القول في تأويل قوله تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وما أكثر مشركي قومك، يا محمد، ولو حرصت على أن يؤمنوا بك فيصدّقوك, ويتبعوا ما جئتهم به من عند ربك، بمصدِّقيك ولا مُتَّبِعيك.
وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين . [ يوسف: 103]
تاريخ النشر: الخميس 20 ذو القعدة 1428 هـ - 29-11-2007 م
التقييم:
رقم الفتوى: 102056
43870
0
298
السؤال
يقول الله تبارك وتعالى في سورة يوسف "وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين" ما المفهوم لهذه الآية الكريمة؟ جزاكم الله خيرا. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعلك أيها الأخ بسؤالك عن مفهوم الآية الكريمة تقصد السؤال عن تفسيرها، لذا فسوف نبين لك سبب نزولها؛ لأن منه يتبين معناها. جاء في زاد الميسر: قوله تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ {يوسف:103} قال ابن الأنباري: إن قريشا واليهود سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف وإخوته فشرحها شرحا شافيا وهو يؤمل أن يكون ذلك سببا لإسلامهم فخالفوا ظنه، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعزاه الله تعالى بهذه الآية. قال الزجاج ومعناها وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم. اهـ. وإذا كنت إنما تسأل عن مفهومها حقا، فقبل الجواب عن ذلك، يجدر أولا أن ننبهك إلى أن المفهوم -كما عرفه أهل الأصول- هو المدلول الالتزامي للكلام. فصل: إعراب الآية رقم (96):|نداء الإيمان. ويقابله المنطوق وهو المدلول المطابقي للكلام. فإذا تقرر ذلك عُرف أن منطوق الآية الكريمة هو أن أكثر الناس لا يؤمنون، ولو حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك أشد الحرص.
فصل: إعراب الآية رقم (96):|نداء الإيمان
إغلاق الإعلان وسيلة دعم للموقع عند الضغط عليه ومحتواه عشوائي لا يمثلنا عربي - نصوص الآيات عثماني: عربى - نصوص الآيات: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين عربى - التفسير الميسر: وما أكثرُ المشركين من قومك -أيها الرسول- بمصدِّقيك ولا متبعيك، ولو حَرَصْتَ على إيمانهم، فلا تحزن على ذلك. السعدى: يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ} على إيمانهم { بِمُؤْمِنِينَ} فإن مداركهم ومقاصدهم قد أصبحت فاسدة، فلا ينفعهم حرص الناصحين عليهم ولو عدمت الموانع، بأن كانوا يعلمونهم ويدعونهم إلى ما فيه الخير لهم، ودفع الشر عنهم، من غير أجر ولا عوض، ولو أقاموا لهم من الشواهد والآيات الدالات على صدقهم ما أقاموا. الوسيط لطنطاوي: ثم ساق - سبحانه - ما يبعث التسلية والتعزية فى قلب النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال: ( وَمَآ أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ). وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين . [ يوسف: 103]. أى: لقد جئت - أيها الرسول - للناس بدين الفطرة ، الذى ترتاح له النفوس وتتقبله القلوب بسرور وانشراح. ولكن أكثر الناس قد استحوذ عليهم الشيطان ، فمسخ نفوسهم وقلوبهم ، ، فصاروا مع حرصك على إيمانهم ، ومع حرصك على دعوتهم إلى الحق على بصيرة ، لا يؤمنون بك ، ولا يستجيبون لدعوتك ، لاستيلاء المطامع والشهوات والأحقاد على نفوسهم.
خطبة عن قوله تعالى (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}
{وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ}: ألا تفكِّرون بهذا؟ {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}: هذه ذكرى، رحمة للعالمين أرسله الله، إن فكَّرت، استسلمت، صرت مسلماً. {وَكَأَيِّنْ مِّنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}
{وَكَأَيِّنْ}: كم وكم يسمع ولا يفكِّر؟ فكِّر حلِّل. {مِّنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا}: لا يفكرون بخلق الله. {وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}: كم من آيات يمرون عليها مروراً دون تفكير، وهذا الرجل "الذي لا يفكر" مهما أرشدته فلن يفقه شيئاً. {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُّشْرِكُونَ}
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ}: بأن الله هو المسير للكون. إن لم يفكِّروا يجعلون مع الله فعالاً آخر، كأن يقول الإنسان لولا فلان لما حصل كذا... {إِلَّا وَهُمْ مُّشْرِكُونَ}: يجعل فاعلاً مع الله، يقول: فلان أذاني، وفلان ضرَّني، حيث أنه لم يسلك الطريق، السماع عن الأم والأب لا يكفي. خطبة عن قوله تعالى (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. {أَفَأَمِنُواْ أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}
{أَفَأَمِنُواْ أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ}: بلاء عام، الساعة، الموت؟ أنت هل أمنت على نفسك من الموت؟ من الذي هو آمِن لا يخشى أن تصيبه مصيبة أو يأتيه الموت؟ {أَوْ تَأْتِيَهُمُ}: بآخر الزمان.
د. ت " التي قتلت بعض الحشرات، وقتلت معها الكثير من الطيور المفيدة. ولذلك يقول الحق سبحانه: { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ... } [الإسراء: 36] وعليك أن تدرس أيَّ مُخْتَرع قبل استعماله؛ لترى نفعه وضرره قبل أن تستعمله. وقد رأينا مَنْ يُدخِلون الكهرباء إلى بيوتهم، يحاولون أن يرفعوا موقع " فِيَش " الكهرباء عن مستوى تناول الأطفال؛ كي لا يضيع طفل أصابعه في تلك الفتحات فتصعقهم الكهرباء، ووجدنا بعضاً من المهندسين قد صَمَّموا أجهزة تفصل الكهرباء آلياً إنْ لمستْها يَدُ بشر. وهذا هو دَرْء المفسدة المُقدَّم على جَلْب المنفعة، وعلينا أن نحتاط لمثل هذه الأمور. وفي الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها نجد الحق سبحانه يقول: { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103] وهل قوله: { أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ... } [يوسف: 103] نسبة للذين لا يؤمنون، يعني أن المؤمنين قلة؟ نقول: لا؛ لأن " أكثر " قد يقابله " أقل " ، وقد يقابله " الكثير ". ويقول الحق سبحانه: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ... } [الحج: 18] وهكذا نجد أن كلمة " كثير " قد يقابلها أيضاً كلمة " كثير ".