حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول: في قوله: ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) يقول: من الصلاة المكتوبة قبل أن تسلِّم، فانصَب. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) قال: أمره إذا فرغ من صلاته أن يبالغ في دعائه. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( فَإِذَا فَرَغْتَ) من صلاتك ( فَانْصَبْ) في الدعاء. ( فاذا فرغت فانصب ) | بصائر. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ( فَإِذَا فَرَغْتَ) من جهاد عدوّك ( فَانْصَبْ) في عبادة ربك. * ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال الحسن في قوله: ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال: أمره إذا فرغ من غزوه، أن يجتهد في الدعاء والعبادة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال عن أبيه: فإذا فرغت من الجهاد، جهاد العرب، وانقطع جهادهم، فانصب لعبادة الله ( وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ). وقال آخرون: بل معنى ذلك: فإذا فرغت من أمر دنياك، فانصب في عبادة ربك. * ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال: إذا فرغت من أمر الدنيا فانصب، قال: فصّل.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الشرح - الآية 7
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: ( فَإِذَا فَرَغْتَ) من صلاتك ( فَانْصَبْ) في الدعاء. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ( فَإِذَا فَرَغْتَ) من جهاد عدوّك ( فَانْصَبْ) في عبادة ربك. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال الحسن في قوله: ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال: أمره إذا فرغ من غزوه، أن يجتهد في الدعاء والعبادة. فاذا فرغت فانصب والى ربک فارغب. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال عن أبيه: فإذا فرغت من الجهاد، جهاد العرب، وانقطع جهادهم، فانصب لعبادة الله ( وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ). وقال آخرون: بل معنى ذلك: فإذا فرغت من أمر دنياك، فانصب في عبادة ربك. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال: إذا فرغت من أمر الدنيا فانصب، قال: فصّل. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد ( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ) قال: إذا فرغت من أمر دنياك فانصب، فصّل. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: ( فَإِذَا فَرَغْتَ) قال: إذا فرغت من أمر الدنيا، وقمت إلى الصلاة، فاجعل رغبتك ونيتك له.
إعراب القرآن الكريم:
إعراب سورة الشرح:
الآية السابعة:
فإذا فرغت فانصب (7)
فإذا
فرغت
فانصب
حرف استئناف + ظرف
شرطي غير جازم
ماض + فاعل
رابطة لجواب
الشرط + أمر + فاعل
مضاف إليه
" انصب " لا محل لها جواب شرط غير جازم
" إذا... " استئنافية لا محل لها
فإذا: الفاء: حرف استئناف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب. إذا: ظرف شرطي غير
جازم مبني على السكون في محل نصب. –خافض لشرطه منصوب بجوابه-
فرغت: فرغ: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك. التاء: ضمير متصل مبني
على الفتح في محل رفع فاعل. فانصب: الفاء: رابطة لجواب الشرط مبنية على الفتح لا محل لها من الإعراب. انصب: فعل أمر مبني على
السكون. والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشرح - الآية 7. جملة " فرغت " في محل جر مضاف
إليه. جملة " انصب " لا محل لها جواب
الشرط غير الجازم. جملة " إذا... " استئنافية لا محل
لها من الإعراب. تفسير الآية:
فإذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها فَجِدَّ في العبادة. التفسير الميسر
( فاذا فرغت فانصب ) | بصائر
وربما يكون المقصود كل هذا وغيره، فإن الآية أطلقت ولم تحدد، أي إذا فرغت من أمر كنت تعمله فانتقل إلى عمل آخر مما يعود عليك بالنفع في أمر دنياك وآخرتك، والمقصود أن يكون مشتغلاً بطاعة الله مبلغاً للرسالة، ينتقل من عبادة إلى عبادة، من طاعة إلى طاعة، من عمل صالح إلى عمل صالح، بلا توقف، بلا انتظار، فالمسلم طالما في الحياة فعليه أن يجد ويعمل دائما في شيء يعود عليك نفعه في الدنيا والدين، ولا يبقى فارغا أبدا. فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل..
قاعدة تربوية:
وهذه قاعدة من قواعد تربية النفس، وتوجيه علاقتها مع الله عز وجل: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ. وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح:7، 8]. وإذا كان المسلم مطالبا بالتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخاطبا بما يخاطب به، فهو أيضا مطالب في حال الفراغ بالنصب.. أي إذا انتهى من طاعة أو عملٍ ما أن ينصب ويبدأ في عمل أو طاعة أخرى، وأن يرغب إلى ربه في الدعاء والعبادة، والتضرع والتبتل، لأن حياة المسلم الحق كلها لله، فليس فيها مجال لسفاسف الأمور. فإذا فرغت فانصب تفسير. بل إن اللهو الذي تبيحه الشريعة لأصناف من الناس، أو في بعض الأوقات كالأعياد والأفراح؛ من أعظم مقاصده أن يستجم الإنسان ـ والاستجمام للجد مرة ثانيةً من الشغل النافع ـ وأن يعيش العبودية لله في جميع أحواله، فهو يعيشها في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء، وفي الحضر والسفر، وفي الضحك والبكاء، ليتمثل حقاً قول الله تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162].
وإلى ربك فارغب}... صدق الله العظيم. عن اسلام. ويب
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الشرح - الآية 7
لا للفراغ
إن الإسلام يكره من أبنائه أن يكونوا فارغين من أي عمل ديني أو دنيوي! وبهذا نطقت الآثار عن السلف الصالح رحمهم الله:
جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "إني أكره لأحدكم أن يكون خالياً سبهللاً لا في عمل دنيا، ولا دين". فاذا فرغت فانصب والى ربك فارغب. ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: "إني لأمقت أن أرى الرجل فارغاً لا في عمل دنيا ولا آخرة". وسبب مقت ابن مسعود رضي الله عنه لهذا النوع من الناس؛ أن "قعود الرجل فارغاً من غير شغل، أو اشتغاله بما لا يعينه في دينه أو دنياه من سفه الرأي، وسخافة العقل، واستيلاء الغفلة". ولقد دلّ القرآن على أن هذا النوع من الناس الفارغين ـ وإن شئت فسمهم البطالين ـ ليسوا أهلاً لطاعة أو أمر مهم، بل تنبغي مجانبتهم؛ لئلا يُعدوا بطبعهم الرديء، كما قال تعالى: { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف: 28]. ا لجدية وسرعة الإنجاز
ومن هدايات هذه الآية: أنها أبلغ وأعظم حادٍ إلى العمل، والجد في استثمار الزمن قبل الندم. وأنها تربي في المؤمن سرعة إنجاز الأمور وعدم التسويف، فإن التسويف في كل أمر شين وسبة وسوء مغبة، ومن عجز عن امتلاك يومه فهو عن امتلاك غده أعجز!
ومعنى الشرح الفسح والتوسعة، وإنما خص الصدر بذلك؛ لأنه محل العلوم والإدراكات، ومحل التفكر، ومحل التعقل، ومحل القناعات، هو محل للفهم، ومحل لاستقرار المعلومات، كل ذلك يكون في الصدر، ويكون في القلب. القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الشرح - الآية 7. وإذا ضاق الصدر ضاق الفضاء مهما اتسع، وضاقت النفس، وقل الفهم والإدراك، وقل الصبر على التحمل، والنبي صلى الله عليه وسلم في أشد الحاجة إليه لتحمل أعباء الرسالة وما يواكبها من مشاكسات ومضايقات الأعداء، وما سيواجهونه به من الأذى والافتراء والتكذيب.. لذلك يقول ابن جرير - رحمه الله: "شرح صدره بأن جعله محلا للوحي، جعله متحملاً لأعباء الرسالة، لأعباء الدعوة، وما تتطلبه من جهود، وأعمال، ومشقات، وما يلاقيه القائم بها، المتوظف بوظيفتها من الأذى، فإنه لن يسلم بحال من الأحوال من المناوئين، من الأعداء، من الخصوم الذين لا يقر لهم قرار، ولا يهنأ لهم بال إذا ظهرت الأنوار، أنوار النبوة، والرسالة". فلابد إذا من شرح الصدر لئلا يضيق ذرعاً، لئلا ينقطع، لئلا يتوقف، لئلا يتراجع، لئلا يتزعزع، بل يثبت، ويرسخ في هذا الطريق قدمه حتى يكون أثبت من الجبال الراسيات. هذا بالإضافة إلى الشرح الحسي حينما شُق صدره، وأُخرج منه ما أُخرج من علقة تتصل بحظ الشيطان منه - عليه الصلاة والسلام - فصار الصدر محلا قابلاً لهذه الأنوار، والوحي، والهدايات، والتنزيل برفع، ودفع، وإزالة ما يضاده من الأمور الحسية، والمعنوية.