يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ۚ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31) ثم قال: ( يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما) أي: يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، ومن يهده فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له. [ آخر سورة " الإنسان "] [ والله أعلم]
- يدخل من يشاء في رحمته
يدخل من يشاء في رحمته
إن هذا الآية هي خاتمة السورة، وقد ارتبطت ببداية السورة ارتباطًا لطيفًا، فقد بدأت السورة بالإنسان وهو لم يكن شيئًا مذكورًا، وانتهت بخاتمة هذا الإنسان ومصيره، فبدأت ببدئه وختمت بخاتمته. وكما ذكر صنفين من الناس في أول السورة وهما الشاكر والكفور، ذكر صنفين في خاتمتها وهما المرحوم والمعذب. إن لهذه السورة خطوطًا تعبيرية ظاهرة فيها؛ فمن الخطوط التعبيرية فيها أنها بنيت على التثنية، فإنها ترد الأشياء فيها صنفين، ومن ذلك على سبيل المثال:
1- أنه ذكر صنفين من الناس: الشاكر والكفور {إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}. 2- ذكر صنفين من العذاب: القيود والسعير: والقيود نوعان: وهما السلاسل والأغلال. 3- ذكر صنفين من أصحاب الجنة: الأبرار وعباد الله وهم السابقون {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}. يدخل من يشاء في رحمته والظالمين. 4- ذكر نوعين من الشراب الممزوج: شرابًا ممزوجًا بالكافور، وآخر ممزوجًا بالزنجبيل. 5- ذكر نوعين من العبادات الظاهرة: وهما الوفاء بالنذر والإطعام. 6- ذكر نوعين من العبادات القلبية: الخوف والإخلاص {إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا} {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ}.
السياق في سورة الإنسان في غير المرحومين (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (24)) (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28)) إلى أن يقول (يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)) لما كان السياق في غير المرحومين أخّر الرحمة.