قال هي عصاي نسبها عليه السلام إلى نفسه تحقيقا لوجه كونها بيمينه وتمهيدا لما يعقبه من الأفاعيل المنسوبة إليه عليه السلام ، واسمها على ما روي عن مقاتل نبعة. وكان عليه السلام قد أخذها من بيت عصى الأنبياء عليهم السلام التي كانت عند شعيب حين استأجره للرعي هبط بها آدم عليه السلام من الجنة وكانت فيما يقال من آسها. وقال وهب: كانت من العوسج وطولها عشرة أذرع على مقدار قامته عليه السلام. وقيل: اثنتا عشرة ذراعا بذراع موسى عليه السلام. وذكر المسند إليه وإن كان هو الأصل لرغبته عليه السلام في المناجاة ومزيد لذاذته بذلك. وقرأ ابن أبي إسحاق والجحدري ( عصي) بقلب الألف ياء وإدغامها في ياء المتكلم على لغة هذيل فإنهم يقلبون الألف التي قبل ياء المتكلم ياء للمجانسة كما يكسر ما قبلها في الصحيح. قال شاعرهم: سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم فتخرموا ولكل جنب مصرع
وقرأ الحسن ( عصاي) بكسر الباء وهي مروية عن أبي ابن إسحاق أيضا وأبي عمرو ، وهذه الكسرة [ ص: 175] لالتقاء الساكنين كما في البحر. وعن ابن أبي إسحاق ( عصاي) بسكون الياء كأنه اعتبر الوقف ولم يبال بالتقاء الساكنين ، والعصا من المؤنثات السماعية ولا تلحقها التاء ، وأول لحن سمع بالعراق كما قال الفراء: هذه عصاتي وتجمع على عصي بكسر أوله وضمه وأعص وأعصاء أتوكأ عليها أي أتحامل عليها في المشي والوقوف على رأس القطيع ونحو ذلك وأهش بها أي أخبط بها ورق الشجر وأضربه ليسقط على غنمي فتأكله.
قصص الأنبياء.. نبي الله موسى (3 ): قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا - Youtube
القول في تأويل قوله تعالى: ( قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى ( 18))
يقول تعالى ذكره مخبرا عن موسى: قال موسى مجيبا لربه ( هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي) يقول: أضرب بها الشجر اليابس فيسقط ورقها وترعاه غنمي ، يقال منه: هش فلان الشجر يهش هشا: إذا اختبط ورق أغصانها [ ص: 293] فسقط ورقها ، كما قال الراجز: أهش بالعصا على أغنامي من ناعم الأراك والبشام
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، عن قتادة ، في قوله ( وأهش بها على غنمي) قال: أخبط بها الشجر. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( وأهش بها على غنمي) قال: أخبط. حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ( وأهش بها على غنمي) قال: كان نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم يهش على غنمه ورق الشجر. حدثني موسى ، قال: ثنا عمرو ، قال: ثنا أسباط ، عن السدي ( وأهش بها على غنمي) يقول: أضرب بها الشجر للغنم ، فيقع الورق. حدثني يونس ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: قال ابن زيد ، في قوله ( هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي) قال: يتوكأ عليها حين يمشي مع الغنم ، ويهش بها ، يحرك الشجر حتى يسقط ورق الحبلة وغيرها.
القران الكريم |فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ
حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا يحيى بن واضح ، قال: ثنا الحسن ، عن عكرمة ( وأهش بها على غنمي) قال: أضرب بها الشجر ، فيسقط من ورقها علي. حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، قال: ثنا علي بن الحسن ، قال: ثنا حسين ، قال: سمعت عكرمة يقول ( وأهش بها على غنمي) قال: أضرب بها الشجر ، فيتساقط الورق على غنمي. [ ص: 294]
حدثت عن الحسين ، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد ، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( وأهش بها على غنمي) يقول: أضرب بها الشجر حتى يسقط منه ما تأكل غنمي. وقوله ( ولي فيها مآرب أخرى) يقول:
ولي في عصاي هذه حوائج أخرى ، وهي جمع مأربة ، وفيها للعرب لغات ثلاث: مأربة بضم الراء ، ومأربة بفتحها ، ومأربة بكسرها ، وهي مفعلة من قولهم: لا أرب لي في هذا الأمر: أي لا حاجة لي فيه ، وقيل أخرى وهن مآرب جمع ، ولم يقل أخر ، كما قيل: ( له الأسماء الحسنى) وقد بينت العلة في توجيه ذلك هنالك. وبنحو الذي قلنا في معنى المآرب ، قال أهل التأويل. حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، قال: ثنا حفص بن جميع ، قال: ثنا سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله: ( ولي فيها مآرب أخرى) قال: حوائج أخرى قد علمتها. حدثني علي ، قال: ثنا عبد الله ، قال: ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( ولي فيها مآرب أخرى) يقول: حاجة أخرى.
إذن لا تبدو الأنباء الآتية من موسكو طيّبة لصهر العهد، كما هي كذلك لمنافسه الزعيم الشمالي. لكن حتى موعد الانتخابات الرئاسية، تبقى الآفاق مفتوحة على شتّى أنواع المفاجآت. الم صدر: أساس