فإن قيل: إن علماء المواليد يزعمون أن في كل أصول الأحياء حياة ، فكل ما ينبت من ذلك ذو حياة كامنة إذا عقم بالصناعة لا ينبت. قلنا: إن هذا اصطلاح لهم ، يسمون القوة أو الخاصية [ ص: 526] التي يكون بها الحب قابلا للإنبات حياة ، ولكن هذا لا يصح في اللغة إلا بضرب من التجوز ، وإنما حقيقة الحياة في اللغة ما يكون به الجسم متغذيا ناميا بالفعل وهذا أدنى مراتب الحياة عند العرب ، ولها مراتب أخرى كالإحساس والقدرة والإرادة والعلم والعقل والحكمة والنظام ، وهذه أعلى مراتب الحياة في المخلوق ، وفوق ذلك حياة الخالق التي هي مصدر كل حياة وحكمة ونظام في الكون. وما قلنا إنه الحقيقة أظهر من مقابله ، وهو جعل إطلاق الميت على الحب والنوى من مجاز التشبيه ، كأنه لما لم تظهر فيه آيات حياته الكامنة من النماء وغيره سمي ميتا; فإن واضعي اللغة في طور البداوة لم يكونوا يعلمون أن في الحب والنوى صفة هي مصدر النماء قد تزول فلا يبقى قابلا للإنبات. ما معنى قوله تعالى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي - إسألنا. وجعل بعضهم كلا من الحي والميت هنا مجازا ، ويرده مثل قوله تعالى: ( وجعلنا من الماء كل شيء حي) 21: 30 ( ومخرج الميت من الحي) كالحب والنوى من النبات والبيضة والنطفة من الحيوان. وهذا قيل إنه عطف على " فالق الحب " لأن الأصل في الكلام الفصيح أن يعطف الاسم على الاسم ، ولأن إخراج الميت من الحي لا يدخل في بيان فلق الحب والنوى ، وقيل إنه عطف على " يخرج الحي من الميت " سواء كان بيانا لما قبله أو خبرا بعد خبر ، لأن التناسب بين هذين الأمرين المتقابلين أقوى من التناسب بين الثاني وبين فلق الحب والنوى; ولذلك وردا بصيغة الفعل في سورتي يونس والروم ( يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي) 10: 31 ، 30: 19 وقد حسن عطف اسم الفاعل بمعنى فعل المضارع ، فإن مخرج الشيء هو الذي يخرجه في الحال أو الاستقبال ، ولكن هذا الفعل يدل أيضا على التجدد والاستمرار.
ما معنى قوله تعالى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي - إسألنا
قال تعالى: ((يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ)) هذه الجملة بدل من جملة الله يبدأ الخلق ثم يعيده. ويجوز أيضًا أن تكون موقع العلة لجملة سبحان الله حين تمسون وما عطف عليها ، أي هو مستحق للتسبيح والحمد لتصرفه في المخلوقات بالإيجاد العجيب وبالإحياء بعد الموت. واختير من تصرفاته العظيمة تصرف الإحياء والإماتة في الحيوان والنبات لأنه تخلص للغرض المقصود من إثبات البعث ردا للكلام على ما تقدم من قوله الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون. فتحصل من ذلك أن الأمر بتسبيحه وحمده معلول بأمرين: إيفاء حق شكره المفاد بفاء التفريع في قوله) فسبحان الله. وأما عطف ويخرج الميت من الحي فللاحتراس من اقتصار قدرته على بعض التصرفات ولإظهار عجيب قدرته أنها تفعل الضدين. وفي الآية الطباق. يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي طعام. وهذا الخطاب للمؤمنين تعريض بالرد على المشركين، والإخراج: فصل شيء محوي عن حاويه، يقال: أخرجه من الدار ، وأخرج يده من جيبه ، فهو هنا مستعمل لإنشاء شيء من شيء. والإتيان بصيغة المضارع في يخرج ، ويحيي لاستحضار الحالة العجيبة مثل قوله الله الذي يرسل الرياح، فهذا الإخراج والإحياء آية عظيمة على استحقاقه التعظيم والإفراد بالعبادة إذ أودع هذا النظام العجيب في الموجودات فجعل في الشيء الذي لا حياة له قوة وخصائص تجعله ينتج الأشياء الحية الثابتة المتصرفة ويجعل في تراب الأرض قوى تخرج الزرع والنبات حيا ناميا.
معنى الآية أنه.. «يخرج الحى من الحى»! - الأهرام اليومي
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، عن الحسن قوله: ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، وأبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الله ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) قال: النُّطْفة ماء الرجل ميتة وهو حيّ، ويخرج الرجل منها حيا وهي ميتة.
معلومه مهمه في قوله تعالى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ | صقور الإبدآع
بتصرّف. ↑ أحمد حطيبة، تفسير الشيخ أحمد حطيبة (الطبعة الأولى)، صفحة 4، جزء 205. بتصرّف. ↑ عبد الكريم يونس الخطيب، التفسير القرآني للقرآن (الطبعة الأولى)، القاهرة- مصر: دار الفكر العربي، صفحة 244، جزء 4. بتصرّف. ↑ محمد علي الصابوني (1402 هـ - 1981 م)، مختصر تفسير ابن كثير (الطبعة السابعة)، بيروت - لبنان: دار القرآن الكريم، صفحة 50، جزء 2. بتصرّف. ↑ سورة يونس، آية: 31. ↑ عمر الأشقر العتيبي (1435 هـ - 2014 م)، الله يحدث عباده عن نفسه (الطبعة الأولى)، الأردن: دار النفائس للنشر والتوزيع، صفحة 154، جزء 1. بتصرّف. ↑ جماعة من علماء التفسير، المختصر في تفسير القرآن الكريم (الطبعة الثالثة)، صفحة 406، جزء 1. يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحياة. بتصرّف. ↑ محمد بن عبد الله زربان الغامدي (14232هـ/2003م)، حماية الرسول صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 239. بتصرّف. ↑ الدكتور/ عبد الله بن عبد الكريم العبادي (1417هـ-1996م)، مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية (الطبعة الثانية)، السعودية: مكتبة السوادي للتوزيع، صفحة 47. بتصرّف. ↑ عبد الله الجربوع (1423هـ/2003م)، أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، صفحة 54، جزء 1.
13590- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا حكام, عن عنبسة, عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى, عن القاسم بن أبي بزة, عن مجاهد: " فالق الحب والنوى " ، قال: الشقان اللذان فيهما. 13591 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثني عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: " فالق الحب والنوى " ، يقول: خالق الحب والنوى, يعني كلّ حبة. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي، ما قدّمنا القول به. وذلك أن الله جل ثناؤه أتبع ذلك بإخباره عن إخراجه الحي من الميت والميت من الحي, فكان معلومًا بذلك أنه إنَّما عنى بإخباره عن نفسه أنّه فالق الحب عن النبات، والنوى عن الغُرُوس والأشجار, كما هو مخرج الحي من الميت، والميّت من الحي. معلومه مهمه في قوله تعالى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ | صقور الإبدآع. * * * وأما القول الذي حكي عن الضحاك في معنى " فالق " ، أنه خالق, فقولٌ = إن لم يكن أراد به أنّه خالق منه النبات والغُروس بفلقه إياه = لا أعرف له وجهًا, لأنه لا يعرف في كلام العرب: " فلق الله الشيء " ، بمعنى: خلق. * * * القول في تأويل قوله: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: يخرج السنبل الحيّ من الحبّ الميت, ومخرج الحبِّ الميت من السنبل الحيّ, والشجرِ الحيّ من النوى الميت, والنوى الميِّت من الشجر الحيّ.