ملخص المقال
إن هذه أمتكم أمة واحدة مقال بقلم الدكتور ناصر العمر يبين فيه منهج الأمة الواحدة، فكيف يحقق المسلمون الوحدة المنشودة؟ وما هي الوسائل المعينة على ذلك؟
الحمد لله الذي ألَّف بين قلوب عباده المؤمنين؛ فأصبحوا بنعمتهِ إخوانًا، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّه محمَّدٍ وعلى مَن كانوا له في الحقِّ أنصارًا وأعوانًا. وبعدُ، فقد أمر الله المؤمنين بقوله: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: 103]. وقال سبحانه: { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]. ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاتقون. وفي الآية الأخرى: { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52]. وهذا خبرٌ مُراد به إنشاءُ الأمر كما في آية آل عمران، وإلاَّ فقد افترق النَّاس وافترقت الأمَّة، بل قال اللهُ تعالى: { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} [المائدة: 48] ، { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118].
تفسير قوله تعالى: وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم
وقيل: معناه أمرتكم بما أمرت به المرسلين من قبلكم ، فأمركم واحد ، ( وأنا ربكم فاتقون) فاحذرون. وقيل: هو نصب بإضمار فعل ، أي: اعلموا أن هذه أمتكم ، أي: ملتكم ، أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون. ﴿ تفسير الوسيط ﴾
وقوله- سبحانه- وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً.. جملة مستأنفة. والمراد بالأمة هنا: الشريعة والدين الذي أنزله الله- تعالى- على أنبيائه ورسله، أى:وإن شريعتكم- أيها الرسل- جميعا هي شريعة واحدة لا تختلف في أصولها التي تتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات، وإن اختلفت في الأحكام الفرعية. وقرأ بعض القراء السبعة: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ.. بفتح الهمزة، على أن الآية من جملة ما خوطب به الرسل. والتقدير: واعلموا- أيها الرسل- أن ملتكم وشريعتكم، ملة واحدة، وشريعة واحدة في عقائدها وأصول أحكامها. وَأَنَا رَبُّكُمْ لا شريك لي في الربوبية فَاتَّقُونِ أى: فخافوا عقابي، واحذروا مخالفة أمرى، وصونوا أنفسكم من كل ما نهيتكم عنه. تفسير قوله تعالى: وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم. ثم بين- سبحانه- بعد ذلك حال المصرين على كفرهم وضلالهم من دعوة الرسل عليهم- الصلاة والسلام- فقال:
﴿ تفسير ابن كثير ﴾
وقوله: ( وإن هذه أمتكم أمة واحدة) أي: دينكم يا معشر الأنبياء دين واحد ، وملة واحدة ، وهو الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له; ولهذا قال: ( وأنا ربكم فاتقون) ، وقد تقدم الكلام على ذلك في سورة " الأنبياء " ، وأن قوله: ( أمة واحدة) منصوب على الحال.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الأنبياء - الآية 92
( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون)
قوله تعالى: ( إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون)
قال صاحب " الكشاف ": الأمة الملة ، وهو إشارة إلى ملة الإسلام ، أي أن ملة الإسلام هي ملتكم التي [ ص: 190] يجب أن تكونوا عليها ، يشار إليها بملة واحدة غير مختلفة ، وأنا إلهكم إله واحد فاعبدون ؛ ونصب الحسن: " أمتكم " على البدل من هذه ، ورفع " أمة" خبرا ، وعنه رفعهما جميعا خبرين ، أو نوى للثاني المبتدأ. أما قوله تعالى: ( وتقطعوا أمرهم بينهم) والأصل " وتقطعتم " إلا أن الكلام صرف إلى الغيبة على طريق الالتفات ؛ كأنه ينقل عنهم ما أفسدوه إلى آخرين ، ويقبح عندهم فعلهم ، ويقول لهم: ألا ترون إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء ، والمعنى جعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعا ، كما تتوزع الجماعة الشيء ويقسمونه فيصير لهذا نصيب ولذلك نصيب تمثيلا لاختلافهم فيه وصيرورتهم فرقا وأحزابا شتى.
«وأنَّ هذه أمتُكم أمةٌ واحدة» - Iuvmpress.News
فقوله: ( إن هذه) إن واسمها ، و) أمتكم) خبر إن ، أي: هذه شريعتكم التي بينت لكم ووضحت لكم ، وقوله: ( أمة واحدة) نصب على الحال; ولهذا قال: ( وأنا ربكم فاعبدون) ، كما قال: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون) [ المؤمنون: 51 ، 52] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نحن معشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد " ، يعني: أن المقصود هو عبادة الله وحده لا شريك له بشرائع متنوعة لرسله ، كما قال تعالى: ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) [ المائدة: 48]. ﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى: إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدونقوله تعالى: إن هذه أمتكم أمة واحدة لما ذكر الأنبياء قال: هؤلاء كلهم مجتمعون على التوحيد ؛ فالأمة هنا بمعنى الدين الذي هو الإسلام ؛ قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما. فأما المشركون فقد خالفوا الكل. وأنا ربكم أي إلهكم وحدي. فاعبدون أي أفردوني بالعبادة. «وأنَّ هذه أمتُكم أمةٌ واحدة» - iuvmpress.news. وقرأ عيسى بن عمرو وابن أبي إسحاق: ( إن هذه أمتكم أمة واحدة) ورواها حسين عن أبي عمرو. الباقون ( أمة واحدة) بالنصب على القطع بمجيء النكرة بعد تمام الكلام ؛ قاله الفراء. الزجاج: انتصب أمة على الحال ؛ أي في حال اجتماعها على الحق ؛ أي هذه أمتكم ما دامت أمة واحدة واجتمعتم على التوحيد ؛ فإذا تفرقتم وخالفتم فليس من خالف الحق من جملة أهل الدين الحق ؛ وهو كما تقول: فلان صديقي عفيفا أي ما دام عفيفا فإذا خالف العفة لم يكن صديقي.
نداء موجه إلى علماء الأمة
وحكامها وشبابها المؤمن بالله، الواثق بدينه، الحريص على وحدة أمته.