حديث كل بدعة ضلالة ؟ الشيخ مصطفي العدوي - YouTube
الجمع بين حديث: (كل بدعة ضلالة ...) وحديث: (من سن في الإسلام...) - هوامير البورصة السعودية
وقال ابن العربي رحمه الله: والذي عندي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بفساد الأمر ووضعه في غير أهله، حتى توضع الولاية في العبيد، فإذا كانت فاسمعوا وأطيعوا؛ تغليبًا لأهون الضررين، وهو الصبر على ولاية من لا تجوز ولايته؛ لئلا يغير ذلك فيخرج منه إلى فتنة عمياءَ صماءَ، لا دواء لها، ولا خلاص منها [8]. والسمع والطاعة هنا ليسا على الإطلاق، بل هما مقيدان بما كان وفق كتاب الله وسنة رسوله؛ كما في الحديث: ((ما أقام فيكم كتاب الله)) [9] ، ولحديث: ((إنما الطاعة في المعروف)) [10] ، ولحديث: ((ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)) [11]. ((فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا)) هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما وقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف في أصول الدين وفروعه، وفي الأعمال والأقوال والاعتقادات، وهذا موافقٌ لما ثبت عنه من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة، وأنها كلها في النار إلا فرقة واحدة، وهي ما كان عليه أصحابه؛ ولذلك قال: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين))؛ أي: الطريقة القويمة التي تجري عليها السنن، وهي السبيل الواضحة، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين يعني الذين شملهم الهدى، وهم الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم أجمعين.
شرح حديث
(أوصيكم بتقوى الله عز وجل والسمع والطاعة)
عن أبي نجيحٍ العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعَظَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنها موعظة مودعٍ، فأوصنا، قال: ((أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبدٌ؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل بدعةٍ ضلالةٌ))؛ رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. (2) “حسن المقالة في حديث كل بدعة ضلالة” – الموقع الرسمي للدكتور وليد ابن الصلاح. ترجمة الراوي:
العرباض بن سارية السلمي، يكنى أبا نجيح، روى عنه ابنته أم حبيبة، وعبدالرحمن بن عمرو السلمي، وجبير بن نفير، قال الذهبي: قال عتبة بن عبد: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم سبعة من بني سليم، أكبرنا العرباض بن سارية، فبايعناه. وقال محمد بن عوف: منزله بحمص عند قناة الحبشة، وهو وعمرو بن عَبَسَةَ كل منهما يقول: أنا ربع الإسلام، لا يدرى أيهما أسلم قبل صاحبه، قال الذهبي: لم يصحَّ أن العرباض قال ذلك [1]. وعن شعبة عن أبي الفيض، سمع أبا حفص الحمصي يقول: أعطى معاوية المقداد حمارًا من المغنم، فقال العرباض بن سارية: ما كان لك أن تأخذه، ولا له أن يعطيك، كأني بك في النار تحمله، فرده، قال أبو مسهر وغيره: توفي العرباض سنة خمس وسبعين [2].
(2) “حسن المقالة في حديث كل بدعة ضلالة” – الموقع الرسمي للدكتور وليد ابن الصلاح
زاد النسائي بإسناد حسن: وكل ضلالة في النار، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد، أي: فهو مردود متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردخرجه مسلم في صحيحه. فالواجب على علماء الإسلام أن يوضحوا البدع للناس وأن ينكروها وأن يرشدوا الناس إلى تركها، وهي الإحداث في الدين، وهي أن يشرع الإنسان شيئاً ما شرعه الله، هذا هو البدعة إحداث شيء ما شرعه الله من صلاة أو صوم أو غير ذلك على وجه ما شرعه الله، فهذا يسمى بدعة. كأن يقول مثلاً: أنه يشرع للناس أن يصوموا يوم الجمعة تطوعاً بها، هذا بدعة الرسول ﷺ نهى عن إفرادها بالصوم: نهى أن تفرد الجمعة بالصوم إلا أن يصوم قبلها يوم أو بعدها يوم فالذي يقول: إنها تصام وأنه مشروع قد ابتدع وخالف الأحاديث الصحيحة، أو يقول: أنه يشرع للناس أن يصلوا صلاة ذات ركوعين أو ذات ثلاثة سجودات في الركعة أو ما أشبه ذلك لأن هذا بدعة، إلا ما جاء به النص في صلاة الكسوف فيها ركوعان وفيها ثلاثة ركوعات كما في الأحاديث الصحيحة مع سجدتين في كل ركعة، ولكن إذا قال: يشرع أن يركع ركوعين في الصلاة في كل ركعة غير صلاة الكسوف صار هذا بدعة.
منزلة الحديث:
♦ هذا الحديث حديث جليل، يحتوي على علوم فيها الحث على التقوى، والسمع والطاعة في غير معصية، والإخبار عن اختلاف الناس في المستقبل، فيلزم من ذلك التمسك بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين، وترك البدع المضلة [3]. ♦ وقد اشتمل على وصية أوصاها الرسول صلوات الله وسلامه عليه لأصحابه وللمسلمين عامة من بعده، وجمع فيها التقوى لله عز وجل، والسمع والطاعة لأئمة المسلمين، وفي هذا تحصيل سعادة الدنيا والآخرة، كما أوصى الأمة بما يكفل لها النجاة والهدى إذا اعتصمت بالسنة، ولزمت الجادة، وتباعدت عن الضلالات والبدع [4]. ♦ قال ابن العطار رحمه الله: هذا الحديث معجزةٌ وعَلَمٌ من أعلام النبوة [5]. غريب الحديث:
♦ موعظة: هو التذكير بالعواقب. ♦ وَجِلَت: خافت. ♦ ذرفت: سالت. ♦ الراشدين: جمع راشد، وهو من عرف الحق واتبعه. ♦ النواجذ: جمع ناجذ، وهو آخر الأضراس. ♦ محدثات الأمور: هي الأمور المحدثة في الدين وليس لها أصل في الشريعة، وهي مذمومة. ♦ ضلالة: بعد عن الحق. شرح الحديث:
((وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً)) الوعظ هو التذكير المقرون بالترغيب أو الترهيب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة، ولا يكثر عليهم؛ مخافة السآمة.
المعنى الحقيقي لحديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم&Quot; كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار&Quot; | قالوا - Youtube
اهـ
وقال النووي: قوله صلى الله عليه و سلم "وكل بدعة ضلالة" هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع. اهـ([5])
وإذا كان الحديث مخصوصا بما ذكرنا فلا يصح الاحتجاج بعمومه. فإن قيل: لا نسلّم أن الحديث عام مخصوص، بل هو باق على عمومه، وما ذكرتم أننا نخصه ……انتظره
ـــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر: حقيقة البدعة وأحكامها، للغامدي 1/436، 441. [2] وفي ذلك يقول الغامدي في كتابه حقيقة البدعة وأحكامها (1/ 359) تعقيبا على قول الغزالي " (فليس كل ما أبدع منهيا ً عنه، بل المنهي بدعة تضاد سنة ثابتة، أو ترفع أمرا ً من الشرع مع بقاء علته …) " قال الغامدي: قوله: (فليس كل ما أبدع منهيا ً عنه) يحتمل البدع الشرعية والبدع الدنيوية، فأما الشرعية فمنهي ٌ عنها كلها بلا استثناء، وأما الدنيوية فالأصل فيها الإباحة ويدخلها الابتداع بالشروط السابقة في الفصل السابق". ([3]) فتح الباري 13 / 253، 254. ([4]) مشارق الأنوار على صحاح الآثار – (1 / 81)
([5]) شرح النووي على مسلم – (6 / 154)، الديباج على مسلم للسيوطي (2 / 445)، شرح الزرقاني على الموطأ (1 / 340)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري – (8 / 396)، فيض القدير – (2 / 217).
وأن البدعة منها الفرعية التي لا تخرج الإنسان عن الملة، (ولم ينقض أحد منهج غيره في الاجتهاد لأن الاجتهاد لاينقض بمثله، ولقد انحسم موضوع البدعة على هذا الأساس إلا إن الموضوع عاد ليقفز من جديد الى بساط البحث وابتدأ كل فريق ينتصر لمذهبه ومنهجه، ونقض المناهج الأخرى على خلاف ما تواضع عليه العلماء قديماً وصار الاجتهاد ينقض بالاجتهاد ولم تراعَ القيود المعتبرة في البدعة فلم يقتصر التبديع في الجانب التعبدي حتى خطا الى الجانب العادي.