تبنى العلاقة الزوجية في الإسلام على المودة والرحمة حيث قال تعالى: "وجعل بينكم مودة ورحمة"، والمودة والرحمة يتجليان في حسن المعاشرة، فيعلم كل طرف ما عليه من واجبات فيؤديها للطرف الآخر، فتمضى حياة الزوجية سعيدة هنيئة، إلا أنه قد يحدث ما يهدم هذه المودة وقد يستتبعها زوال الرحمة بأن تكره الزوجة زوجها أو يكره الزوج زوجته، فتصير الحياة جحيماً لا يطاق وناراً لا تهدأ وقد لا تفلح مساعي الإصلاح ولا تجدي ومن ثم لا يكون هناك مفر من إنهاء العلاقة الزوجية. الحكمة من تطبيق نظام الخلع
وإذا كان الكره أو الشقاق من جانب الرجل فقد خوله الشرع إمكانية إنهاء العلاقة الزوجية بإيقاع الطلاق، وحينئذ يكون ملزماً بكل ما ترتب علي الزواج من آثار مالية، وإذا كان الكره أو الشقاق من جانب المرأة، فقد خولها الشرع إمكانية الخلع ومقتضاها أنها تفتدى نفسها وخلاصها بأن تؤدى للزوج ما دفعه من مقدم مهر وأن تتنازل له عن جميع حقوقها الشرعية والمالية من مؤخر صداق ونفقة المتعة ونفقة العدة، فلا ضرر ولا ضرار، وإمكانية الخلع للزوجة ليست بإرادتها المنفردة فإما أن تتراضى مع زوجها على الخلع أو تضطر لإقامة دعوى الخلع. دعوى الخلع
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" الضوء على إشكالية الآثار العملية والقانونية الناجمة عن التطبيق العملي لقانون "الخلع" حيث أن الخلع يؤدى إلى تطليق يسترد به الزوج ما دفعه، ويرفع عن كاهله عبء أداء أي من الحقوق المالية الشرعية للزوجة من بعد ذلك، فيزول عنه بذلك أي ضرر، مما يجعل إمساكه للزوجة بعد أن تقرر مخالعته إضراراً خالصاً بها، والقاعدة الشرعية "لا ضرر ولا ضرار" – بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض محمود البدوى.
علامات ندم الزوجة بعد الطلاق | مجلة سيدتي
مشاكل أسرية
تباين الآراء حول الخلع:
ومر ما يزيد عن عقد من الزمان على بدء العمل بقانون الخُلع بالمحاكم المصرية، وبرغم صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بدستوريته وموافقته للشريعة الإسلامية إلا أن التطبيق العملي لهذا القانون كشف عن وجود بعض الثغرات، ولكنه لا يخلو من ثمة ميزة حيث يرى البعض أن للخلع خسائر نفسية في نظرة المجتمع وأنه لم يساهم بأي حال من الأحوال في حل المشاكل الأسرية، وفي ضوء ذلك يطالبون بضرورة إلغاء قانون الخلع الذي يعد من وجهة نظرهم غير ذي نفع لمصلحة الأبناء أو الأزواج.
الدار استدركت قائلة:وأما حقوقُ الزوجةِ الماليةُ الشرعيةُ التي تتنازل عنها عند طلبها الخُلْع والتي وَرَدَت في نص المادة العشرين مِن القانون رقم 1 لسنة 2000م: "للزوجين أن يَتراضَيَا فيما بينهما على الخُلْع، فإن لم يَتراضَيَا عليه وأقامت الزوجةُ دعواها بطَلَبِه وافتَدَت نفسها وخالَعَت زوجَها بالتنازُل عن جميعِ حقوقِها الماليةِ الشرعيةِ ورَدَّتْ عليه الصداقَ الذي أعطاه لها، حَكَمَت المحكمةُ بتطليقها عليه". والمقصود به بحسب دار الافتاء هو المهرُ بكامله -مقدَّمه ومؤخَّره- وهو ما كان عِوَضًا عن البُضع ومقابِلًا للتسليم؛ فكل ما ثَبَتَ كونُه مَهرًا وجب ردُّه للزوج، وكذلك تدخل فيها نفقة المُتعة فتَسقط بالخُلْع، وكذا نفقة العِدَّة تَسقط به أيضًا؛ الحقوق الشرعية بعد الخلع الدار اشارت كذلك إلي أن غرض المشرع مِن تنظيم قانون الخُلْع هو رحمةُ المرأةِ مِن زواجٍ لا تُطيق الاستمرارَ فيه مع عَدَم إثقالِ كاهِلِ الزوجِ بالتكاليف والأعباء، غيرَ أنَّ الحقوقَ الماليةَ الشرعيةَ التي تَسقط بالخُلْع لا تَشمل حَقَّها في الحضانة ولا حقوقَ المحضونين. الدار أشارت كذلك إلي سعى المُشرِّعُ المصري في اختياره لأحكام الخُلْع مِن فقه الشريعة الإسلامية إلى تحقيق التوازن بين الرجل والمرأة؛ فقَيَّد العِوَضَ المقابِلَ للخُلْع بعد أن كان مُطْلَقًا في أقوال الفقهاء وخَصَّه بالحقوق الشرعية المالية الثابتة للزوجة بالعقد؛ حمايةً لها مِن استغلال الزوج، وحتى لا يَكِرَّ إطلاق العِوَضِ على مقصودِ الخُلْعِ بالبُطلان، وسَدَّ في ذات الوقت بابَ استغلال الخُلْع مِن قِبَل الزوجات في استِيلَائهن على أموال أزواجهن وإثقال كاهلهم بالتكاليف والأعباء المالية المُدَّعاة والتي قد تكون مبالغًا فيها.