فالقلب هو الأساس ، فمتى عمر بتقوى الله ومحبته وخشيته سبحانه والخوف منه
والنصح له ولعباده استقامت الجوارح على دين الله
وعلى فعل ما أوجب الله وعلى ترك ما حرم الله. وقوله: ( ولا يأكل طعامك إلا تقي) أي لا تدعو إلى طعامك إلا الأخيار لا تدعوا الفساق والكفار ،
قال العلماء هذا فيما يختار يختاره الإنسان ويتخذه عادةً له.
حديث (ولا يأكل طعامك إلا تقي) بين الظاهر والمقصد1 | باب العلم | شروحات تعليميه
قال الخطابي في حل هذا الإشكال بين ظاهر الحديث والآية: "هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاجة وذلك أنه تعالى قال: ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) [سورة الإنسان] ومعلوم أن أسراهم كانوا كفارا غير مؤمنين، وإنما حذر من صحبة من ليس بتقي، وزجر عن مخالطته ومؤاكلته لأن المطاعم توقع الألفة والمودة في القلوب". انتهى الإشكال الثاني:
من وجوه الإشكال الواردة على ظاهر الحديث، وفي زمن تغير الأحوال، وفشو الفسق، قد لا يتحقق هذا الوصف في كثير من الناس، لاسيما والشراح يفسرون التقي بالورع، والتمسك بهذا الظاهر يؤدي إلى الوحشة بين أفراد المجتمع، وتصنيفهم إلى تقي يدعى ويؤاكل، وغير تقي يستبعد عن المجالسة والمؤاكلة، وهم الأكثر، وهذا يؤدي للنفرة بين الناس، في دائرة الأقارب، فضلا عن النفرة بين المسلمين عموما، بينما الشريعة جاءت بما يؤلف القلوب، ويجمع الكلمة، ورغبت بإطماع العاصي بالتوبة، من خلال الإحسان إليه، والتلطف به؛ لأجل هذا وجه بعض الشراح ظاهر الحديث، وأولوه بما يتفق مع هذا المقصد. قال الطيبي: ( ولا يأكل) نهي لغير التقي أن يأكل طعامه، والمراد نهيه عن أن يتعرض لما لا يأكل التقي طعامه من كسب الحرام، وتعاطي ما ينفر عنه التقي، فالمعنى لا تصاحب إلا مطيعا ولا تخالل إلا تقيا انتهى، والحاصل أن مقصود الحديث كما أشار إليه الطيبي النهي عن كسب الحرام وتعاطي ما ينفر منه المتقي.
لكن إذا قصد المسلم بمخالطة أهل المعاصي ودعوتهم إلى طعامه ، أن يتألف قلوبهم ويستميلهم إليه ؛ لأجل دعوتهم ونصحهم ، فلا حرج في ذلك. _وكذلك الحال في الإحسان إلى أهل المعاصي بالمال والطعام والمسكن ؛ بقصد دفع حاجتهم ، فهذا لا حرج فيه أيضاً ، ويؤجر عليه الشخص ، بل إن المسلم يجوز له أن يحسن إلى غير المسلم ،
كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (129664) ، وجواب السؤال رقم: (3854) ،
فإحسانه إلى أخيه المسلم ، ولو كان من أهل المعاصي من باب أولى. قال الخطابي رحمه الله – معلقاً على الحديث -:
" هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاجة ؛ وذلك أن الله سبحانه قال:
( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً) [الإنسان: 8] ،
ومعلوم أن أسراهم كانوا كفاراً غير مؤمنين ولا أتقياء. وإنما حذر من صحبة من ليس بتقي ، وزجر عن مخالطته ومؤاكلته ؛ فإن المطاعمة توقع الألفة والمودة في القلوب " انتهى من " معالم السنن " (4/115). وقال المناوي رحمه الله:
" ( ولا يأكل طعامك إلا تقي) لأن المطاعمة توجب الألفة ، وتؤدي إلى الخلطة ، بل هي أوثق عرى المداخلة ، ومخالطة غير التقي تخل بالدين ، وتوقع في الشبه والمحظورات ، فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار ؛ إذ لا تخلو عن فساد: إما بمتابعة في فعل ، أو مسامحة في إغضاء عن منكر ، فإن سلم من ذلك ، ولا يكاد ، فلا تخطئه فتنة الغير به ، وليس المراد حرمان غير التقي من الإحسان ؛ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أطعم المشركين ، وأعطى المؤلفة المئين بل يطعمه ولا يخالطه " انتهى من " فيض القدير " (6/404).
حديث ولا يأكل طعامك إلا تقي بين الظاهر والمقصد - موقع مقالات إسلام ويب
الكامل في احاديث لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ومن جالس أهل المعاصي لعنه الله - YouTube
اقرأ أيضا: قبل أن يمر رمضان.. اعتكف ولو في بيتك إكرام الضيف العلماء بينوا أن معنى (لا يأكل طعامك إلا تقي) في الحديث الشريف، ليس المقصود بها الضيوف، فإنه على كل مسلم أن يكرم الضيف بما يليق بمقامه، ويدعوه إذا كان فاجرًا إلى الخير ينصح له، يدعوه إلى طاعة الله والاستقامة على دينه إن كان فاسقًا، يدعوه إلى الإسلام إن كان كافرًا. وقد جاء وفد ثقيف إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في المدينة وهم كفار فأكرمهم ودعاهم إلى الله حتى أسلموا، فالضيف له شأن آخر، أيضًا قد يدعى الإنسان إلى وليمة فيجتمع بأناس لا خير فيهم فلا يضره ذلك لكونه لم يقصد صحبتهم، وإنما جمعه معهم الطعام كما يجمعه معهم السوق والمساجد ونحو ذلك، وهم أهل فسق، أيضًا ليس معنى الحديث مقاطعة غير المسلمين بالكلية، فقد اشترى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم من الكفار واشترى من اليهود بعض الحاجات، وقد دعاه اليهود فأكل طعامهم، وأحل الله لنا طعامهم، فهذه أمور ينبغي أن يعلمها المؤمن.
حديث لا يأكل طعامك الا تقي - إسألنا
المصدر
ولا يعنــــي الحديـــث ،أنه لا يجـــوز للمسلــم أن يُطعــم غــير المــؤمن الصالـــح ، وإنـــما يقصــدالحديــث أنه ينبغــي له أن لا يخــالط إلا مؤمـــناً ، وأن لا يــأكل طعـــامه إلاتقـــي. فالمخالطـــة والمصـــاحبة والمصـــادقة شـــيء ، وأن يُطعــم بمنـــاسبة ما كافراً أو فــاسقاً شـــيء آخر. فهـــذا يجـــوز ، ولكـــن ينبغـــي ألا يكــون ذلك منهـــج حيـــاته. ذلك لأن المصــاحب الصالح كمثــل بائع المســـك ،إما أن يحذيـك أي يعطيك مجـــاناً ، وإما أن تشتري منه ، وإما أن تشــم منه رائحــة طيبـــة. ومثل جليـــس الســوء ، كمثل الحداد ، إما أن يحرق ثيــابك ،
وإما أنتشــم منه رائــحة كريهــة. المصاحبة والمخالطة والمؤاكلة المجردة التي لا يقصد من ورائها مصلحة شرعية ، أو لم تقتضها حاجة ؛ لما في مصاحبة أهل المعاصي والفسق ، من أثر على دين العبد وخلقه ، وكما يقال: الصاحب ساحب ، إما إلى خير أو إلى شر ،
وفي الحديث الذي رواه البخاري (5534) ، ومسلم (2628) قال عليه الصلاة والسلام:
( مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الْكِيرِ: إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً).