انتهى. ومن هذه الفضائل: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير الناس أنفعهم للناس. رواه القضاعي في مسند الشهاب، وحسنه الألباني. فما أعظم هذا الدين الذي جعل مساعدة الناس بهذه المنزلة العظيمة، بل وحتى مساعدة الحيوانات، ولنقرأ هذا الحديث العظيم لنعلم فضل دين الإسلام وأن فيه صلاح الدنيا والآخرة وأن البشرية لم يصبها الشقاء إلا بعد أن تركت الأخذ بهذا الدين العظيم، ففي صحيحي البخاري ومسلم: عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن امرأة بغياً رأت كلباً في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له بموقها فغفر لها. أحاديث في قضاء حوائج الناس | شبكة الأمة برس. والبغي: هي المرأة الزانية. ومع هذا، غفر الله لها بهذه المساعدة لهذا الحيوان، فكيف بمساعدة الصالحين لإخوانهم وأخواتهم؟ لا شك أن ثوابه أعظم. وأما: هل مساعدة الآخرين أفضل أم ذكر الله؟ فنقول: لكل منهما فضائل كثيرة، والمفاضلة بينهما صعبة، ولو أمكن الجمع بين الأمرين فهو خير، وإذا كان هناك محتاج ولا يوجد من يساعده غير السائل، ففي هذه الحالة المساعدة أفضل وقد تكون واجبة، وإذا كان المسلم من المسؤولين عن مساعدة الغير في وظيفة فالقيام بعمله في هذه الحالة أيضا أفضل من نوافل الذكر وأوجب، والقاعدة في الترجيح بين ما كان نفعه متعديا وما كان نفعه قاصراً ما ذكره فضيلة الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ حيث قال: قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف، لأن نفعها متعدٍ، والنفع المتعدي أفضل من النفع القاصر، إلا إذا كان النفع القاصر من مهمات الإسلام وواجباته.
أحاديث في قضاء حوائج الناس | شبكة الأمة برس
الإمام الصادق (ع): "من سأله أخوه المؤمن حاجة من ضر، فمنعه من سعة وهو يقدر عليها من عنده أو من عند غيره، حشره الله يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه، حتى يفرغ الله من حساب الخلق". وعنه (ع): "أيما رجل مسلم أتاه رجل مسلم في حاجة وهو يقدر على قضائها فمنعه إياها، عيّره الله يوم القيامة تعييراً شديداً، وقال له: أتاك أخوك في حاجة قد جعلت قضاءها في يديك، فمنعته إياها زهداً منك في ثوابها، وعزّتي لا أنظر إليك في حاجة معذّباً كنت أو مغفوراً". - من هم أهل قضاء الحوائج؟
أمير المؤمنين (ع): "اللّهمّ لا تجعل بي حاجة إلى أحد من شرار خلقك، وما جعلت بيّ من حاجة فاجعلها إلى أحسنهم وجهاً، وأسخاهم بها نفساً، وأطلقهم بها لساناً، وأقلّهم عليَّ بها منّاً". وعنه (ع): "قلت: اللّهمّ لا تحوجني إلى أحد من خلقك، فقال رسول الله (ص): يا علي، لا تقولن هكذا، فليس من أحد إلا وهو محتاج إلى الناس... فضل قضاء الحوائج - ملتقى الخطباء. فقلت: يا رسول الله، فما أقول؟ قال: قل: اللّهمّ لا تحوجني إلى شرار خلقك، قلت: يا رسول الله، من شرار خلقه؟ قال: الذين إذا أعطوا منّوا، وإذا منعوا عابوا". وعنه (ع): "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها". الحسين (ع) في حديث له: "ولا ترفع حاجتك إلا إلى أحد ثلاثة: إلى ذوي دين أو مروّة أو حسب، فأما ذو الدين فيصون دينه، وأما ذو المروة فيستحيي لمروّته، وأما ذو الحسب فيعلم أنك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك، فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك".
فضل قضاء الحوائج - ملتقى الخطباء
ومن كمال الأخلاق: الصبر ُ على أذى الجاهلين، ونكايةِ الغافلين، قال – تعالى -: { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]، ومن عجائب أخلاق الأحنف بن قيس - وكان سيِّدًا في قومه، إذا غضب غضب له مائةُ ألف، لا يسألونه فيم غضب - أنَّه كان يسير يومًا إلى منزله، ووراءَه رجل يتبعه منذ مسافة، يسبُّه ويشتمه، فلمَّا قرب الأحنفُ من بيته (أي من حارتِه) وقف، وقال لهذا الرجل: "يا أخي، أعْطِني ما بقي عندك، أكمل السب والشتم"، فاستغرب الرجل وقال: لماذا؟! الأوقاف:السعي في قضاء حوائج الناس من أسباب البركة وزيادة الرزق | الأخبار المسائى. قال: "أخشى أن يراك سفهاءُ قومِنا فيؤذوك، وأنا لا أريد أن يؤذوك"، فأطرَقَ الرجل حياءً وانصرف. يقول - صلى الله عليه وسلم -: « أربع إذا كُنَّ فيك، فلا عليك ما فاتك من الدنيا: صدقُ الحديث، وحفظُ الأمانة، وحسنُ الخلق، وعفَّةُ مطعم » "ص. الجامع".
الأوقاف:السعي في قضاء حوائج الناس من أسباب البركة وزيادة الرزق | الأخبار المسائى
وأما إن كان المقصود بالمصالح الشخصية الأمور المشروعة التي لا تتنافى مع الإخلاص كأن يقصد من جماع زوجته أن يعفها ويعف نفسه عن الحرام مع قضاء شهوته، فإن ذلك لا ضرر فيه ولا يتنافى مع تحصيل الأجر ففي الحديث الشريف: قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيت لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر؟... الحديث. رواه مسلم. حديث عن قضاء حوائج الناس. وأما عن فضائل هذه المساعدة فمنها: أن مساعدة الآخرين نوع من الإحسان، وقد قال تعالى: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ { البقرة:195}. وقال سبحانه: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ {ا لأعراف:56). وقال سبحانه: نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ { يوسف:56}. ومن هذه الفضائل: ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما: أن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة. فما أعظم هذا الثواب. ومن هذه الفضائل: ما في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه». رواه مسلم. ---------------- هذا حديث عظيم، جليل، جامع لأنواع من العلوم، والقواعد، والآداب، والفضائل، والفوائد، والأحكام. وفيه: إشارة إلى أن الجزاء من جنس العمل. وفيه: فضل قضاء حوائج المسلمين، ونفعهم بما تيسر من علم، أو مال أو نصح أو دلالة على خير، وفضل التيسير على المعسر. وفيه: فضل إعانة المسلم بما يقدر عليه؟ وفيه: فضل العلم الديني، وأنه سبب لدخول الجنة. وفيه: فضل الاجتماع على مدارسة القرآن خصوصا في المساجد.
وعلى طالب الحاجة والشفاعة أن لا يطلب الحوائج إلا من أهلها، ولا يطلبها في غير حينها، ولا يطلب ما لا يستحق منها، فإن من طلب من لا يستحق استوجب الحرمان، وليتخيَّر من الكلام أطيبَه، ومن القول أعجبَه، ولا لوم على من رُدَّت شفاعته ولو عظم قدر الشافع، فقد ردت امرأة شفاعة سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم- حينما قال لها: " لو راجعت زوجك فإنه أبو ولدك " قالت: يا رسول الله، أتأمرني؟ قال: " لا، إنما أنا شافع " قالت: فلا حاجة لي فيه" [متفق عليه]. وإذا قُضيت حاجة المرء فينبغي الثناء على الشافع وعلى المشفوع عنده، يقول عليه الصلاة والسلام: " لا يشكر الله من لا يشكر الناس " [أخرجه أحمد (2/295)، والبخاري في الأدب المفرد (218)، وأبو داود (4811)، والترمذي (1955) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (3407)، والألباني في صحيح الترغيب (973)]. ويقول: " من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه " [أخرجه أحمد (2/68)، والبخاري في الأدب المفرد (216)، وأبو داود (1672)، والنسائي (5/82) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-، وصححه ابن حبان (3408)، والحاكم (1/412)، والألباني في صحيح الترغيب (852)].