وقرأ الآية التي في الحشر: ( ولتنظر نفس ما قدمت لغد) تصدق رجل من ديناره ، من درهمه ، من ثوبه ، من صاع بره ، من صاع تمره - حتى قال -: ولو بشق تمرة ". قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها ، بل قد عجزت ، ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب ، حتى رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتهلل وجهه كأنه مذهبة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من سن في الإسلام سنة حسنة ، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة ، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ". انفرد بإخراجه مسلم من حديث شعبة بإسناد مثله. ولتنظر نفس ما قدمت لغد | حصة بنت سعود. فقوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) أمر بتقواه ، وهي تشمل فعل ما به أمر ، وترك ما عنه زجر. وقوله: ( ولتنظر نفس ما قدمت لغد) أي: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وانظروا ماذا ادخرتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة ليوم معادكم وعرضكم على ربكم ، ( واتقوا الله) تأكيد ثان ، ( إن الله خبير بما تعملون) أي: اعلموا أنه عالم بجميع أعمالكم وأحوالكم لا تخفى عليه منكم خافية ، ولا يغيب عنه من أموركم جليل ولا حقير.
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحشر - الآية 18
- ولتنظر نفس ما قدمت لغد | حصة بنت سعود
- وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ. الشيخ صالح الفوزان حفظه الله - YouTube
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحشر - الآية 18
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعتبروا بمرور الليالي والأيام؛ فإنها تذهب شبابكم، وتضعف قوتكم، وتأخذ من صحتكم، وتنقص أعماركم، وتقرب آجالكم، ولا بقاء لمخلوق في الدنيا مهما علت منزلته، وعظمت قوته، واتسعت مملكته، فليعتبر باق براحل، وليتعظ ممهل بهالك؛ فإن السعيد من وعظ بغيره ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء:34-35]. أيها الناس:
في مثل هذه الأيام من كل عام يكثر الحديث في الخطب والمواعظ والإذاعات وغيرها عن توديع عام واستقبال آخر، وهي أعوام تطويها الأيام والليالي، وفيها أحداث وأعمال قد دونت في الصحائف بخيرها وشرها، وقد نسي الناس حلوها ومرها، فيفرح بحلاوتها من لا علم له بمرارة الغد، ويحزن لمرارتها من طويت عنه حلاوة الغد، وهذا من ضعف الإنسان وجهله، أن يفرح بالحاضر وهو لا يدري عن المستقبل. ومن تأمل القرآن وجد فيه كثيرا من الآيات تحث على مراعاة المستقبل في العمل، وتدعو لتحصيل لذته بالامتناع عن اللذة الحاضرة، وتخوف من ضياع المستقبل بسبب التفريط زمن الإمهال.
ولتنظر نفس ما قدمت لغد | حصة بنت سعود
وهذا عجيب من أمرنا جميعاً! وكتاب الله يحذّر أشدّ التحذير من هذه الغفلة، ويبصّرنا أن هذه الحياة الدنيا متاع الغرور، أي متاع الوهم. * * *
حزنُ الناس.. على ما فاتهم من الدنيا. وفرحهم.. بما أُوتوا منها. أمّا الآخرة...! القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحشر - الآية 18. من هنا كان نداء القرآن العجيب: يا أيها الذين آمَنوا.. آمِنوا. أي: أفيقوا ممّا أنتم فيه، وراجعوا أنفسكم قبل فوات الفرصة. إنّ أنجح الناس هو من يتأكد عنه دائماً أنه قد يرحل الآن، قد ينتقل من هذه الحياة إلى الحياة الآخرة فوراً. وهذا الاحساس عاصمٌ من الغفلة والانحراف. وأجرأ الناس على المعصية من نسي الموت وركن إلى الدنيا. هذه ـ يا اصدقاءنا ـ حقيقة.. فطُوبى لمن وعاها واستيقَظ بها. أضف تعليقك
تعليقات القراء
الاسم
العنوان
بريد الإلكتروني *
النص *
وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ. الشيخ صالح الفوزان حفظه الله - Youtube
30-05-11, 07:16 PM
# 1
وقفة الم
مشرفة القرآن الكريم
ولْتَنظُرْ نفسٌ ما قدّمَتْ لغد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
ولتنظر النفس ماقدمت لغد « ولْتَنظُرْ نفسٌ ما قدّمَتْ لغد » البكاء على الماضي، والغرور بالحاضر.. كلاهما اشتباه! والدليل قوله تعالى لكيلا تأسَوا على ما فاتَكُم، ولا تفرحوا بما آتاكم. الحزن على ما فات، لا طائل تحته.. لأنه مضى ولن يعود. والفرح بالحاضر نوع من الغرور لا جدوى فيه. إنّ الإنسان المتوازن ـ أيها الاصدقاء ـ إنّما ينظر إلى الغَد.. إلى المستقبل. والغد ـ بمعناه الواسع ـ هو ما بقي من حياتك، وما أعددتَ لنفسك بعد مماتك، تجد ذلك مكنوناً في قوله سبحانه: ولْتَنظُرْ نفسٌ ما قَدّمت لغد... وبنظرةٍ بسيطة.. ندرك أن هذه الحياة قطرة واحدة بالنسبة إلى بحر الحياة الآخرة. هَب أنك ستعيش هنا مئةَ عام. إنها لا شيء بالقياس إلى ملايين السنين التي ستحياها هناك. وإنها لَمُفارَقة مُحزِنة أن يُخطِّط الإنسان لحياته القصيرة، ولا يُخطّط لحياته الأبدية. ومن هنا يضيع اكثر الناس وهم لا يشعرون! وذلك إنّما يكون بسبب طول الأمل، أي بسبب الوهم. كل انسان لا يصدّق أنه سوف يموت فجأة.
وقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهْوَ رَدٌّ"،
° فأنت أنظر في عملك يا أخي، أوصيك ونفسي وجميع المسلمين بالنظر في أعمالنا، وأن لا تشغلنا عنها الدنيا، وأن لا يشغلنا عنها الشيطان، وأن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب الناس، وننظر إلى عيوب أنفسنا قبل أن ننظر إلى عيوب الناس. فاتقوا الله، عباد الله، وتذكروا هذه الآية دائماً وأبدا ولهذا قال: ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ﴾. نسوا ذكر الله عز وجل، ونسوا العمل الصالح، وانشغلوا بالدنيا مشغلاتها وملذاتها ﴿وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ﴾. عاقبهم الله سبحانه وتعالى لما نسوه عاقبهم أن أنساهم أنفسهم فلم يعملوا لها خيراً ولم يقدموا لها عملاً صالحاً عقوبةً لهم: "لأَنَّ الْجَزَاء مِنْ جِنْس الْعَمَل"، فعلينا أن نتقي الله جلَّ وعلا، وما أعظم مواعظ القرآن الكريم لو أننا تدبرناه وعقلناه قال تعالى: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾. فلو أن الله خاطب بهذا القرآن الجبال الصم لتصدعت من خشية الله، وهو خاطبنا بها ولكن الكثير منا لم يرفع بها رأسه ولم يتأثروا بها وإن كانوا يقرؤونه ويسمعونه، فصارت قلوبنا أقسى من الجبال، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.
وعن نعيم بن نَمحة قال:كان في خطبة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه:أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجل معلوم؟ فمن استطاع أن يقضي الأجل وهو في عمل الله، عز وجل، فليفعل، ولن تنالوا ذلك إلا بالله، عز وجل.