[٢] القول الثاني: نزلت بأبي لهبٍ لأنَّه كان ينطلق إلى الوفود التي كانت تأتي لمقابلة رسول الله، ويُخبرهم بأنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ما هو إلَّا ساحرٌ كذاب، ثمَّ جاء وفدٌ وأصرَّ على مقابلة النبيِّ، فقال لهم أبو لهب إنَّ النبيَّ ما زال تحت العلاج تبًا له، فبلغ ذلك النبيَّ فحزن، فنزلت السورة الكريمة. مكان نزول سورة المسد
يُمكن القول بأنَّ مكان نزول سورة المسد هو مكةَ المكرمة، وذلك استنباطًا من حديث ابن عباس الذي بيَّن سبب نزولها، حيث قال: (صَعِدَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- الصَّفَا ذَاتَ يَومٍ) ، [٢] كما أنَّ سورة المسد تعدُّ أساسًا من السور المكيةِ. [٣]
ترتيب نزول سورة المسد
تعدُّ سورة المسد السورة السادسة من سور القرآن الكريم من حيث ترتيب النزول، حيث نزلت هذه السورة عقبَ نزول سورةِ الفاتحةِ وقبل نزولِ سورة الكوثر، [٤] وقيل إنَّها نزلت بعد سورة الفتح، [٥] ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ هناك مناسبةً بين سورة المسد وما قبلها وما بعدها من السور بحسب ترتيب المصحف العثماني، وفيما يأتي بيان ذلك:
مناسبة سورة المسد لما قبلها: بيَّنت سورة النصرِ أنَّ عاقبة المسلمِ المطيع الذي دخل في دين الله هو النصرَ في الدنيا، والثواب الجزيل في الآخرة، ثمَّ جاءت سورة المسد لتبيِّن أنَّ العاصي الذي بقي على كفره مآله الخسارة في الدنيا والعذاب في الآخرة.
سبب نزول سورة المسد - موضوع
تفسير سورة المسد للأطفال - YouTube
سورة المسد ، قصه نزول سورة المسد ، تفسير ايات سورة المسد - منتديات ال باسودان
المراجع ↑ أبو عمر عبد الحي بن يوسف، دروس الشيخ عبد الحي يوسف ، صفحة 21، جزء 24. بتصرّف. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4801، حديث صحيح. ↑ أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي البلخى (1423)، تفسير مقاتل بن سليمان (الطبعة 1)، صفحة 911، جزء 4. بتصرّف. ↑ محمد سيد طنطاوي (1998)، التفسير الوسيط (الطبعة 1)، القاهرة:دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، صفحة 533، جزء 15. ^ أ ب محمد الأمين الهرري (2001)، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (الطبعة 1)، بيروت:دار طوق النجاة، صفحة 416، جزء 32. بتصرّف. ↑ محمد الأمين الهرري (2001)، تفسير حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن (الطبعة 1)، بيروت:دار طوق النجاة، صفحة 435، جزء 32. بتصرّف. سبب نزول سورة المسد - سطور. ↑ عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني ، صفحة 10، جزء 255. بتصرّف.
سبب نزول سورة المسد - سطور
والجِيد: العُنُق؛ فالمراد بهذا الحبل في عنقها: السلسلة التي ذكرها الله تعالى في النار، طولها سبعون ذراعًا، والمعنى: أن تلك السلسلة قد فتلت فتلًا محكمًا، فهي في عنقها تعذب بها في النار. وهلك أبو لهب بمرض (العدسة) بعد وقعةِ بدر بسبعِ ليالٍ، وإن لم يشاركْ فيها، فلقد تركه بنوه ليلتين أو ثلاثًا لم يدفنوه حتى أنتن في بيته، وكانت قريش تتقي العدسة كما يتقي الناس الطاعون، حتى قال لابنيه رجلٌ من قريش: وَيْحَكُما ألا تستحيان؛ إنَّ أباكما قد أنتن في بيتكما لا تدفنانه؟ قالا: إنا نخشى منه، قال: فانطلقا فأنا معكما، فما غسلوه إلا قذفًا بالماء عليه مِن بعيد فما يمسُّونه! كرتون قصه سوره المسد للاطفال. ثم احتملوه ودفنوه بأعلى مكة، فهلك كما أخبر عنه القرآنُ الكريم، ومات شرَّ ميتة، فكل من أبغض النبيَّ صلى الله عليه وسلم وعاداه فإن الله يقطع دابرَه، ويمحق عينه وأثره، وهذا تحقيقٌ وتصديق لقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]. [1] وهنا يتجلَّى لنا صبرُ وحِلْم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو كما وصفه ربُّه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، فما رد على عمِّه بالسب، ولا ضربه، ولا حرض عليه، ويا ليت الشباب المتهور اليوم ودعاتهم يقتدون برسولهم الذي قال لهم ربهم فيه: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، وما ظهرتْ بدعةٌ، ولا حلَّت مصيبةٌ في الأمة الإسلامية قط إلا من الهمج الرعاع أتباعِ كلِّ ناعق.
وعن طارق بن عبدالله المحاربي قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق ذي المجاز، وعليه حُلَّة حمراء، وهو يقول: ((يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا))، ورجل يتبعه يرميه بالحجارة، وقد أدمى عرقوبيه وكعبيه، وهو يقول: يا أيها الناسُ، لا تطيعوه؛ فإنه كذَّاب، فقلتُ: مَن هذا؟ قيل: هذا غلام بني عبدالمطلب، قلتُ: فمَن هذا الذي يتبعه يرميه بالحجارة؟ قال: هذا عبدُالعُزَّى أبو لهب؛ (التعليقات الحِسان على صحيح ابن حبان) [1]. قال الفرَّاء: التبُّ الأوَّل دعاء، والثاني خبر، كما يقال: أهلكه الله، وقد هلك، ويؤيد ذلك قراءة ابن مسعود وأبَيٍّ: "وقد تب". فكلُّ قارئٍ لهذه السورة يدعو على أبي لهب بالخسران إلى أن يرثَ الله الأرض ومَن عليها!
عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِه، لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعرُوف، وَلَتَنهَوُنَّ عَنِ المُنْكَر؛ أَو لَيُوشِكَنَّ الله أَن يَبْعَثَ عَلَيكُم عِقَاباً مِنْه، ثُمَّ تَدعُونَه فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُم». [ حسن. ] - [رواه الترمذي وأحمد. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المائدة - الآية 79. ] الشرح
قوله -عليه الصلاة والسلام-: "والذي نفسي بيده" هذا قسم، يقسم فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالله؛ لأنه هو الذي أَنْفُسُ العباد بيده -جل وعلا-، يهديها إن شاء، ويضلها إن شاء، ويميتها إن شاء، ويبقيها إن شاء، فالأنفس بيد الله هداية وضلالة، وإحياء وإماتة وتصرفًا وتدبيرًا في كل شيء، كما قال الله -تبارك وتعالى-: (ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها)، فالأنفس بيد الله وحده؛ ولهذا أقسم النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يقسم كثيرًا بهذا القسم: (والذي نفسي بيده)، وأحيانًا يقول: "والذي نفس محمد بيده"؛ لأن نفس محمد -صلى الله عليه وسلم- أطيب الأنفس، فأقسم بها؛ لكونها أطيب الأنفس. ثم ذكر المقسم عليه، وهو أن نقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ أو يعمنا الله بعقاب من عنده، حتى ندعوه فلا يستجيب لنا، وهذا بيان لأهمية الأمر بالمعروف كالصلاة والزكاة وأداء الحقوق، وأهمية النهي عن المنكر كالزنى والرب وسائر المحرمات، وذلك بالفعل لمن له سلطة كالأب في بيته ورجال الحسبة والشرطة، أو بالقول الحسن وهذا لكل أحد، أو بالقلب مع مفارقة مكان المنكر، وهذا لمن لا يستطيع الإنكار بالفعل أو بالقول.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة المائدة - الآية 79
، ولهذا لا يثبت في هذا ولا يجترئ عليه إلا من له قلب ثابت ويقين راسخ وشجاعة، قد يذهب الكثير إلى ساحات المعارك ويقاتلون، لكن لو طُلب من هؤلاء أن يذهبوا إلى سلطان فيأمرونه وينهونه فإن عامة هؤلاء لا يستطيعون ذلك، بل أقل من هذا قد لا يستطيع أن يذهب إلى جاره فينكر عليه المنكر، يقول له: نحن لا نراك تصلي معنا في المسجد، أو يقول له: يا فلان أنا رأيت ابنتك متبرجة، وهذا لا يليق بكم، لا يجرؤ على جاره، ولا يملك حولاً ولا طولا، فكيف يجرؤ على سلطان وهو يشعر أنه بين يديه فقد يفتك به، وقد يعاقبه بألوان العقوبات وقد انفرد بذلك؟! ، لا شك أن هذا أمر عظيم، ولهذا كان هذا أفضل الجهاد كما قال النبي ﷺ. وكذلك في حديث أبي عبد الله طارق بن شهاب البجلي الأحمسي وهو من مخضرمي الصحابة، شهد الجاهلية والإسلام وعمر طويلاً حتى مات في حدود سنة ثلاث وثمانين للهجرة. يقول: أن رجلاً سأل النبي ﷺ وقد وضع رجله في الغَرْز -سيركب الدابة- فقال: أي الجهاد أفضل؟، قال: كلمة حق عند سلطان جائر. رواه النسائي وهذا يؤكد الحديث السابق، والغَرْز: ركاب كَوْر الجمل إذا كان من جلد أو خشب، وقيل: لا يختص بذلك، ويكون عليه شيء يجلس عليه الراكب، ويكون فيه شيء من ناحيتيه يضع الراكب فيه رجله من أجل أن يركب عليه، وهو بمنزلة السرج من الفرس، يقال له: ركاب، هذا، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب العافية والسلامة من العقوبات العامة، وتقدَّم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتِحَ اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثلُ هذه وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى، فقالت له زينب: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال النبي ﷺ: نعم، إذا كثر الخبث ، وتقدم ما يروى عنه أنه ﷺ قال: لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذنَّ على يد السفيه، ولتأطرنه على الحقِّ أطرًا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعضٍ، ثم يلعنكم كما لعنهم. فالواجب على المؤمنين جميعًا: التآمر بالمعروف، والتناهي عن المنكر، والحذر من الإعراض عن ذلك، والتساهل في ذلك، فإن خطره عظيم. ويقول ﷺ: لتأمرنَّ بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذابًا من عنده، ثم تدعونه فلا يستجيب لكم ، يعني: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب حلول العقوبات، ومن أسباب عدم إجابة الدعاء. وتقدم قوله ﷺ: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ، فالواجب على مَن له قدرة –كالسلطان، والأمير، والإنسان في بيته، والهيئة على حسب صلاحيتها- أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالفعل والقول جميعًا، أما مَن ليس له سلطة فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بالكلام والرفق والحكمة، فإن عجز فبالقلب، يكرهه بقلبه، ولا يحضر المنكر.