والتعبير القرآني مقصود وكل حذف وإضافة مقصود أن يوضع في مكانه. في سورة العنكبوت ذكر ياء المتكلم في قوله تعالى (يا عبادي الذين آمنوا) أما في آية سورة الزمر أُشير إلى ياء المتكلم بالكسرة فجاءت عباد (قل يا عباد الذين آمنوا) وفي الحالتين أُضيفت ياء المتكلم ففي الأولي هي موجودة وفي الثانية محذوفة ومشار إليها بالكسرة. وكلمة عبادي تدل على أن مجموعة العباد الذين يناديهم الله تعالى ويخاطبهم أوسع والاقتطاع من الكلمة (عباد) يقتطع جزء من العباد المخاطبين. وأحياناً يُقتطع من الفعل أو يكون مكتلاً ولهما حالة إعرابية واحدة والاقتطاع جائز في اللغو ولكن له سبب يتعلق بطول الحدث أو اتساعه. وكلمة عباد هي تدل على عدد أقل من عبادي. ومن أشهر أحوال اقتطاع ياء المتكلم هي حذف للياء واستبدالها بالكسرة مثل قوله تعالى (قل يا عباد) وقوله تعالى (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {53} الزمر) بذكر الياء لأن المسرفون هم كثر لذا جاءت عبادي بياء المتكلم. وقوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) جاءت عبادي بذكر ياء المتكلم لأنها تشمل كل العباد.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة العنكبوت - قوله تعالى يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون - الجزء رقم10
وجملة: (يغشاهم... ) في محلّ جر مضاف إليه. وجملة: (يقول... ) في محلّ جر معطوفة على جملة يغشاهم. وجملة: (ذوقوا... وجملة: (كنتم تعملون.. ) لا محلّ لها صلة الموصول (ما). وجملة: (تعملون. ) في محلّ نصب خبر كنتم. البلاغة: خص سبحانه وتعالى نار جهنم بالجانبين الأعلى والأسفل، ولم يذكر اليمين ولا الشمال، ولا الخلف ولا الأمام لإظهار الفرق بينهما وبين نار الدنيا التي تحيط بجميع الجوانب فنار جهنم لا تطفأ بالدوس عليها، ولكنها تنزل من فوق.. إعراب الآيات (56- 57): {يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ (57)}. الإعراب: (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت لعبادي الفاء الأولى رابطة لجواب شرط مقدّر، الفاء الثانية زائدة للتزيين (إياي) ضمير منفصل في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف يفسّره ما بعده النون في (اعبدون) للوقاية قبل الياء المحذوفة لمناسبة الفاصلة. جملة النداء: (يا عبادي) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (إنّ أرضي واسعة.. ) لا محلّ لها جواب النداء. وجملة: (اعبدوا) المقدّرة في محل جزم جواب الشرط المقدّر أي إن ضاقت عليكم أرضكم فاعبدوني في أيّ أرض تهاجرون إليها غير أرضكم.
الباحث القرآني
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) قوله تعالى: يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة هذه الآية نزلت في تحريض المؤمنين الذين كانوا بمكة على الهجرة - في قول مقاتل والكلبي - فأخبرهم الله تعالى بسعة أرضه وأن البقاء في بقعة على أذى الكفار ليس بصواب. بل الصواب أن يتلمس عبادة الله في أرضه مع صالحي عباده; أي إن كنتم في ضيق من إظهار الإيمان بها فهاجروا إلى المدينة فإنها واسعة; لإظهار التوحيد بها. وقال ابن جبير وعطاء: إن الأرض التي فيها الظلم والمنكر تترتب فيها هذه الآية وتلزم الهجرة عنها إلى بلد حق. وقاله مالك. وقال مجاهد: إن أرضي واسعة فهاجروا وجاهدوا وقال مطرف بن الشخير: المعنى: إن رحمتي واسعة. وعنه أيضا: إن رزقي لكم واسع فابتغوه في الأرض قال سفيان الثوري: إذا كنت بأرض غالية فانتقل إلى غيرها تملأ فيها جرابك خبزا بدرهم. وقيل: المعنى: إن أرضي التي هي أرض الجنة واسعة فاعبدون حتى أورثكموها. فإياي فاعبدون ( إياي) منصوب بفعل مضمر; أي فاعبدوا ، إياي فاعبدون ، فاستغنى بأحد الفعلين عن الثاني. والفاء في قوله: ( فإياي) بمعنى الشرط أي إن ضاق بكم موضع فإياي فاعبدوني في غيره; لأن أرضي واسعة.
تفسير قوله تعالى: ياعبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) القول في تأويل قوله تعالى: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (56) يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من عباده: يا عبادي الذين وحَّدوني، وآمنوا بي، وبرسولي محمد صلى الله عليه وسلم (إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ). واختلف أهل التأويل في المعنى الذي أريد من الخبر عن سعة الأرض، فقال بعضهم: أريد بذلك أنها لم تضق عليكم فتقيموا بموضع منها لا يحلّ لكم المُقام فيه، ولكن إذا عمل بمكان منها بمعاصي الله، فلم تقدروا على تغييره، فاهرُبوا منه. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن سعيد بن جبير في قوله: (إنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ) قال: إذا عُمِل فيها بالمعاصي، فاخرج منها. حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن إسماعيل بن أبي &; 20-56 &; خالد، عن سعيد بن جُبير، في قوله: (إنَّ أرْضِي وَاسِعَةٌ) قال: إذا عمل فيها بالمعاصي، فاخرج منها. حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن ليث، عن رجل، عن سعيد بن جُبَير قال: اهرُبوا؛ فإن أرضي واسعة.
وقال سعيد بن جبير: إذا عمل في أرض بالمعاصي فاخرجوا منها فإن أرضي واسعة. وقال عطاء: إذا أمرتم بالمعاصي فاهربوا فإن أرضي واسعة. وكذلك يجب على كل من كان في بلد يعمل فيها بالمعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى حيث يتهيأ له العبادة. وقيل: نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة بمكة ، وقالوا: نخشى ، إن هاجرنا ، من الجوع وضيق المعيشة ، فأنزل الله هذه الآية ولم يعذرهم بترك الخروج. وقال مطرف بن عبد الله: " أرضي واسعة " أي: رزقي لكم واسع فاخرجوا. ﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال الإمام ابن كثير: قوله- تعالى-: يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ... : هذا أمر من الله- تعالى- لعباده المؤمنين، بالهجرة من البلد الذي لا يقدرون فيه على إقامة الدين، إلى أرض الله الواسعة، حيث يمكن إقامة الدين، بأن يوحدوا الله ويعبدوه كما أمرهم... روى الإمام أحمد عن أبى يحيى مولى الزبير بن العوام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«البلاد بلاد الله، والعباد عباد الله، فحيثما أصبت خيرا فأقم». ولهذا لما ضاق على المستضعفين بمكة مقامهم بها، خرجوا مهاجرين إلى أرض الحبشة، ليأمنوا على دينهم هناك.. ثم بعد ذلك، هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة المنورة... ».
وجملة: (هو السميع.. الفوائد: - (كأي) أو (كأين) حسب رسم المصحف: وهي اسم مركب من (كاف) التشبيه و(أي) المنونة، وجاز الوقف عليها بالنون. وهي بمعنى (كم) وتوافقها في خمسة أمور: (الإبهام والافتقار إلى التمييز والبناء، ولزوم التصدير. وإفادة التكثير) وهو الغالب نحو: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ). وتخالفها في خمسة أمور: الأول: أن (كأين) مركبة وكم بسيطة. الثاني: أن مميزها مجرور ب (من) غالبا، كما مرّ آنفا. الثالث: أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور. الرابع: أنها لا تقع مجرورة. الخامس: أن خبرها لا يقع مفردا بل جملة، كما مرّ في الآيات السابقة.