الحج فريضة عظيمة، وعبادة جليلة، وهو ركن من الأركان الخمسة التي بنيت عليها شريعة الإسلام، فرضه الله سبحانه وتعالى مرة واحدة في العمر على كل من يستطيع أن يوفر متطلباته من الزاد والراحلة والسفر الآمن (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) آل عمران 97، ورتب الله تعالى مناسكه ترتيباً دقيقاً، وحدد له الزمان والمكان الذي لا تصح المناسك إلا بهما. ولقد كانت دعوة الحق سبحانه إلى الحج بقصد الحصول على المنافع؛ الدنيوية والأخروية (… ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات…) الحج 28، فأما منافع الآخرة فتتمثل في التقرب إلى الله والخضوع له والتذلل بين يديه، وتجريد العبادة كلها لله وحده من طواف وسعي ووقوف بعرفة ودعاء وخوف ورجاء وصلاة وذبح وغير ذلك. وأما منافع الدنيا فبالبيع والشراء والتجارة بأنواعها، يقول ابن عباس رضي الله عنهما «ليشهدوا منافع لهم.. التفريغ النصي - تفسير سورة الحج [26 - 28] - للشيخ أحمد حطيبة. منافع الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان الله، وأما منافع الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والتجارات». والحج تهذيب للنفس وتربية للروح وتطهير للقلب من الضغائن والأحقاد (فمن فَرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) البقرة 197، أي أن على الحاج أن يكون حسن الخلق، عفَّ اللسان، حسن الظن، رقيق المشاعر، لا يتكلم لسانه إلا بالطيب، ولا تتحرك جوارحه إلا لطاعة، ولا يحمل قلبه سوى الرحمة والرأفة والعفو والصفح والمودة للآخرين.
التفريغ النصي - تفسير سورة الحج [26 - 28] - للشيخ أحمد حطيبة
وقال آخرون: هي الأجْر في الآخرة, والتجارة في الدنيا. *ذكر من قال ذلك:- حدثنا ابن بشار, وسوار بن عبد الله, قالا ثنا يحيى بن سعيد, قال: ثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: التجارة, وما يرضي الله من أمر الدنيا والآخرة. حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: ثنا إسحاق, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله. حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله. حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: ثنا سفيان, قال: أخبرنا إسحاق, عن أبي بشر, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: الأجر في الآخرة, والتجارة في الدنيا. حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، مثله. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله. وقال آخرون: بل هي العفو والمغفرة. *ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن جابر, عن أبي جعفر: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: العفو. حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني أبو تُمَيلة, عن أبي حمزة, عن جابر, قال: قال محمد بن عليّ: مغفرة.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحج - الآية 28
جاء عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما فرغ إبراهيم عليه الصلاة والسلام من بناء البيت قيل له: أذن في الناس بالحج، فقال: يا رب وما يبلغ صوتي؟ يعني: أنا في هذا المكان فلمن أؤذن، ومن سيسمع صوتي، ويأتي إلي؟ فقال: أذن وعلي البلاغ. إذاً: فقد كان إبراهيم سبباً من الأسباب فقط، فالله يقول له: عليك الأذان فقط، وليس عليك النتيجة. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام. قال ابن عباس: فصعد إبراهيم خليل الله عليه الصلاة والسلام جبل أبي قبيس في مكة ونادى: يا أيها الناس! إن الله قد أمركم بحج هذا البيت ليثيبكم به الجنة ويجيركم من عذاب النار فحجوا، فأسمع الله عز وجل الناس، والعادة أن الإنسان عندما يتكلم لا يسمعه إلا الحاضر، ولكن إبراهيم أسمع الحاضر والغائب أيضاً، وأسمع من لم يوجد؛ لأن الذي أوصل صوته إليهم هو: الله سبحانه تبارك وتعالى، وإنما كان إبراهيم سبباً فقط، وهذا كما قال لنبينا صلى الله عليه وسلم: وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى [الأنفال:17] عندما أخذ كفاً من حصى ورماه في وجوه الكفار، وقال: ( شاهت الوجوه)، فإذا بالله يعمي أبصار هؤلاء فلا يرون، وكف الحصى لا يكفي لإصابتهم أجمعين، ولكنه رمى وكانت النتيجة من الله سبحانه تبارك وتعالى.
ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات - موقع الأستاذ / أحمد الشيبة النعيمي
هذا وبالله التوفيق،،،
( دكتوراه في الاقتصاد)
«ليشهدوا منافع لهم..» | مجلة الاقتصاد الإسلامي
لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) وقوله: ( لِيَشْهُدوا مَنافِعَ لَهُمْ) اختلف أهل التأويل في معنى المنافع التي ذكرها الله في هذا الموضع فقال بعضهم:هي التجارة ومنافع الدنيا. *ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد, قال: ثنا حكام, قال: ثنا عمرو بن عاصم, عن أبي رزين, عن ابن عباس: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) قال: هي الأسواق. حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثنا أبو تُمَيلة, عن أبي حمزة, عن جابر بن الحكم, عن مجاهد عن ابن عباس, قال: تجارة. حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو أحمد, قال: ثنا سفيان, عن عاصم بن بهدلة, عن أبي رزين, في قوله: ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لهُمْ) قال: أسواقهم. قال: ثنا عبد الرحمن, قال: ثنا سفيان, عن واقد, عن سعيد بن جُبير: ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) قال: التجارة. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات - موقع الأستاذ / أحمد الشيبة النعيمي. حدثنا عبد الحميد بن بيان, قال: أخبرنا إسحاق عن سفيان, عن واقد, عن سعيد بن جبير, مثله. حدثنا أبو كريب, قال: ثنا ابن يمان, عن سفيان, عن واقد, عن سعيد, مثله. حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا سنان, عن عاصم بن أبي النجود, عن أبي رزين: ( لِيَشْهَدُوا مَنافِعُ لَهُمْ) قال: الأسواق.
روى الإمام البخاري عن ابن عباس قال: كانت عكاظ ومِجَنَّة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتاثَّموا أن يتَجروا في المواسم، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنزلت الآية. الإخلاص شرط في جميع العبادات، إلا انه ألا حرج على الإنسان أن يبتغي فضلا من الله بالتجارة، وهو قاصد البيت الحرام، وإنما الذي يخل بالإخلاص ألا يكون له قصد إلا الاتجار والتكسب. جاء الأمر بفريضة الحج، مقرونا ببيان حكمته، للفرد والجماعة والأمة، في نطاق العبادة ورعاية المصالح. الهدايا واقتصاديات الحج
معروف شدة اهتمام الحجاج والمعتمرين والزائرين على شراء هدايا من الديار المقدسة، ولكن نسبة كبيرة وربما معظم الهدايا، بل معظم السلع التي يحتاج إليها الناس تنتج في بلاد غير إسلامية، ولذلك تقل استفادة البلاد الإسلامية وخاصة هذه البلاد "السعودية" من منافع الدنيا المحققة في الحج. وهنا فرصة عظيمة لبلادنا ومن ترغب في المشاركة من دول المسلمين لإنشاء مشروعات تتولى إنتاج وتسويق كل ما يمكن أن ينتج ويسوق في مكة والمدينة على الحجاج والمعتمرين والزوار، من الطيبات طبعا، حتى يكون خير المسلمين للمسلمين، وخاصة في الديار المقدسة. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الحج - الآية 28. وينبغي للمؤسسات المالية دراسة النشاط الاقتصادي المترتب على الحج والعمرة، وتمويل ما يمكن من مشروعات تجارية.