اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يقول تعالى ذكره: الله يختار من الملائكة رسلا كجبرئيل وميكائيل اللذين كانا يرسلهما إلى أنبيائه، ومن شاء من عباده ومن الناس, كأنبيائه الذين أرسلهم إلى عباده من بني آدم. ومعنى الكلام: الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس أيضا رسلا وقد قيل: إنما أنـزلت هذه الآية لما قال المشركون: أنـزل عليه الذكر من بيننا, فقال الله لهم: ذلك إلي وبيدي دون خلقي, أختار من شئت منهم للرسالة. وقوله ( إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) يقول: إن الله سميع لما يقول المشركون في محمد صلى الله عليه وسلم, وما جاء به من عند ربه, بصير بمن يختاره لرسالته من خلقه.
هل كانت الملائكة ترسل للناس، لهدايتهم إلى الحق؟ - الإسلام سؤال وجواب
إذاً: ذكر الركوع والسجود للمزية؛ ولأنهما علامة خضوع العبد لله سبحانه، ويظهر ذلك عندما يحني جبهته ويحني جسده لله تعالى، ويسجد على أشرف أعضائه، وهو وجهه فيجعله على الأرض مطيعاً لله رب العالمين. قال الله سبحانه: وَاعْبُدُوا رَبَّكُمُ [الحج:77] أي: ذللوا أنفسكم لربكم وأطيعوه فيما أمر، وانتهوا عما نهى عنه، وافعلوا الخير بجميع وجوهه لعلكم تفلحون. قال تعالى: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج:77] وقد علم الله عز وجل أن المفلحين الذين يفعلون ذلك. و(لعل) من الله عز وجل لا بد من تنفيذ ما ذكره سبحانه مرتبطاً بها، فهو أوجب على نفسه سبحانه أن يجعل دار الكرامة لمن أطاعه، ودار المهانة لمن عصاه، فقال هنا: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج:77]. ولعل معناها الرجاء عندنا فنحن نعمل الخير رجاء رضا الله وجنته، لكن الله تعالى قد علم الطائعين فأعد لهم جنته، والعاصين فأعد لهم ناره. تفسير قوله تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاده... )
قال تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ [الحج:78]، أمر الله العباد أن يجاهدوا في الله حق الجهاد، وحق الجهاد أن يكون الجهاد كله لله سبحانه وتعالى؛ وليس للنفس فيه حظ. فقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: ( أرأيت أحدنا يقاتل حمية، ويقاتل شجاعة، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).
وقيل: إن الوليد بن المغيرة قال: أو أنزل عليه الذكر من بيننا، فنزلت الآية. وأخبر أن الاختيار إليه سبحانه وتعالى. " إن الله سميع " لأقوال عباده. " بصير " بمن يختاره من خلقه لرسالته.
- جاء في بداية سُّورَة فُصِّلت وصف الأرض بــ (خَـٰشِعَةً)، وهذا وصفٌ مناسبٌ لبداية السّورة حيث وَرَدَ في البداية قوله تعالى (تَنزِیلࣱ مِّنَ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ)[2]، والخشوع وصفٌ مناسبٌ للقرآن. القاعدة: قاعدة ربط الموضع المتشابه بأوّل السُّورة. مُلاحظة/ آية الكهف (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ "وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً" وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)) قريبة من الآيات التي ضُبطت في هذا البند، لكن الآيات التي ضُبطت في هذا البند أكثر تشابهًا لبعضها فلم ندرج آية الكهف. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة فصلت - القول في تأويل قوله تعالى " ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت "- الجزء رقم21. ====القواعد==== * قاعدة الرّبط بين الموضع المتشابه واسم السّورة.. مضمون القاعدة: أنّ هناك [علاقة] في الغالب بين الموضع المتشابه واسم السّورة، إمّا [بحرف مشترك أو معنى ظاهر] أو غير ذلك، فالعناية بهذه العلاقة يعين -بإذن الله- على الضبط ــــ ˮ#قناة إتقان المتشابه" ☍...
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة فصلت - الآية 39
وقد أشار إلى هذا تذييله بقوله: { إنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة فصلت - القول في تأويل قوله تعالى " ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت "- الجزء رقم21
والخطاب في قوله: { أَنَّكَ} لغير معيّن ليصلح لكل سامع. والخشوع: التذلل ، وهو مستعار لحال الأرض إذا كانت مقحطة لا نبات عليها لأن حالها في تلك الخصاصة كحال المتذلّل ، وهذا من تشبيه المحسوس بالمعقول باعتبار ما يتخيله الناس من مشابهة اختلاف حالي القحولة والخصب بحالي التذلل والازدهاء. والاهتزاز حقيقته: مطاوعة هزّهُ ، إذا حرَّكه بعد سكونه فتحرّك. وهو هنا مستعار لربّو وجه الأرض بالنبات ، شبّه حال إنباتها وارتفاعها بالماء والنبات بعد أن كانت منخفضة خامدة بالاهتزاز. ويؤخذ من مجموع ذلك أن هذا التركيب تمثيل ، شُبه حال قحولة الأرض ثم إنزال الماء عليها وانقلابها من الجدوبة إلى الخِصب والإنباتتِ البهيج بحال شخص كان كاسف البال رثّ اللباس فأصابه شيء من الغنى فلبس الزينة واختال في مشيته زُهُوًّا ، ولذا يقال: هَز عطفيه ، إذا اختال في مشيته. وفي قوله: { خاشعة} و { اهْتَزَّتْ} مكنية بأن شبهت بشخص كان ذليلاً ثم صار مهتزًّا لعطْفيْه ورمز إلى المشبه بهما بذكر رديفيهما. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة فصلت - الآية 39. فهذا من أحسن التمثيل وهو الذي يقبل تفريق أجزائه في أجزاء التشبيه. وعطف { وَرَبَتْ} على { اهْتَزَّتْ} لأن المقصود من الاهتزاز هو ظهور النبات عليها وتحركه.
وبلدة خاشعة: أي: مغبرة لا منزل بها. ومكان خاشع. فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت أي بالنبات ، قاله مجاهد. يقال: اهتز الإنسان أي: تحرك ، ومنه:تراه كنصل السيف يهتز للندى إذا لم تجد عند امرئ السوء مطمعاوربت أي انتفخت وعلت قبل أن تنبت ، قاله مجاهد. أي: تصعدت عن النبات بعد موتها. وعلى هذا التقدير يكون في الكلام تقديم وتأخير وتقديره: ربت واهتزت. والاهتزاز والربو قد يكونان قبل الخروج من الأرض ، وقد يكونان بعد خروج النبات إلى وجه الأرض ، فربوها ارتفاعها. ويقال للموضع المرتفع: ربوة ورابية ، فالنبات يتحرك للبروز ثم يزداد في جسمه بالكبر طولا وعرضا. وقرأ أبو جعفر وخالد " وربأت " ومعناه عظمت ، من الربيئة. وقيل: اهتزت أي: استبشرت بالمطر وربت أي: انتفخت بالنبات. والأرض إذا انشقت بالنبات: وصفت بالضحك ، فيجوز وصفها بالاستبشار أيضا. ويجوز أن يقال: الربو والاهتزاز واحد ، وهي حالة خروج النبات. وقد مضى هذا المعنى في " الحج "إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير تقدم في غير موضع. ﴿ ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنـزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحي الموتى إنه على كل شيء قدير ﴾ [ فصلت: 39] سورة: فصلت - الأية: ( 39)
- الجزء: ( 24)
-
الصفحة: ( 481)