ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) يونس/ 99 ، " أي: لا تقدر على ذلك ، وليس في إمكانك ، ولا قدرة لغير الله على شيء من ذلك " انتهى من " تفسير السعدي" (ص 374). قال ابن جزي رحمه الله:
" ( لا إكراه في الدين) المعنى: أن دين الإسلام في غاية الوضوح وظهور البراهين على صحته ، بحيث لا يحتاج أن يكره أحد على الدخول فيه بل يدخل فيه كل ذي عقل سليم من تلقاء نفسه ، دون إكراه ويدل على ذلك قوله: ( قد تبين الرشد من الغي) أي قد تبين أن الإسلام رشد وأن الكفر غي ، فلا يفتقر بعد بيانه إلى إكراه " انتهى من "التسهيل" (ص 135). وقال السعدي رحمه الله:
" هذا بيان لكمال هذا الدين الإسلامي، وأنه لكمال براهينه، واتضاح آياته، وكونه هو دين العقل والعلم، ودين الفطرة والحكمة، ودين الصلاح والإصلاح ، ودين الحق والرشد ، فلكماله وقبول الفطرة له ، لا يحتاج إلى الإكراه عليه ؛ لأن الإكراه إنما يقع على ما تنفر عنه القلوب ، ويتنافى مع الحقيقة والحق ، أو لما تخفى براهينه وآياته ، وإلا فمن جاءه هذا الدين ، ورده ولم يقبله ، فإنه لعناده.
لا اكراه في الدين بالانجليزية
0 المشاركات
0 0. 0 / 5
نشر في
2022-02-23 11:00:00
مؤلف:
من الطبيعي أن يسعى أصحاب كل دين لنشر دينهم والتبشير بعقيدتهم ليغطي أكبر مساحة ممكنة من أبناء البشر. لا اكراه في الدين والحرية. فما داموا يعتقدون الصواب والحق في دينهم فسيكونون مندفعين لدعوة الناس إليه كما أن وفاء وإخلاص كل شخص لدينه يجعله متحمسا للتبشير به، ولأن الدين يصبح جزءا هاما من ذاتية الإنسان وشخصيته فأي تقدم أو مكسب للدين يعتبره الإنسان تقدما ومكسبا ذاتيا وشخصيا. بالإضافة إلى ذلك فإن بعض الأديان توجه أبناءها ومعتنقيها للعمل من أجل نشرها واقناع الآخرين بها، كما هو شأن الإسلام مثلا الذي يقول على لسان نبيه محمد: «وأيم الله لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس». بالطبع هناك بعض الديانات تحصر نفسها في عرق معين وتغلق أبواب دعوتها على من لم ينحدر من تلك العروق كما ينقل عن المجوسيين الزرادشتيين الذين يحرمون على أي إنسان لم يولد زرادشتيا أن يعتنق دينهم رغم اعتقادهم بأفضلية دينهم على سائر الأديان ولذلك أشرف دينهم على الانقراض حيث لا يزيد عدد أتباعه حاليا على (120) ألف مجوسي في العالم. ولكن كيف تكون الدعوة إلى الدين؟
إن الطريق الصحيح والمشروع هو محاولة إقناع الآخرين والتأثير على نفوسهم باتجاه الدين، ولكن البعض قد يستخدم القوة والعنف لفرض الدين الذي يؤمن به على الآخرين، وهذا ناتج عن الجهل أو روح التسلط والظلم.
الحمد لله. لا تعارض بين قوله تعالى: ( لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ، وبين النصوص الدالة على
قتل المرتد ، فالآية محمولة على الكافر الأصلي الذي لم يدخل الإسلام ابتداء ، فهذا
لا يُكره على الدخول في الإسلام ، وأما من دخل في الإسلام طواعية ، ثم ارتد عنه ،
فهذا لا تشمله الآية ، بل قتل مثل هذا تقتضيه الحكمة والمصلحة ؛ ففي قتله صيانة
للدين ولأهله. قال ابن حزم رحمه الله:
" وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ( لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ، فَلَا
حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا
فِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ: لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا; لِأَنَّ الْأُمَّةَ
مُجْمِعَةٌ عَلَى إكْرَاهِ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ " انتهى من " المحلى "
(12/119). لا اكراه في الدين. وقال ابن تيمية رحمه الله:
" فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ ذَلِكَ – أي المرتد - لَكَانَ الدَّاخِلُ فِي
الدِّينِ يَخْرُجُ مِنْهُ ، فَقَتْلُهُ حِفْظٌ لِأَهْلِ الدِّينِ وَلِلدِّينِ ،
فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ النَّقْصِ ، وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهُ ،
بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (20/102).