فقال: (يحرفونه من بعد ما عقلوه) ، يعني: من بعد ما عقلوا تأويله، (وهم يعلمون) ، أي: يعلمون أنهم في تحريفهم ما حرفوا من ذلك مبطلون كاذبون. وذلك إخبار من الله جل ثناؤه عن إقدامهم على البهت, ومناصبتهم العداوة له ولرسوله موسى صلى الله عليه وسلم, وأن بقاياهم - من مناصبتهم العداوة لله ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بغيا وحسدا - على مثل الذي كان عليه أوائلهم من ذلك في عصر موسى عليه الصلاة والسلام. --------------- الهوامش: (90) ديوانه: 137 ، وفي المطبوعة: "أخذوا" خطأ. أجد السير: انكمش فيه وأسرع مصعد: مبتدئ في صعوده إلى نجد والحجاز. ومُصَوِّب منحدر في رجوعه إلى العراق والشام وأشباه ذلك وبعد البيت من تمامه. طلبتهـمُ, تَطـوى بـي البيـد جَسْـرَة شُــوَيْقَئةُ النــابين وجَنـاء ذِعْلـب (91) انظر ما سلف في هذا الجزء 2: 38 ، 39. (92) يعني: "ذلك الكتاب" المحرف ، لا "كتاب الله" الصادق. (93) ما بين القوسين زيادة من ابن كثير 1: 212. (94) في المطبوعة "وإيذانا منه.. وقطع أطماعهم" بالعطف بالواو ، وليس يستقيم. وآذنه الأمر وآذنه به يذانا: أعلمه. فقوله: "قطع" منصوب مفعول ثان للمصدر "إيذانا". (95) قوله: "وأقرب" ، معطوف على قوله: "أحرى.. تفسير: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله..). ".
- تفسير: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله..)
- [53] قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ..} - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
تفسير: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله..)
وقال السدي: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} [البقرة:75] قال: هي التوراة حرفوها. وهذا الذي ذكره السدي أعم مما ذكره ابن عباس وابن إسحاق، وإن كان قد اختاره ابن جرير لظاهر السياق. فإنه ليس يلزم من سماع كلام الله أن يكون منه، كما سمعه الكليم موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام]. وهو كما قال المؤلف رحمه الله من أن قول السدي أعم، وأثر ابن عباس محمول على أنه كان عن بني إسرائيل، وأثر ابن إسحاق منقطع. والصواب: أن القول بأنهم سمعوا كلام الله يحتاج إلى دليل، وليس هناك دليل. واليهود يحرفون الحق، وقد حرفوا التوراة، وحرفوا كتب الله، كما جاء عن ابن عباس أنه قال: تسألون أهل الكتاب عن كتبهم وعندكم كتاب الله. [53] قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ..} - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت. وفي هذه الآيات تحذير لهذه الأمة من أن تسلك ما سلكه اليهود، فيصيبهم ما أصابهم من تحريف كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وتأويله على غير تأويله، كما فعل كثير من المبتدعة الذين حرفوا كلام الله، وأولوا النصوص وجحدوا صفات الله عز وجل. وقد قال العلماء: إن اللام التي زادها الجهمية مثل النون التي زادها اليهود، فعندما قال الله: {وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة:58] قال اليهود: حنطة، وعندما قال الله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5] قال الجهمية: استولى.
[53] قوله تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ..} - الموقع الرسمي للشيخ أ. د. خالد السبت
تاريخ النشر: ٠٦ / شوّال / ١٤٣٦
مرات
الإستماع: 1579
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فنواصل الحديث في الكلام على هذه الآيات التي يذكر الله -تبارك وتعالى- فيها قصص بني إسرائيل، وما جرى منهم، وما جرى عليهم، فبعد أن ذكر الله -تبارك وتعالى- خبرهم في قصة القتيل الذي تدارءوا قتله وتدافعوه، ثم بعد ذلك أمرهم نبيهم موسى أن يذبحوا بقرة بأمر الله فكان منهم من التعنت ما كان، ثم بعد ذلك أراهم الله هذه الآية وهي إحياء هذا القتيل، فكان نتيجة ذلك وعاقبته أن قست قلوبهم في موطن ترق فيه القلوب وتلين، وتستكين وتخضع إلى ربها وباريها بعد أن رأت هذه الآيات العظام. فالله -تبارك وتعالى- بعد هذا يسلي نبيه ﷺ وأهل الإيمان: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [سورة البقرة:75] هؤلاء لا مطمع في إيمانهم، هؤلاء لا يرجى انقيادهم وقد كانوا بتلك المثابة يسمعون كلام الله ثم يحرفونه بعد أن فهموا وعقلوا معناه، يصرفونه إلى غير مراد الله -تبارك وتعالى- يصرفون ألفاظه كما يصرفون أيضًا معانيه، وهم يعلمون ذلك، يعلمون هذا الجرم الذي صدر عنهم فلم يكن ذلك قد وقع بطريق الخطأ.
وهذا الذي ذكره السدي أعم مما ذكره ابن عباس وابن إسحاق ، وإن كان قد اختاره ابن جرير لظاهر السياق. فإنه ليس يلزم من سماع كلام الله أن يكون منه كما سمعه الكليم موسى بن عمران ، عليه الصلاة والسلام ، وقد قال الله تعالى: ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) [ التوبة: 6] ، أي: مبلغا إليه; ولهذا قال قتادة في قوله: ( ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) قال: هم اليهود كانوا يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه ووعوه. وقال مجاهد: الذين يحرفونه والذين يكتمونه هم العلماء منهم. وقال أبو العالية: عمدوا إلى ما أنزل الله في كتابهم ، من نعت محمد صلى الله عليه وسلم ، فحرفوه عن مواضعه. وقال السدي: ( وهم يعلمون) أي أنهم أذنبوا. وقال ابن وهب: قال ابن زيد في قوله: ( يسمعون كلام الله ثم يحرفونه) قال: التوراة التي أنزلها الله عليهم يحرفونها يجعلون الحلال فيها حراما ، والحرام فيها حلالا والحق فيها باطلا والباطل فيها حقا; إذا جاءهم المحق برشوة أخرجوا له كتاب الله ، وإذا جاءهم المبطل برشوة أخرجوا له ذلك الكتاب ، فهو فيه محق ، وإن جاءهم أحد يسألهم شيئا ليس فيه حق ، ولا رشوة ، ولا شيء ، أمروه بالحق ، فقال الله لهم: ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) [ البقرة: 44].