إن إصلاح التعليم يحتاج ثورة معرفية تعيد هيكلته وترتب أولوياته، واضعة في الحسبان مشاريع التنمية، وبناء عقل الإنسان ليكون فاعلاً في دفع مسيرة التنمية إلى المستويات التي تليق بنا وبكوننا نعيش في عصر لا مكان فيه لمن يعشقون العيش في ظلمات الماضي. ولا شك أن وضع خطط وإستراتيجيات وتحديد الفلسفة والسياسات العامة للتعليم، تعدّ من المرتكزات الأساسية التي على أساسها تتطور البنى التعليمية. ما أفسده الدهر. يأتي على رأس ذلك إصلاح المناهج التي ينبغي أن تخرج من نطاقها الضيق الذي حصرت فيه، بأن تتسع لدراسة العلوم الطبيعية والتجريبية وعلوم الحاسب والفلسفة والمنطق، وتاريخ الأديان وتاريخ الأمم القديمة، والفنون بأنواعها، واللغات الأجنبية. هذه العلوم منع المتشددون تدريسها خوفاً من تأثيرها على الدين، وهذا لا يعني إلا التشكيك في قدرة الدين نفسه على الصمود في وجه أي جديد، وذلك الخوف لا يبرر مصادرتها، ووضع الحدود والقيود دون تدريسها، إن الحرص على الدين ينبغي أن يجعلنا على يقين راسخ بأن الدين له من القوة والقدرة على الثبات ما يمكنه من الصمود أمام التحديات والمستحدثات، فهو ليس ذلك الدين الهش الذي يمكن أن يعصف به أي طارئ.
قحت – هل يصلح العطّار ما افسده الدهر؟ .. بقلم: اسماعيل عبد الله – سودانايل
إلى متى تبقى هذه النماذج عاجزةً عن تقبُّل الواقع الجديد، وأننا لسنا في زمن الرأي الواحد الذي لا لبس فيه، وأن سنَّ الطفولة قَصُرَ لدرجة أن الصغار بإمكانهم تقليب العالم بين أيديهم بكل سهولة للحصول على أية معلومة أرادوا ومن مصادر شتى! إلى متى يظل هؤلاء يؤمنون بقانون السيطرة، وأنَّ الغلبة للصوت الأعلى، وأن السكوت علامة الرضا، وإلى متى تظل الدائرة المحيطة بهم على صمتِها المُطبق والمطبٍّق لاتفاقية السلام التي لم تجلب لهذا العالم إلا المزيد من الطواغيت، والمزيد من الآلام، والمزيد من التخلُّف وراء الأمم؟!
ما أفسده الدهر
إن كان القائمون على جهاز المرور في المملكة يعتقدون أن نظام ساهر وحده سيخرجنا من ظلمات فوضى قيادة السيارة والتعامل معها إلى نور الانضباط والذوق والتعامل الأفضل مع الغير فهم مخطئون. صحيح أن نظام ساهر نجح في الحد من السرعة وبالتالي التقليل الواضح في عدد الضحايا الناتج من السرعة وهذا أمر محمود بلا شك. حدث ذلك من خلال إصدار التنكيل والعقاب الذي كنا نطالب به منذ سنوات وبدأ السائقون يضعون عيونهم وللمرة الأولى على عداد السرعة. وصحيح أن النظام يحتوي على الكثير من مسائل الضبط التي لم يبدأ المرور بتطبيقها بعد، غير أن هذا النظام لم ولن يستطيع تحويل السائق المستهتر في تعامله مع السائق المجاور إلى سائق يملك الذوق واللباقة المفقودة. ما نطالب به هو الذوق العام الذي لن يأتي تبرعاً وهبة من السائق بل من خلال فرض الهيبة والنظام كما فعلنا مع موضوع السرعة. ولأن هذه الهيبة تتطلب وجود رجال قادرين على زرعها في الشوارع والطرق ولأن هؤلاء الرجال وببالغ الأسف لم يعد لهم وجود يذكر فإن هذه الهيبة تلاشت بشكل كبير ولا سيما في السنوات الأربع الماضية. الكثيرون سيتفقون معي اليوم بأن رجل المرور يشاهد بعينيه كيف يتجاوز السائق طابور الانتظار أمام مدخل نفق أو مدخل طريق سريع دون أن يتحرك ولو حتى بكلمة توبيخ.
ويرى المراقبون أن رئيس الائتلاف ترك الأمر بيد هذه الفئة المعروفة بكتلة (4 زائد واحد) مقابل تغيير النظام الداخلي الذي ينص على تحديد ولاية رئيس الائتلاف لمدة سنتين بدل سنة واحدة قابلة للتمديد مرة واحدة، مع منح الرئيس مزيد من الصلاحيات، وهو ما كان في النظام الداخلي الجديد. وتضم المجموعة النافذة كل من بدر جاموس وعبد الأحد اسطيفو وهادي البحرة وأنس العبدة، إضافة إلى سالم المسلط. من الواضح أن الأساس الذي قامت عليه هذه المؤسسة على أنقاض المجلس الوطني السوري، والذي جاء برعاية إقليمية ودولية، قد ساهم فيما آلت إليه أوضاعها، حيث البنية التي يتكون منها الائتلاف غير منسجمة، وتتحرك ضمن سياقات ابتعدت بها كثيرا عن طموحات الشعب السوري الثائر وتضحياته، وهي لا تختلف كثيرا عن بنية النظام في دمشق البعيدة عن الديمقراطية وقبول الآخر وفكرة الحرية التي قامت عليها ثورة السوريين. ومن هنا، تسقط دعاوى أن من فصلوا من الائتلاف هم العائق في تطويره، وكأن من بقي هم خير من يمثل الشعب السوري وثورته. والسؤال الذي يطرح نفسه، ألا يفترض ان أية عملية إصلاح يجب أن يسبقها مراجعة حقيقية وعلنية للفترة الماضية يشار فيها بوضوح للأخطاء المرتكبة ومن المسؤول عنها مع تحديد أهداف هذه العملية وسبل تحقيقها، وهو ما لم يتم أبدا، وجرى بدلا من ذلك تصفية حسابات في غرف مغلقة.