المؤمنون وقفوا اليوم صفاً واحداً وكأنهم بنيان مرصوص لم يخيفهم حزام ناسف ولا رصاص شارد من بنادق الموت التي يتسلح بها من يريد تمزيق الصف ليعثوا الفساد في الأرض.
التشبيه في القرآن والسنة – كأنهم بنيان مرصوص | موقع البطاقة الدعوي
تاريخ النشر: ٠٥ / جمادى الآخرة / ١٤٢٧
مرات
الإستماع: 110246
المؤمن للمؤمن كالبنيان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا هو الحديث الأول مما أورده الإمام النووي -رحمه الله- في باب تعظيم حرمات المسلمين وبيان حقوقهم والشفقة عليهم ورحمتهم، وهو:
حديث أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله ﷺ: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا ، وشبك بين أصابعه [1].
كأنهم بنيان مرصوص - Youtube
واعلموا أنه كلما كانت معاني الإيمان حية في النفوس كلما كانت هذه الروابط أقوى، ولذلك فإن أصحاب النبي ﷺ تركوا كل شيء لإخوانهم من المهاجرين، تصوروا لو عرضنا واقعة على مجتمعنا الحاضر، هذا عبدالرحمن بن عوف يأتي من مكة ليس معه إلا إزاره، فيؤاخي النبي ﷺ بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فقال سعد لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالا، فأقسم مالي نصفين، ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها [3] ، في مجتمعنا الذي نعيش فيه يعد هذا نوعًا من السذاجة وضعف العقل، فلو جاء أحد يفعل مع إنسان هذه الطريقة للامه أقرب الناس إليه. فهذه الرابطة لم تكن مجاملات ولا جاءت عن فراغ، بل كانت نتيجة لتربية إيمانية عالية.
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4) هذا حث من الله لعباده على الجهاد في سبيله وتعليم لهم كيف يصنعون وأنه ينبغي [لهم] أن يصفوا في الجهاد صفا متراصا متساويا، من غير خلل يقع في الصفوف، وتكون صفوفهم على نظام وترتيب به تحصل المساواة بين المجاهدين والتعاضد وإرهاب العدو وتنشيط بعضهم بعضا، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حضر القتال، صف أصحابه، ورتبهم في مواقفهم، بحيث لا يحصل اتكال بعضهم على بعض، بل تكون كل طائفة منهم مهتمة بمركزها وقائمة بوظيفتها، وبهذه الطريقة تتم الأعمال ويحصل الكمال.