وإنما تنازعوا في المعدوم الممكن: هل هو شيء أم لا؟ والتحقيق: أن المعدوم ليس بشيء في الخارج، ولكن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون، ويكتبه، وقد يذكره ويخبر به، كقوله تعالى: (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) [3] فيكون شيئا في العلم والذكر والكتاب، لا في الخارج، كما قال تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [4] ، وقال تعالى: (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئا) [5] ، أي: لم تكن شيئا في الخارج، وإن كان شيئا في علمه تعالى، وقال تعالى: (هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئا مَذْكُورا) [6]. قوله: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [7] ، رد على المشبهة. كتاب الأم/كتاب الصلاة/باب من لا يحسن القراءة وأقل فرض الصلاة والتكبير في الخفض والرفع - ويكي مصدر. وقوله تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [8] ، رد على المعطلة، فهو سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال، وليس له فيها شبيه. فالمخلوق وإن كان يوصف بأنه سميع بصير- فليس سمعه وبصره كسمع الرب وبصره، ولا يلزم من اثبات الصفة تشبيه، إذ صفات المخلوق كما يليق به، وصفات الخالق كما يليق به. ولا تنف. عن الله ما وصف به نفسه وما وصفه به أعرف الخلق بربه وما يجب له وما يمتنع عليه، وأنصحهم لأمته، وأفصحهم وأقدرهم على البيان.
- Be mad at the right people/ كن غاضبًا من الأشخاص المناسبين : Palestine
- كن صيدلاني واصنع كريمك من الطبيعة : Diet_and_Nutrition
- مجلة الرسالة/العدد 129/المتنبي في ديوانه بمناسبة ذاكره الألفية - ويكي مصدر
- كتاب الأم/كتاب الصلاة/باب من لا يحسن القراءة وأقل فرض الصلاة والتكبير في الخفض والرفع - ويكي مصدر
Be Mad At The Right People/ كن غاضبًا من الأشخاص المناسبين : Palestine
ذلك بأنه على كل شيء [1] قدير وكل شىء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، لا يحتاج إلى شيء، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير
شرح: ذلك إشارة إلى ثبوت صفاته في الأزل قبل خلقه. والكلام على كل وشمولها وشمول كل في كل مقام بحسب ما يحتف به من القرائن، يأتي في مسألة الكلام إن شاء الله تعالى. وقد حرفت المعتزلة المعنى المفهوم من قوله تعالى: (وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [2] ، فقالوا: أنه قادر على كل ما هو مقدور له، وأما نفس أفعال العباد فلا يقدر عليها عندهم، وتنازعوا: هل يقدر على مثلها أم لا؟! ولو كان المعنى على ما قالوا لكان هذا بمنزلة أن يقال: هو عالم بكل ما يعلمه وخالق لكل ما يخلقه ونحو ذلك من العبارات التي لا فائدة فيها. فسلبوا صفة كمال قدرته على كل شيء. وأما أهل السنة، فعندهم أن الله على كل شيء قدير، وكل ممكن فهو مندرج في هذا. كن صيدلاني واصنع كريمك من الطبيعة : Diet_and_Nutrition. وأما المحال لذاته، مثل كون الشيء الواحد موجودا معدوما في حال واحدة، فهذا لا حقيقة له، ولا يتصور وجوده، ولا يسمى شيئا، باتفاق العقلاء. ومن هذا الباب: خلق مثل نفسه، وإعدام نفسه وأمثال ذلك من المحال. وهذا الأصل هو الإيمان بربوبيته العامة التامة، فإنه لا يؤمن بأنه رب كل شيء إلا من آمن أنه قادر على تلك الأشياء، ولا يؤمن بتمام ربوبيته وكمالها إلا من آمن بأنه على كل شيء قدير.
كن صيدلاني واصنع كريمك من الطبيعة : Diet_And_Nutrition
قال تعالى: (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ) [11]. الثالث: ذكر صفاته والخبر عنها وتنزيهها من العيوب والنقائص والتمثيل. الرابع: محبة الموصوف بها وتوحيده، والإخلاص له، والتوكل عليه، والإنابة إليه. وكلما كان الإيمان بالصفات أكمل كان هذا الحب والإخلاص أقوى. فعبارات السلف كلها تدور على هذه المعاني الأربعة.
مجلة الرسالة/العدد 129/المتنبي في ديوانه بمناسبة ذاكره الألفية - ويكي مصدر
ولا نستدل على ذلك بأكثر من مطلع هذه القصيدة التي يمدح بها سيف الدولة، فان فيه وحده بلاغا لمن يتشكك في هذا القدر، وهو قوله:
على قَدْرِ أهلِ العزْمِ تأتي العزائم... وتَأتي على قَدْرِ الكِرَامِ المكارِمُ
وتَعْظَمَ في عَيْنِ الصَّغير صغارُها... وتصغُرُ في عين العَظِيم العَظاِئمُ
وكما يعرف الجمهور هذه الحقيقة من أمر المتنبي اليوم، فانه كان يعرفها بالأمس وفي نفس عصر المتنبي. مجلة الرسالة/العدد 129/المتنبي في ديوانه بمناسبة ذاكره الألفية - ويكي مصدر. يدلنا على ذلك هذه العناية الكبيرة من الأدباء بشعره؛ فمن شرح له، إلى انتقاد، إلى تقريظ، إلى غير ذلك مما لم ينله شاعر قبله ولا بعده. وفي حياة المتنبي قال ابن العميد لأحد خلصائه: (انه والله ليغيظني أمر هذا المتنبي واجتهادي في إخماد ذكراه، فقد ورد على نيف وستون كتابا في التعزية ما منها إلا وقد صدر بقوله:
طَوَى الجزيرةَ حتى جاءني خبرٌ... فَزِْعتُ منه بآمالي إلى الكذبِ
حتى إذا لم يَدَعْ لي صدقه أملاً... شَرِقت بالدمع حتى كاد يَشرَقُ ولاحظ الأستاذ العقاد عن المدة بين نظم القصيدة التي منها هذان البيتان وموت أخت ابن العميد التي كانت التعزية فيها، أنها لا تزيد كثيرا على سنة واحدة. فانظر كيف كان تلقف الأدباء لآثار المتنبي وتلقيهم لها بالقبول، برغم وجود كثير من المنافسين له والعاملين على إخماد ذكراه كما يعبر الرئيس ابن العميد!
كتاب الأم/كتاب الصلاة/باب من لا يحسن القراءة وأقل فرض الصلاة والتكبير في الخفض والرفع - ويكي مصدر
وهذا الخبر وحده كاف في نفي هذه التهمة عنه، لا لتشكك المعري فيها، ولكن لما يتضمنه ذلك من إخفاء قضية التنبؤ وعدم شهرتها بين الخاصة فأبله بالعامة، وإلا لما سأل ابن القارح أبا العلاء عن حقيقتها فأجابه أبو العلاء بذلك الجواب. وهذا على أن ما بين المتنبي وأبي العلاء من الزمن لا يجاوز العقد الواحد من السنين. فكيف خفي هذا الأمر ودفن مع المتنبي حتى أن اثنين من كبار أدباء ذلك العصر لا يجدان سبيلا إلى التوثق منه، مع أن العادة في مثله إذا وقع ولو ممن هو أدنى من المتنبي مقاما، أن يشتهر ويتعالم فيتناقله الناس ولا يبقى إحدى ليس عنده نبأ منه! وأكثر من خبر المعري دلالة على هذا المعنى، خبر ابن جني الذي ذكر له أبو القاسم الشريف (الشريف الغرناطي) في شرح مقصورة حازم، قال: (وحكى أبو الفتح ابن جني قال: سمعت أبا الطيب المتنبي يقول: إنما لقبت بالمتنبي لقولي:
أنا تِرْبُ الندَى وربُّ القوافي... وسمامُ العدَى وغيظُ الحسودِ
أنا فِي أمةٍ تدارَكها الله... غريبٌ كصالح في ثُمودِ)
فهو لو كان تنبأ حقيقة لما جهل ذلك من أمره حتى يحتاج إلى البيان، وإلا كان كالمعتذر بأقبح من الزلة. وصفوة القول أن قضية تنبئه لم تثبت حتى في زمن حياته.
مجلة الرسالة/العدد 129/المتنبي في ديوانه بمناسبة ذاكره الألفية
للأستاذ عبد الله كنون الحسني
اختلفت مذاهب الأدباء في المتنبي بين المدح والذم اختلافا شديدا منذ العصور الذي كان يحيا فيه إلى الآن، وقد مر على وفاته عشرة قرون كاملة. وانك لتجد اليوم بعد هذه الأجيال الطويلة من يتكلم عن المتنبي بلسان الصاحب بن عباد خصمه العنيدالذي جعل وكده النيل من المتنبي وإنكار فضائله بالحق أو الباطل، ومن يدافع عنه ويتعصب له أكثر من ابن جني وأبي العلاء. ولقد كان حريا أن تضيع حقيقة المتنبي بين التفريط والإفراط من الفريقين كما هو الشأن في كل ما يتعاوره هذان العاملان المختلفان، ولكن المتنبي كان شخصية فذة تأبى إلا الإعلان عن نفسها والظهور بمظهرها الحقيقة مهما حالت الحوائل بينها وبين الناس فالمتنبي لا يجهل أحد من المثقفين اليوم أنه من أكبر شعراء العربية إن لم يكن أكبرهم على الإطلاق. رفع من شأن الشعر العربي فأحله مرتبة لم تكن له من قبل، بما نفى عنه من الزخارف اللفظية والأساليب التقليدية والأغراض السافلة، وما نفخ فيه من روح العظمة والابتكار والسمو إلى الغايات البعيدة المنال. حتى انه إذا مدح شخصا فان مدحه له يكون كالتلقين لمبدأ سام لا يجد الإنسان مندوحة عن الاستجابة له من أعماق نفسه.
ومع تأكيدنا أن الذين وشوا به لم يتهموه إلا بالخروج، لا نستبعد أنهم الذين لمزوه بذلك اللقب المشنوء لما رأوا تعاليه عليهم وتقريعه لهم مع تشبيههم باليهود وتشبيه نفسه بالأنبياء كما في قوله:
ما مقامي بأرض نخلةَ إلا... كمقام المسيح بن اليهود
وقوله: فلا تسمعن من الكاذبين... ولا تعبأنَّ بمحك اليهود
بل إننا لا نكاد نميل عن هذا الرأي في سبب تلقينه بالمتني حتى تقوم الحجة، والحجة القاطعة على خلافه. وأما أقوال خصومه في ذلك فمرجد ادكار قوله انه سمام العدا وغيظ الحسود تضعف وتضمحل حتى لا يبقى لها اعتبار ما. وأما عقيدته فهي مما كثر كلام الناس فيه؛ ولسوء حظ المتنبي لم يتناولها إلا منتقد، وليس هناك معتقد فيما نعلم تولي رد ما رمى به من الزبغ والإلحاد. فنحن نبين ما يعتمد إليه متهموه فيها ونعقب عليه بما يلوح لنا من ذلك صحيحا أو باطلا. غير أنه لابد من القول أن مثل المتنبي في أدبه وشعره وروحه الفلسفية لا يطمع منه أن يكون متدينا خالصا إلى حد التبتل والانقطاع للعابدة ومحاسبة نفسه على الخطرات وحبس لسانه عن فضول الكلام، فان التدين بهذه الصفة مما لا يكاد يفهمه إخوانه من الشعراء وأهل الأدب على وجه العموم. وقديما مثلوا برقة إيمان الأدباء، فكيف نريد منالمتنبي أن يتستر على جمهورهم ويقدم لنا من نفسه (أويسا) في ثوب شاعر، أو شاعار في ثوب (أويس)؟ ولئن قال علي بن حمزة عن المتنبي إنه ما صام ولا صلى ولا قرأ القرآن فلقد قال عنه إنه ما كذب ولا زنا ولا لاط.