[١٠] فطلبت آسيا من أمّ موسى أن تبقى عندها في القصر لترضع موسى عليه السلام، ولكنّها اعتذرَت من أنّ عندها أبناء وزوجًا يريدونها، ولا يمكنها فراقهم، فسمحت لها عند ذلك آسيا أن تأخذ الطّفل وتربّيه في في بيتها، وأن ترعاه وتنتبه له لئلّا يتأذّى، وبذلك تمّت كلمة الله -تعالى- وصدقَ وعده لأمّ موسى عليه السلام، يقول تعالى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ}.
علل رغبة زوجة فرعون الى زوجها الا يقتل موسى - ملك الجواب
فخرج فرعون الى قومه وقال لهم: ما رأيكم فى سيدتكم الملكة أسيا بنت مزاحم ؟ فقالوا ليس في النساء من هى مثلها ، فقال لهم: لقد كفرت بي وبعبادتى واتبعت رب موسى ، وقالوا: إذن اقتلها ، عذاب اسيا بنت مزاحم وبعدها أمر فرعون ان يربطها الجنود في صخرة تحت شمس البلاد الحارقة من دون طعام أو ماء ، فكان الله سبحانه وتعالى يرسل اليها ملائكته ليظلوها من حر الشمس. وظل فرعون اياما طويلة يعذب زوجته الملكة حتى ترجع عن دين الله الحق ، ولكنة لم يعلم ان من يذق حلاوة الإيمان لا يعود ابدا الى الضلال مرة اخرى ، لقد طلبت السيدة أسيا من الله عز وجل أن ترى بيتها في الجنة حتى تفرح ويهون عليها العذاب ، وبالفعل أراها الله بيتها فابتسمت وفرحت وأخذت تضحك. آسيا بنت مزاحم فى القران الكريم وقد قال اللة تعالى فى كتابة الكريم: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (11) سورة التحريم وكان فرعون مازال حاضرًا في هذة اللحظة فقال لهم: أنظروا الى جنونها وهى تضحك ونحن نعذبها ، وبعد ذلك أمرهم أن يلقوا عليها بصخرة ضخمة ، فقبض الله روحها بسلام ونزلت الصخرة على جسد لا روح فيه.
قصة آسيا بنت مزاحم ,زوجة فرعون
في تلك الأثناء رأت جواري السيدة آسيا التابوت أمام القصر، فنزلن إلى اليم وأحضرنه إليها ولكن دون أن يفتحنه، فكانت هي أول من فتحه ورأت الصبي، ولما رآته قذف الله حبه في قلبها فكأن نور النبوءة كان ينبعث منه ويلقي بظلاله على المكان، فأخذته معها وقررت أن تحتفظ به. ولما علم جنود فرعون بوجود الرضيع أرادوا قتله، ولكن كانت السيدة آسيا بنت مزاحم هي الرادع لهم، فقد أقنعت الفرعون بالإبقاء على حياته قائلة: فلنتخذه ولدًا ينفعنا، فوافق الفرعون تحت إلحاح منها. كانت فرحة السيدة العظيمة آسيا زوجة فرعون في تلك اللحظة لا توصف، فقد كان موسى عليه السلام هبة من الله لها. فبدأت تبحث له عن إمرأة يلثم ثدييها وترضعه من لبنها، ولكن فشلت كل محاولاتها؛ فقد رفض الرضيع موسى كل مرضعة أتوا بها، وهنا جاءت أخته من أمه يوكابد وقالت لهم أعرف مرضعة لن يرفضها موسى، وبالفعل رضع سيدنا موسى عليه السلام من أمه يوكابد، وكان هذا من رأفة الله به وبها. كان موسى عليه السلام هو السراج الذي أنار قصر فرعون، وأحيا ظلمته، وقد تعلقت به السيدة آسيا تعلقًا شديدًا، فلما علمت بأمر نبوته آمنت به وصدقت ما قاله، ولكنها لم تعلن عن ذلك خوفًا من بطش فرعون، وظلت على حالها حتى جاءها خبر عصا موسى التي ألقاها فتحولت ثعبانًا عظيمًا التهم كل ما ألقاه السحرة من ثعابين.
لم يستطع فرعون أن ينزع الإيمان من صدر السيدة آسيا، فأمر زبانيته أن يلقوا عليها بصخرة عظيمة، فرحمها الله عز وجل وقبض روحها بسلام، لتنزل الصخرة على جسٍد لا روح فيه، وهكذا فارقت آسيا زوجة فرعون الحياة المليئة بالظلم والعذاب بروحٍ تواقة لنعيم الجنة، لتضرب بذلك أروع الأمثلة في التشبث بعبادة الواحد الأحد، فهي لم تعبأ بملكٍ ولا ثراء ولا حتى خوفٍ من الفرعون، كل ما كان يشغلها هو رضا الله عز وجل وبيتًا في الجنة.