هل ُأُوفِي الوعدُ؟ والحكم متروك للقارئ، وربما له أيضا أن يجدد الحوار، هنا حيث، بدوره، يفك شفرة التزامه الخاص في مراسلة مثل هذه. لنكرر هذا، مراسلة انتظمت وفق مشروع للنشر المفترض، واكتشافا لسر. بقوة الأشياء، هذه المراسلة، مفهرسة، محددة باختلاف متضارب في الأصل، وبعلاقة مفارقة بالمقدس، صورة الواحد، وما لا يقبل التجسيم. ستتعرف الآخر وجها لوجه، بشرف ودون لعبة اجتماعية. أي وجه يستجد، ويلوح في صورة هذه المراسلة الدائرية. بأي تبادل يتعلق الأمر؟ بأي تقاسم للتوقيع يتعلق الأمر كذلك؟ بأي اعتراف؟
كانت هذه المراسلة، وكما هي الآن، وستكون دوما، مراسلة مُفَارِقَة، كل واحد لحسابه، ووجها لوجه. عبر الصراعات الحادة التي تربط كلا من تاريخ العرب واليهود، كيف نتقدم نحو الآخر، نحو الغريب، مع تعزيز التفرد الخاص؟ كيف نخاطب، كما نقول، أخا غير قابل للاختزال؟
لهذا فإن هذا التمرين على الغيرية يقع تحت قانون اللغة والكتابة. هو تمرين، من بين تمارين أخرى، على الاعتراف. ص86 - كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية - باب بيان الأخبار المبينة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه بما يكون بينه وبين الساعة من الفتن والدليل على أن أحفظهم لها حذيفة - المكتبة الشاملة. ونحو هذا الغريب- كيفما كان وبغض النظر عن أصله- يتجه هذا الكتاب. نفس الكتاب؟ مهما تكونوا، أيها القراء، نضع بين أيديكم هذه المراسلة وقد كتبت على طرس حكاية الألفية.
- ص86 - كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية - باب بيان الأخبار المبينة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه بما يكون بينه وبين الساعة من الفتن والدليل على أن أحفظهم لها حذيفة - المكتبة الشاملة
- * الحكمة من مشروعية الحجاب
- الحكمه من مشروعيه الحج والعمره
ص86 - كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية - باب بيان الأخبار المبينة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه بما يكون بينه وبين الساعة من الفتن والدليل على أن أحفظهم لها حذيفة - المكتبة الشاملة
ورد في كتاب "التشتيت" La dissémination "تكون المقدمة لنص فلسفي غير مجدية ولا حتى ممكنة". فهل كتب الخطيبي مقدمة فلسفية؟ هذا الحكم القاطع لجاك دريدا يعفينا من إثارة هذا السؤال أصلا؛ فكتابة الخطيبي المتعددة، لا تيسر تأطيره في خانة معينة، فالخطيبي ليس رجل المفاهيم، ولا نعثر له على كتاب فلسفي بالمواصفات الفلسفية، إذا استثنينا "كلمته" التي قدم بها الكتاب الفلسفي لعبد السلام بنعبد العالي: "الميتافيزيقا، العلم والإيديولوجيا". ويكاد المنجز الإبداعي لعبد الكبير الخطيبي، يخلو من مقدمات، باستثناء كتابه المسرحي الآنف الذكر. والذي استهله بديباجة Prologue. لكن، من يقرأ منا كتابا بدءا من مقدمته؟ من يقرأ مثلا، مقدمة "لسان العرب" لابن منظور (1232-1311). الجواب السهل: قليلون نادرون هم من يقوم بذلك. يكشف الناقد عبد الفتاح كيليطو، في إحدى شهادات عن قراءته لمقدمة ابن منظور، وهو أمر قد لا يعني شيئا، للكثيرين من متصفحي هذا المعجم النفيس. ليذكر ما قاله: "جمعت هذا الكتاب في زمن أهله بغير لغته يفخرون…وسميته لسان العرب". حظيت مقدمة ابن خلدون بذيوع صيتها، أكثر من كتابه المقصود بها: "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الاكبر".
١٢٦٣٤ - حدثنا مسلم بن الحجاج، وعبد المؤمن بن أحمد يجُندَيْسَابُور (١) في قدمتي الثانية، قالا: حدثنا سهل بن عثمان أبو مسعود، حدثنا عقبة بن خالد السّكوني، عن عبيد الله بن عمر (٢) ، عن خُبَيب بن عبد الرحمن (٣) ، عن حفص بن عاصم (٤) ، عن أبي هريرة قال: ⦗٨٧⦘ قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك الفراتُ يحسر عن كننر من ذهب، فمن حضر فلا يأخذْ منه شيئًا" (٥). (١) جنديسابور -بضم الجيم، وسكون النون، وفتح الدال المهملة، وسكون الياء المنقوطة من تحتها بنقطتين، وفتح السين المهملة، بعدها الألف والباء المنقوطة بنقطة، بعدها واو وراء مهملة-: بلدة من بلاد كور الأهواز، وهي خوزستان. انظر: الأنساب (٢/ ٩٤)، معحم البلدان (٢/ ١٧٠). (٢) عبيد اللّه بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العدوي العمري. (٣) خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب الأنصاري المدني. (٤) حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري. ثقة. كما في التقريب (ترجمة ١٤٠٧). (٥) أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب ٤/ ٢٢١٩، حديث رقم ٣٠). وأخرجه البخاري في صحيحه (كتاب الفتن، باب خروج النار (٩/ ٥٨، حديث رقم ٧١١٩) عن عبد اللّه بن سعيد الكندي، عن عقبة بن خالد، به.
فنأمل أن تكون الحكمة من وجود محرم مع المرأة في السفر ليحفظها ويرعاها قد اتضحت
لك. وتقصير بعض الرجال في القيام بواجبهم ، أو وجود بعض الحالات التي لا يتبين فيها وجه
المصلحة من وجود المحرم بشكل ظاهر ، لا يغير من الحكم شيئاً ؛ لأن العبرة بالغالب
العام من أحوال الناس لا القليل النادر. والله أعلم.
* الحكمة من مشروعية الحجاب
ومن المعقول:
فهو أن العبادات وجبت لحق العبودية، أو لحق شكر النعمة؛ إذ كل ذلك لازم في العقول، وفي الحج إظهارُ العبودية وشكر النعمة:
أما إظهار العبودية، فلأن إظهار العبودية هو إظهار التذلُّلِ للمعبود، وفي الحج ذلك؛ لأن الحاج في حال إحرامِه يُظهِر الشعث، ويرفُضُ أسباب التزيُّن والارتفاق، ويتصوَّر بصورة عبدٍ سخِط عليه مولاه، فيتعرَّض بسوء حاله لعطفِ مولاه ومرحمته، وفي حال وقوفِه بعرفة بمنزلة عبدٍ عصى مولاه فوقَف بين يديه متضرِّعًا، حامدًا له، مثنيًا عليه، مستغفرًا لزلاَّته، مستقيلاً لعثراته، وبالطواف حول البيت يلازم المكان المنسوب إلى ربه بمنزلة عبدٍ معتكِفٍ على باب مولاه لائذٍ بجنابه. * الحكمة من مشروعية الحجاب. أما شكر النعمة، فلأن العبادات بعضُها بدنية وبعضُها مالية، والحج عبادةٌ لا تقوم إلا بالبدن والمال؛ ولهذا لا يجب إلا عند وجوب المال وصحَّة البدن، فكان فيه شكرُ النعمتينِ، وشكرُ النعمةِ ليس إلا استعمالها في طاعة المنعم [8]. حكمة مشروعية الحج:
للحج منافعُ كثيرة، قال - تعالى -: ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ ﴾ [الحج: 28]، هذه المنافع تعودُ على المسلمين جميعًا، وإن لم يكن فيه سوى مشاهدةِ بيت الله الحرام، لكفى. • ومن الحِكَم في الحج أن المساواةَ تتَّضِح في أبهى صورِها؛ حيث يجتمعُ المسلمون في مكانٍ واحد في وقت واحد، الكل قد أظلَّتْهم روحانيةٌ غامرة، الكلُّ متذلِّل خاشع لله يتمنَّى من الله - تعالى - الرحمة والمغفرة [9].
أجرى الله حكمتَه في تنوُّع العبادات؛ ليربي المسلمين تربية مثالية، تَجعل من أهلها قدوةً صالِحَةً، تنجذب إليهم بسبها أغلبيةُ البشرية المتطلِّعة إلى التحرُّر الصحيح والحضارة الحقيقية، وهذان لا يحصلان أبدًا في مُجتمع يخضع بعضه أو أغلبه لضغوطِ أفراد، ومطالبهم، وتشريعاتهم النابعة من أهوائهم، والخادمة لأغراضهم، والمقدسة والحامية لأشخاصهم فقط، فإنَّ هذا مجتمع متخلف مستعبد؛ لأَنَّ بعضَه أرباب وغالبيته عبيد، فهم مهما حاولوا قلبَ الحقيقة بدعوى التقدميَّة والتحرير، فإنَّها تقدمية إلى العذاب العاجل في الدُّنيا من البؤس، والشقاء، والتنكيل، وفساد الأعراض، وإهدار الكرامة. إنَّها تقدمية نَحو البهيمية، بل البهيمية أفضل، وإنَّها تَحرير من الإنسانية وانسلاخ عنها، وإنَّما يحصل التحرُّر الصحيح، والتطوُّر النافع، والتقدمية الحضارية الصحيحة باطراح هذه الجاهليات الجديدة، التي هي أفظع وأشنع وأسفل من الجاهلية الأولى، التي حارَبَها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وواصل أصحابه من بعده مُحاربتها، وأقاموا الحضارةَ الإسلامية المعروفة التي لا ترى في الدُّنيا كلها من خير إلاَّ وهو من بقاياها وآثارها، وحَرَّروا أكثرَ العالم من رِقِّ الطواغيت السياسيين والرُّوحانيين.
الحكمه من مشروعيه الحج والعمره
المبحث الأوَّل: مشروعيَّةُ السَّعْيِ السَّعيُ بين الصَّفا والمروة مشروعٌ في الحجِّ والعُمْرة الأدِلَّة: أوَّلًا: مِنَ الكِتاب قَولُه تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة: 158] ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ 1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((طاف رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وطاف المسلمون، فكانت سُنَّةً)) رواه مسلم (1277). 2- وعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رأينا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحرم بالحجِّ، وطاف بالبيتِ، وسعى بين الصَّفا والمروةِ)) رواه مسلم (1233). المبحث الثَّاني: أصلُ السَّعْيِ أصلُ مشروعيَّةِ السَّعْيِ هو سعيُ هاجرَ عليها السَّلامُ، عندما ترَكَها إبراهيمُ مع ابنِهِما إسماعيلَ عليهما السلام بمكَّة، ونَفِدَ ما معها من طعامٍ وشرابٍ، وبدأت تشعُرُ هي وابنُها بالعطشِ؛ فسَعَتْ بين الصَّفا والمروةِ سَبْعَ مرَّاتٍ طلبًا للماءِ؛ يقول ابنُ عبَّاسٍ: وجعلَتْ أمُّ إسماعيلَ تُرْضِعُ إسماعيلَ وتَشْرَبُ من ذلك الماءِ، حتى إذا نَفِد ما في السِّقاءِ عَطِشَت وعَطِشَ ابنُها، وجعلت تنظرُ إليه يتلوى- أو قال: يتلبَّطُ يتلبَّط: أي يتقلَّب في الأرض.
((أضواء البيان)) (4/481). انظر أيضا:
الفصل الأوَّل: تعريفُ السَّعيِ بين الصَّفا والمروةِ. الفصل الثَّالث: حُكْمُ السَّعيِ والتطَوُّعِ به. الفصل الرابع: الموالاةُ بين السَّعيِ والطَّوافِ. الفصل الخامس: شُروطُ السَّعيِ.