ومعنى ذلك: أن الله بشر السيدة عائشة في الدنيا قبل الآخرة بأنها طيبة مطيبة، وأنها زوجة الطيب المطيب، وهي مغفور ذنوبها والخواطر التي تخطر بنفسها، وأن الله عوضها بهذا الذي قذفت به رزقاً كريماً في الجنان. وعندما أخطأت عائشة رضي الله عنها وقامت تقاتل علي بن أبي طالب في فتنة الهودج، وحدث الذي حدث حاول بعض المنافقين أن يلعب دوراً في ذلك، فإذا بـ علي يقول: والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، وإنها لحبيبة نبيكم في الدنيا والآخرة، ولو صح أن تكون امرأة خليفة لكانت عائشة ، وبذلك قطع لسان كل أفاك، وقطع لسان كل من أراد أن يصطاد في الماء العكر، فهذه فتنة كانت وانتهت، فُتِنَ بها من فتن، وآب بالمغفرة من آب.
- ما جاء في قوله تعالى إن الذين يرمون المحصنات الغافلات - أحمد حطيبة
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النور - الآية 23
- الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - توجيه قوله تعالى : "إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة.."
ما جاء في قوله تعالى إن الذين يرمون المحصنات الغافلات - أحمد حطيبة
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ هذا وعيد من الله تعالى للذين يرمون المحصنات الغافلات - خرج مخرج الغالب - المؤمنات. فأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة ، ولا سيما التي كانت سبب النزول ، وهي عائشة بنت الصديق ، رضي الله عنهما. وقد أجمع العلماء ، رحمهم الله ، قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به [ بعد هذا الذي ذكر] في هذه الآية ، فإنه كافر; لأنه معاند للقرآن. وفي بقية أمهات المؤمنين قولان: أصحهما أنهن كهي ، والله أعلم. ما جاء في قوله تعالى إن الذين يرمون المحصنات الغافلات - أحمد حطيبة. وقوله تعالى: ( لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم) كقوله: ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) [ الأحزاب: 57]. وقد ذهب بعضهم إلى أنها خاصة بعائشة ، فقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عبد الله بن خراش ، عن العوام ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس: ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات) [ قال]: نزلت في عائشة خاصة. وكذا قال [ سعيد بن جبير و] مقاتل بن حيان ، وقد ذكره ابن جرير عن عائشة فقال: حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ، حدثنا أبو عوانة ، عن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه قال: قالت عائشة: رميت بما رميت به وأنا غافلة ، فبلغني بعد ذلك.
السورة:
رقم الأية:
إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا: الآية رقم 23 من سورة النور
الآية 23 من سورة النور مكتوبة بالرسم العثماني
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡغَٰفِلَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ﴾ [ النور: 23]
﴿ إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ﴾ [ النور: 23]
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النور - الآية 23
فلذلك أقول: لا يمكن أن نشترط أن على الإنسان أن يأتي إلى القاضي فيكذب نفسه؛ لأنه لو أكذب نفسه وهو صادق، فقد وقع في الكذب. الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - توجيه قوله تعالى : "إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة..". إذاً نقول: الأئمة الثلاثة: مالك و الشافعي و أحمد قالوا: بأن الاستثناء يرجع إلى الثاني والثالث، والإمام أبو حنيفة قال: بأن الاستثناء يرجع إلى الثالث فقط. وهاهنا مسألة وهي: لو أن الاستثناء رجع بعد مفردات متعاطفة، عطف بعضها على بعض، فهل يرجع إليها جميعاً، أو يرجع إلى بعض دون بعض؟ هذا ما نبينه في الدرس القادم إن شاء الله، أسأل الله أن ينفعني وإياكم. كيف يكون الإنسان صادقاً في علم الله كاذباً في حكمه
الحكمة في اشتراط أربعة شهود في القذف
السؤال: [ما الحكمة من تشديد البينة في القذف؟] الجواب: الحكمة من تشديد البينة كما ذكرت لكم، أن القذف في العرض أضر من القذف في غيره، فلو أن أحداً قال: فلان هذا سارق، ولو قال: فلان هذا زانٍ، فإن الرمي بالزنا أقبح، ما في شك، بل كلمة سارق لم تعد مذمة عند البعض خاصة إذا كان موظفاً، أو كان وزيراً. الهم الذي هم به يوسف عليه السلام
هذا ما لا يقبله منطق، ولم ينزل به وحي، ولم يجعل الله للطيبين من الرسل والأنبياء إلا الطيبات القانتات الصالحات المحصنات العفيفات الطاهرات، فقال جل جلاله: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ [النور:26]. فلا يليق بالطيب المطيب والطاهر المطهر صلى الله عليه وسلم، أن تكون له زوجة خبيثة، يصدر عنها ما قاله هؤلاء الأفاكون الكذابون عندما قالوا ما قالوا وهم لا يلقون بالاً لما قالوه. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن أحدكم لينطق بالكلمة لا يلقي لها بالاً، فيهوي بها في نار جهنم سبعين خريفاً)، يقول هذا للمؤمنين؛ ليحفظوا ألسنتهم من السوء من إيذاء أعراض المسلمين عموماً، فكيف بعرض سيد البشر صلى الله عليه وسلم! قال تعالى: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ [النور:26]، ولا يليق بالخبيثة من النساء إلا خبيث مثلها، وإن لم يكن خبثاً في الأصل لكنه إذا رأى الخبث وسكت عنه يصبح خبيثاً، فهو إذا كان مؤهلاً للخبث قبل ذلك -وهي الدياثة التي عبر بها صلى الله عليه وسلم من يرى السوء في أهله ويسكت عنه- لا يطلق ولا يؤدب ولا يلاعن، هذه هي الدياثة التي لا تقبلها رجولة، فكيف برجولة مؤمن صادق؟ قال تعالى: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ [النور:26].
الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ / محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله تعالى - توجيه قوله تعالى : &Quot;إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة..&Quot;
بين الله تعالى في هذه الآيات أن الذين يرمون المؤمنات المحصنات الغافلات ملعونون في الدنيا والآخرة، وأن لهم عذاباً عظيماً. ثم بين أن النساء الخبيثات إنما يكن للرجال الخبثاء فقط، ولا يكن للرجال الطيبين المطيبين وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن النساء الطيبات هن للرجال الطيبين المطيبين. تفسير قوله تعالى: (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات... )
قال الله جلت قدرته: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:23]. هنا آيتان: آية لمن قذف المحصنات من المؤمنات عموماً، وقد مضت، وهذه الآية لمن يرمي المؤمنات المحصنات الغافلات من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. فالآية الخاصة برمي المؤمنات أمهات المؤمنين هي: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ [النور:23]. أي: الذين يفذفونهن بالفاحشة ويتهمونهن، كما فعلت فئة من مغفلي القوم ومن المنافقين الذين تظاهروا بالإسلام، وكان ذلك لأول مرة، فاكتفي بجلدهم وإقامة الحد عليهم، وكشفهم أمام الملأ، وضربهم بمحضر جماعة من المسلمين. وأنذر الله من يفعل مثل ذلك مرة أخرى بالقتل؛ وذلك لأنه يقذف عرض سيد البشر صلى الله عليه وسلم، وأعراض أمهات المؤمنين، فلهن من القداسة والحرمة ما للأم زيادة على كونها زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهؤلاء يحاسبون وهم ناكسو الرءوس، وفي غاية الشدة والبلاء، ويُسألون: ألم تفعلوا كذا وكذا؟ فيحاولون أن يجحدوا ويكذبوا وإذا بالله الكريم يخرس ألسنتهم أولاً، فتشهد عليهم أيديهم وأرجلهم، فينطق الله -الذي أنطق اللسان في الدنيا- جوارح الإنسان في الآخرة، من يد ورجل وجلد، فتشهد اليدان عليه بأنه صنع كذا وكذا، وتشهد الرجلان عليه، يشهدن عليه بما قدم، ويشهدن عليه بأنه كذب وقذف، وأنه ارتكب وأساء، وعند ذلك ينطق اللسان ويقول للأيدي والأرجل: كيف تشهدن علي وأنا ما كنت أناضل إلا عنكن؛ لكيلا تدخلوا النار ولا تعذبوا؟! فيقلن: أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ [فصلت:21]. وهكذا يضطر بعد ذلك أن يشهد عليه لسانه كما شهدت يداه ورجلاه عليه، وكما يشهد الرقباء عن اليمين والشمال من ملائكة الله المكلفين بتسجيل الخير وتسجيل الشر. قال تعالى: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ [النور:24] وهي جمع لسان، وَأَيْدِيهِمْ [النور:24] جمع يد، وَأَرْجُلُهُمْ [النور:24] جمع رجل بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النور:24] في دار الدنيا من سوء وإجرام وقذف للمحصنات العفيفات الغافلات عن السوء والفحشاء، المؤمنات بالله ورسوله من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.