أكثر ما يؤلم في الخوف: الإهانة. عشت طويلا وأنا أستغلّ أي فرصة لأضع نفسي أمام الخوف، وجها لوجه، تلمس أرنبة أنفي أرنبة أنفه، لا لشيء سوى لأقول: "جرب تهينّي، يبن الكلب؟"، قبل أن أدرك أن الأمر لا يستحق، وأن هزّةَ كتفٍ حكيمةٍ – إذا نُفذت بالطريقة المناسبة – تستطيع أن تنفض أي إهانة محتملة في فعل التراجع عن الصدامات السخيفة التي تصفّي من خلالها عداواتك القديمة مع الخوف. أعتقد أن خطوط الثلج التي تلون شعري الآن وانحناءة التفكير التي تقوّس رقبتي وفجوات الأناة التي تقسّط كلامي جعلتني أتقن تلك الهزة إلى درجةٍ أقنعتني أنها كافية فعلا لتنفض أي إهانة محتملة. ينبت شاربي، أخضرا ومتنافرا. تقول أمي إن كل شيء يذكرها بعمي الذي سُمّيتُ على اسمه ومات دون الثلاثين. أسألها: "طيب وأنا أذكرك به؟"، فتقول لا. أبتسم، وأهزّ رأسي، وأنا أفكر بنبرة المتهورين الواقفين على حافة اليقظة الكبرى التي نسميها الحياة: "إذا مت قبل الثلاثين بأذكّرك به". ولأنني مت كثيرا، أكثر مما يمكن إحصاؤه، فمن الصعب ترقيم ما يتكرر. مثلا، إحدى المرات التي مت فيها، كانت وأنا في الـ13 من عمري. تعرفت على واحد .. وصار نشبه.. وش الحل ؟!! ( شارك في إيجابيات وسلبيات التعارف). ولكنها حالة اكتشاف جسدي يصعب الحديث عنها دون الإسفاف في الكلام.
تعرفت على واحد .. وصار نشبه.. وش الحل ؟!! ( شارك في إيجابيات وسلبيات التعارف)
لنتجاوزها. متّ أيضا في الـ17. لم أكن أتخيل أن العالم واسع إلى هذه الدرجة. الرياض، بكل شوارعها، ومبانيها، وأناسها، وسمائها وأرضها، بدت كونا داخل الكون. وأنا، ذلك الجسم الصغير، الوافد من بلاد صغيرة، يمشي في زقاق يقول صديقي إن ليس له اسما، لأن الأسماء انتهت، ولا يمكن أن تسمي كل هذه الشوارع والأزقة بما لا يتكرر. ويبرر: "كم تعرف من واحد اسمه سعد في عائلتكم بس؟"، وأهز رأسي: "يا كثرهم". ونذهب إلى الجامعة التي أتوه داخلها كل مرة بحثا عن قطيعي الذي يجلس في كيان مشيد من الاختراعات البشرية المذهلة ليدرس كتبا مؤلفة قبل مئات السنوات تخبرنا كيف يجب أن نتصرف ونعيش. وأقول لنفسي هذه الحياة ليست لك. "اتركها وعوّد. أو خايف؟"، كيف تخاف والموت خويك، أنظر إلى الحافة، قريبا ستسقط، ما الفرق؟
وأتركها وأعود لأقف وجها لوجه وأرنبة أنف لأرنبة أنف أمام الخوف، الذي كان أبشع آنذاك من مئة حشاش مشهور، يريك حياة كلّها خيبة وفشل وتكرار، وموت. حشمت عبدالله يكتب: تصيد الأخطاء جريمة أخلاقية لا يعاقب عليها القانون - اليوم السابع. ولكن الموت أنقذني. مت مرة أخرى في الـ19. لم يطرأ صوتٌ أكثر أهمية من الصوت الذي كان يخرج من فيش الهاتف، وهو يربطك بعالمٍ موازٍ للواقع، مليءٍ بالأوادم، والصور، والأفلام، والسوالف، والحوارات.
حشمت عبدالله يكتب: تصيد الأخطاء جريمة أخلاقية لا يعاقب عليها القانون - اليوم السابع
ما هي اجمل ذكرياتك؟
هل تحب الرياضة؟ ما هي رياضتك المفضلة؟
هل كنت طالبا مجتهدا؟
هل تحب القطط ام الكلاب؟
من هو بطل طفولتك؟
هل تعتبر نفسك شخص سعيد في حياته؟
ماذا ستفعل لو كنت لوحدك في جزيرة منعزلة؟
هل تأملت النجوم او القمر قبل ذلك؟
هل تؤمن بالعوالم الاخرى.
قال تعالى: "الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141) سورة النساء. إذا رأيت شخص يتصيد لك الأخطاء فى العمل أو فى محيط الأصدقاء، فتأكد أنه إنسان يحب الظهور على حساب الآخرين، وربما يرى فى نجاحك ضررًا له وثق أنه بعيد عن ربه وناقم على الآخرين. فلا تتمسك به وعامله بنفس معاملته ولا تحاول إرضاءه.. لأنك مهما فعلت لإرضائه سوف يستمر فى أفعاله الدنيئة. وثق تمام الثقة أنك ستنتصر عليه فى النهاية. تصيد أخطاء الآخرين ظاهرة متواجدة وبكثرة، وهى بالمعنى الأصح تكون (لقافة). تصيُّد الأخطاء داء إذا ما تمكن من نفس أطفأ ما فيها من نور الإيمان، وصيَّر القلب خرابا. قال الإمام أحمد لعبد الله بن الزبير الحميدى فى مكة - تعال لأريك رجلاً لم تر عينك قط مثله وذهب به إلى الشافعى فسألوه مائة مسألة أو أكثر وأجاب الشافعى رحمه الله فلما خرجوا التفت الإمام أحمد إلى عبد الله بن الزبير، وقال له: كيف رأيته؟ قال: ما أعجبه!