تفسير: (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزمًا)
♦ الآية: ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: طه (115). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ ﴾ أمرناه وأوصينا إليه ﴿ مِنْ قَبْلُ ﴾ هؤلاء الذين تركوا أمري، ونفضوا عهدي في تكذيبك ﴿ فَنَسِيَ ﴾ فترك ما أمر به ﴿ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ حفظًا لما أمر به. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ ﴾؛ يعني: أمرناه وأوحينا إليه ألَّا يأكل من الشجرة ﴿ مِنْ قَبْلُ ﴾ هؤلاء الذين نقضوا عهدك وتركوا الإيمان بي، وهم الذين ذكرهم الله في قوله تعالى: ﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [طه: 113]، ﴿ فَنَسِيَ ﴾ فترك الأمر، والمعنى: أنهم إن نقضوا العهد، فإن آدم أيضًا عهدنا إليه فنسي. ﴿ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾، قال الحسن: لم نجد له صبرًا عمَّا نهي عنه، وقال عطية العوفي: حفظًا لما أمر به، وقال ابن قتيبة: رأيًا معزومًا؛ حيث أطاع عدوه إبليس الذي حسده، وأبى أن يسجد له. الباحث القرآني. والعزم في اللغة: هو توطين النفس على الفعل، قال أبو أمامة الباهلي: لو وزن حلم آدم وحلم جميع ولده، لرجح حلمه.
الباحث القرآني
ثانيا:
كان هناك رجل يحب ابنة عمه حبا شديدا، وكان قد راودها عن نفسها في الحرام، فرفضت إلا مقابل مبلغ كانت مضطرة إليه، فجمع لها المال وأسلمها إياه، فلما حان اللقاء وخلا بها واقترب منها.. قالت له: "اتَّقِ الله ولا تفضَّ الخاتم إلا بحقه"، فقام مباشرة عنها وتركها وترك المال لها. (انظر صحيحي البخاري ومسلم – قصة أصحاب الغار)
هذا الرجل وصل إلى أعلى درجات الاشتهاء للذنب، ولم يكن يفصله عنه ويمنعه منه إلا القرار والعزم الأكيد على الفعل، لكن يبدو لي أن قراره وعزمه كانا بدرجة أن موعظة بسيطة أثّرت فيه وحالت بينه وبين مقارفته، ولئن كان في كلام شراح الحديث ما يؤكد معنى أن ترك الذنب يمحو أثر مقدماته، وأن التوبة تجب ما قبلها، إلا أن المعنى الأظهر والأبرز في القصة أن الأمر تحول من كونه ذنبا يستحق فاعله الإثم والعقاب، حتى صار طاعة وقربة استحق صاحبها الأجر والثواب، بل زاد الأمر ليصل حد اعتباره فعله هذا عظيما لدرجة أنه استشفع به وقت أزمة ففرج الله عنه كرامة له على فعله. ثالثا:
تخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك، تلك الغزوة التي سُمّي جيشها (جيش العسرة) لشدة حاجة المسلمين للعدة والعتاد، وكان كعب جاهزا مستعدا للخروج بدابته وسلاحه، حتى قال كعب عن نفسه: إني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة، والله ما اجتمعت عندي قَبْلَه راحلتان قط، حتى جمعتهما في تلك الغزوة.
يجب على المسلم عدم ا لاستكبار على أوامر الله -عز وجل- وإن بدر منه أيّ معصية كبيرة أو صغيرة، فليسارع بالتوبة والاستغفار، كما فعل آدم عليه السلام. [١٧]
يجب على المسلم حال النسيان والخطأ وهذا وارد عليه، أن لا يستهتر بالأمر، بل يسارع إلى تصحيح الخطأ. يجب على المسلم الوفاء بالعهود ، سواء أكان عهدًا مع الله، أم البشر، كبيرًا كان، أم صغيرًا. يجب على المسلم أن يأخذ دائمًا بالعزائم، حين يتعلق الأمر بطاعة الله، حتى لا يدخل الفتور إلى نفسه، وإن تطرق إليه الضعف، فإنه يكون محصنًا من الداخل بقوة من الله لا يقوده ذلك إلى معصية. [١٨]
يجب على المسلم أن يدرك دوره في الحياة وأنه خُلق لعمارة الأرض ففي قصة آدم -عليه السلام- وقضية نزوله إلى الأرض لم تكن عقابًا من الله على نسيانه بل كان من باب الابتلاء فالله -سبحانه- رحيم لا يعاقب من أناب ورجع إليه، حيث قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، [١٩] فغاية خلق الإنسان هي: الاستخلاف وعمارة الأرض. [٢٠]
يجب على المسلم أن يتقرب إلى الله -تعالى- بطاعته وأوامره، وأن يبتعد عمّا نهاه عنه. المراجع [+] ↑ سورة طه، آية:1-3
↑ "مقاصد السور القرآنية - [33 مقاصد سورة طه رابط المادة"]، ، 2020-06-21، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-21.