال القاري في (المرقاة): "ابتدرن الحجاب" أي بالانتقال من مكانهن، وإخفاء حالهن وشأنهن. اهـ. ويؤكد ذلك أن هذه العبارة قد ثبتت في إحدى روايات صحيح البخاري هكذا: ( يبتدرن في الحجاب). قال القسطلاني في (إرشاد الساري): "يبتدرن الحجاب" أي يتسارعن إليه، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: "في الحجاب". اهـ. ويؤكده كذلك ما ورد في رواية لأحمد في مسنده: وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرن، رافعات أصواتهن، فلما سمعن صوت عمر انقمعن وسكتن. والانقماع هو الدخول، والتغيب في الشيء. قال أبو عبيد القاسم بن سلام في (غريب الحديث): قولها: "انقمعن" تعني دخلن البيت وتغيبن. ويقال للإنسان: قد انقمع وقمع، إذا دخل في الشيء، أو دخل بعضه في بعض. قال الأصمعي: ومنه سمي القمع الذي يصب فيه الدهن وغيره؛ لأنه يدخل في الإناء يقال منه: قمعت الإناء أقمعه قمعا. اهـ. حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحجاب. وأما وصف شرح الحافظ ابن حجر بالخطأ المحض! فهو محض الخطأ، فمثل هذه الدقائق، وفروع المسائل لا يسارع للجزم فيها إلا الأغرار، وقد كان يكفي الباحث في مثل هذا الموضع من بيان الحديث، أن يذكر خلاف أهل العلم فيه، ثم ترجيح الراجح، دون جزم بتمحض خطأ المخالف، ولاسيما ومعه دليله المعتبر، والحافظ ابن حجر ـ رحمه الله ـ أقل ما يقال في كلامه: إنه وجيه ومحتمل.
- حديث ارسول عن الحجاب
- ليس في حديث قمن يبتدرن الحجاب دلالة على نفي مشروعية النقاب - إسلام ويب - مركز الفتوى
حديث ارسول عن الحجاب
ومنها: أن في الحديث: (حجابة النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه). ولو كان كما زعموا ، عدم خلق الرؤية: لم يكن كشف ذلك يحرق شيئاً. فالمؤمنون يرون ربهم في عرصات القيامة، وفي الجنة، ولا تحرق رؤيتهم شيئاً....
ينظر: شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (2/ 155). وينظر أيضا: بيان تلبيس الجهمية (8/ 117) ، وما بعدها. حديث الرسول عن الحجاب. ثالثا:
الحجاب الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: (حجابه النور) مخلوق، وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم، مع نفيه رؤية الله بقوله: (نور أنَّى أراه). ولو كان هذا الحجاب هو النور الذي هو صفته سبحانه، لكان النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه. روى مسلم (178) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ
وروى أيضا (178) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتَ لِأَبِي ذرٍّ، لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ ؟
فَقَالَ: عَنْ أيِّ شيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ نُورًا
وهذا النور هو نور الحجاب.
ليس في حديث قمن يبتدرن الحجاب دلالة على نفي مشروعية النقاب - إسلام ويب - مركز الفتوى
السؤال:
هنا رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يقول: أنا المستمع: (د. ل. ليس في حديث قمن يبتدرن الحجاب دلالة على نفي مشروعية النقاب - إسلام ويب - مركز الفتوى. م) مصري أعمل في الخبر، أخونا يقول: للدكتور يوسف القرضاوي كتاب: الحلال والحرام (باب إبداء المرأة للزينة الظاهرة): روى أبو داود عن عائشة -رضي الله عنها-: أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله ﷺ وعليها ثياب رقاق؛ فأعرض عنها رسول الله ﷺ وقال لها: يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه، ولكني سمعت منكم أن كشف وجه المرأة حرام. أرجو أن ترشدوني، جزاكم الله خيرًا. الجواب:
سبق أن نبهنا على هذا الحديث، وبينا في حلقة سابقة -بل في حلقات- أن هذا الحديث لا يصح عن النبي ﷺ وأنه ضعيف جدًا من جوه كثيرة، وأن الواجب على من يذكره في أي كتاب أن يبين ضعفه، وأنه لا يصلح أن يحتج به؛ لأن في سنده انقطاعًا وضعفًا يوجب عدم الاحتجاج به، وعدم الاعتماد عليه، فهو من رواية خالد بن دريك عن عائشة، ولم يسمع منها؛ فهو منقطع، والمنقطع عند أهل العلم لا يحتج به، يسمى ضعيفًا، وفي إسناده رجل ضعيف يقال له: سعيد بن بشير لا يحتج به أيضًا، وفي إسناده قتادة عن خالد، وهو مدلس وقد عنعن، هذه ثلاث علل.
الحمد لله. أولا:
الله تعالى من أسمائه النور، ومن صفاته النور، وحجابه النور، كما دلت على ذلك النصوص. قال ابن القيم رحمه الله: " النَّصَّ قَدْ وَرَدَ بِتَسْمِيَةِ الرَّبِّ نُورًا، وَبِأَنَّ لَهُ نُورًا مُضَافًا إِلَيْهِ، وَبِأَنَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَبِأَنَّ حِجَابَهُ نُورٌ، هَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ. فَالْأَوَّلُ يُقَالُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالْإِطْلَاقِ، فَإِنَّهُ النُّورُ الْهَادِي. وَالثَّانِي يُضَافُ إِلَيْهِ كَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ حَيَاتُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِزَّتُهُ وَقُدْرَتُهُ وَعَلِمُهُ. وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى وَجْهِهِ، وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى ذَاتِهِ. فَالْأَوَّلُ: إِضَافَتُهُ إلى وجهه ، كَقَوْلِهِ: " أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ " ، وَقَوْلِهِ: " نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ ". حديث الرسول محمد عن الحجاب. وَالثَّانِي: إِضَافَتُهُ إِلَى ذَاتِهِ ، كَقَوْلِهِ: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا [الزمر: 69]. وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ذَلِكَ نُورُهُ الَّذِي إِذَا تَجَلَّى بِهِ.. "، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ " الْحَدِيثَ.