فاذهب فما بك والأيام من عجب [ ص: 7] والرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف ، كأنه قيل: والأرحام كذلك ، على معنى: والأرحام مما يتقى أو والأرحام مما يساءل به ، والمعنى أنهم كانوا يقرون بأن لهم خالقا ، وكانوا يتساءلون بذكر الله والرحم ، فقيل لهم: اتقوا الله الذي خلقكم ، واتقوا الذي تتناشدون به واتقوا الأرحام فلا تقطعوها. أو واتقوا الله الذي تتعاطفون بإذكاره وبإذكار الرحم ، وقد آذن عز وجل إذ قرن الأرحام باسمه ، أن صلتها منه بمكان ، كما قال: ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا: [الإسراء: 23] ، وعن الحسن: إذا سألك بالله فأعطه ، وإذا سألك بالرحم فأعطه ، وللرحم حجنه عند العرش ، ومعناه ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه -: الرحم معلقة بالعرش فإذا أتاها الواصل بشت به وكلمته ، وإذا أتاها القاطع احتجبت منه ، وسئل ابن عيينة عن قوله عليه الصلاة والسلام: "تخيروا لنطفكم". فقال: يقول لأولادكم وذلك أن يضع ولده في الحلال. وهو الذي خلقكم من نفس واحدة وشرائعهم. ألم تسمع قوله [ ص: 8] تعالى: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام: وأول صلته أن يختار له الموضع الحلال ، فلا يقطع رحمه ولا نسبه فإنما للعاهر الحجر ، ثم يختار الصحة ويجتنب الدعوة ، ولا يضعه موضع سوء يتبع شهوته وهواه بغير هدى من الله.
- وهو الذي خلقكم من نفس واحده ثم جعل منها زوجها
- وهو الذي خلقكم من نفس واحدة وشرائعهم
- افطر عندكم الصائمون واكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة
وهو الذي خلقكم من نفس واحده ثم جعل منها زوجها
([18]) تفسير الزمخشري (2/ 186). ([19]) أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (194)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ([20]) أخرجه البخاري (4476)، ومسلم (193).
وهو الذي خلقكم من نفس واحدة وشرائعهم
15509 -... قال: حدثنا محمد بن عبيد, عن إسماعيل, عن أبي صالح قال: لما حملت امرأة آدم فأثقلت, كانا يشفقان أن يكون بهيمة, فدعوا ربهما: (لئن آتيتنا صالحًا)، الآية. 15510 -... قال: حدثنا جابر بن نوح, عن أبي روق, عن الضحاك, عن ابن عباس قال: أشفقا أن يكون بهيمة. 15511 - حدثني القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج, عن ابن جريج قال: قال سعيد بن جبير: لما هبط آدم وحواء, ألقيت الشهوة في نفسه فأصابها, فليس إلا أن أصابها حملت, فليس إلا أن حملت تحرك في بطنها ولدها، (16) قالت: ما هذا؟ فجاءها إبليس, فقال [لها: إنك حملت فتلدين! قالت: ما ألد؟ قال]: (17) أترين في الأرض إلا ناقةً أو بقرة أو ضائنة أو ماعزة، أو بعض ذلك! (18) [ ويخرج من أنفك، أو من أذنك، أو من عينك]. (19) قالت: والله ما مني شيء إلا وهو يضيق عن ذلك! تأملات في قوله تعالى (هو الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ..) - إسلام أون لاين. قال: فأطيعيني وسميه " عبد الحارث " = [ وكان اسمه في الملائكة الحارث] = (20) تلدي شبهكما مثلكما! قال: فذكرت ذلك لآدم عليه السلام, فقال: هو صاحبنا الذي قد علمت! (21) فمات, ثم حملت بآخر, فجاءها فقال: أطيعيني وسميه عبد الحارث -وكان اسمه في الملائكة الحارث= وإلا ولدت ناقة أو بقرة أو ضائنة أو ماعزة, أو قتلته, فإني أنا قتلت الأول!
يقال منه: " أثقلت فلانة " إذا صارت ذات ثقل بحملها ، كما يقال: " أتمر فلان ": إذا صار ذا تمر. كما: -
15505 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط ، عن السدي: ( فلما أثقلت) ،: كبر الولد في بطنها. [ ص: 306]
قال أبو جعفر: ( دعوا الله ربهما) ، يقول: نادى آدم وحواء ربهما وقالا يا ربنا ، " لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين ". واختلف أهل التأويل في معنى " الصلاح " الذي أقسم آدم وحواء عليهما السلام أنه إن آتاهما صالحا في حمل حواء: لنكونن من الشاكرين. فقال بعضهم: ذلك هو أن يكون الحمل غلاما. 15506 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر قال: قال الحسن ، في قوله: ( لئن آتيتنا صالحا) قال: غلاما. وقال آخرون: بل هو أن يكون المولود بشرا سويا مثلهما ، ولا يكون بهيمة. 15507 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن زيد بن جبير الجشمي ، عن أبي البختري ، في قوله: ( لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين) قال: أشفقا أن يكون شيئا دون الإنسان. 15508 -... قال: حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن زيد بن جبير ، عن أبي البختري قال: أشفقا أن لا يكون إنسانا. وهو الذي خلقكم من نفس واحدة حول. 15509 -... قال: حدثنا محمد بن عبيد ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح قال: لما حملت امرأة آدم فأثقلت ، كانا يشفقان أن يكون بهيمة ، فدعوا ربهما: ( لئن آتيتنا صالحا) ، الآية.
هـ. وما ذكره الحافظ من الاحتمال، زال برواية الذين جزموا ممن تابعوا الإمام أحمد عن عبد الرزاق، وبرواية جعفر الضبعي أيضاً، فقد جزم فيها بأنه أنس، والله أعلم. أما طريق يحيى بن أبي كثير: فهي منقطعة؛ فإن يحيى لم يسمع هذا الحديث من أنس كما نصّ عليه أبو زرعة الرازي، كما في المراسيل لابن أبي حاتم (243)، وقال: " إن المرفوع في طريق يحيى هذا وهم، والصواب المرسل ". ا. هـ. وقال النسائي – في(سننه الكبرى: 6/82)–: "يحيى بن أبي كثير لم يسمعه من أنس". هـ. وكذا البيهقي في(الكبرى: 4/240)، قال بنحو مما قاله النسائي، وزاد: "وإنما سمعه عن رجلٍ من أهل البصرة، يقال له: عمرو بن زنيب، ويقال: ابن زبيب عن أنس ". هـ. افطر عندكم الصائمون واكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة. وعمرو هذا له ترجمة في (التاريخ الكبير: 6/332)، و(الجرح والتعديل: 6/233)، وذكره ابن حبان في (الثقات: 5/174)، وذكره ابن حجر في (التعجيل: 2/63)، وهو إلى المجاهيل أقرب، ولذلك لما أورد الهيثمي حديثاً من طريقه في (المجمع: 5/225) قال: " فيه عمرو بن زنيب،لم أعرفه ". هـ. وأما طريق قتادة: فقد رواها عنه عمـران القطـان، وهو صـدوق يهم، كما في (التقريب:429)، وعن عمران: شعيب بن بيان، قال الجوزجاني:"له مناكير"، وقال العقيلي: "يحدث عن الثقات بالمناكير، وكان يغلب على حديثه الوهم" – كما في (تهذيب التهذيب: 4/317)-، وعن شعيب: إبراهيم بن المستمر، قال عنه النسائي مرة: صدوق، وقال مرةً: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: "ربما أغرب" كما في (تهذيب التهذيب: 1/148).
افطر عندكم الصائمون واكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة
ومما سبق يتبين أنه لم يرد دعاء مخصوص لذلك الموضع، ولكن لو أجبته بجزاك الله خيراً، أو وإياكم، وما شابه، فلا بأس به؛ لأن أصل الدعاء للغير مشروع، ولكن دون أن تتخذ عادة مستمرة تتجدد بتجدد الزمان،، والله أعلم. 6
3
71, 275
والحديث مداره على مصعب بن
ثابت، وهو ضعيف، وبه ضعَّفه البوصيري في (المصباح: 1/309)، وفي الحديث علة أخرى،
وهي الانقطاع بين مصعب وجدِّه عبد الله، فقد ذكر المزي في (ترجمته: 28/19) أن
روايته عن جده مرسلة، ووافقه على ذلك أبو زرعة العراقي في كتابه (تحفة التحصيل:
305)، ومع ذلك فقد صححه ابن حبان، فلعله
صححه لشواهده الكثيرة التي تقدم ذكر بعضها، والله أعلم.