لمسات بيانية - ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب - YouTube
الباحث القرآني
ليعلم إذا بلغه عنى هذا الكلام انى لم أخنه بالغيب بل اعترفت بأن المراودة كانت من قبلي انا وانه كان صادقا وان الله لا يهدى كيد الخائنين كما أنه لم يهد كيدي انا إذ كدته بأنواع المراودة وبالسجن بضع سنين حتى أظهر صدقه في قوله وطهارة ذيله وبراءة نفسه وفضحني امام الملك والملا ولم يهد كيد سائر النسوة في مراودتهن وما أبرئ نفسي من السوء مطلقا فانى كدت له بالسجن ليلجأ به إلى أن يفعل ما آمره ان النفس لامارة بالسوء الا ما رحم ربى ان ربى غفور رحيم. وهذا وجه ردئ جدا اما اولا فلان قوله " ذلك ليعلم انى لم أخنه بالغيب " لو كان من كلام امرأة العزيز لكان من حق الكلام ان يقال وليعلم انى لم أخنه بالغيب بصيغة الامر فان قوله ذلك على هذا الوجه إشارة إلى اعترافها بالذنب وشهادتها بصدقه فقوله لم أخنه بالغيب ان كان عنوانا لاعترافها وشهادتها مشارا به إلى ذلك خلى الكلام عن الفائدة فان محصل معناه حينئذ انما اعترفت وشهدت ليعلم انى اعترفت وشهدت له بالغيب مضافا إلى أن ذلك يبطل معنى الاعتراف والشهادة لدلالته على انها انما اعترفت وشهدت ليسمع يوسف ذلك ويعلم به لا لاظهار الحق وبيان حقيقة الامر. وان كان عنوانا لاعمالها طول غيبته إذ لبث بضع سنين في السجن أي انما اعترفت وشهدت له ليعلم انى لم أخنه طول غيبته فقد خانته إذ كادت به فسجن ولبث في السجن بضع سنين مضافا إلى أن اعترافها وشهادتها لا يدل على عدم خيانتها له بوجه من الوجوه وهو ظاهر.
ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ
قوله تعالى: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنينقوله تعالى: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب اختلف فيمن قاله ، فقيل: هو من قول امرأة العزيز ، وهو متصل بقولها: الآن حصحص الحق أي أقررت بالصدق ليعلم أني لم أخنه بالغيب أي بالكذب عليه ، ولم أذكره بسوء وهو غائب ، بل صدقت وحدت عن الخيانة; ثم قالت: وما أبرئ نفسي بل أنا راودته; وعلى هذا هي كانت مقرة بالصانع ، ولهذا قالت: إن ربي غفور رحيم. وقيل: هو من قول يوسف; أي قال يوسف: ذلك الأمر الذي [ ص: 183] فعلته ، من رد الرسول ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب قاله الحسن وقتادة وغيرهما. ومعنى بالغيب وهو غائب. وإنما قال يوسف ذلك بحضرة الملك ، وقال: ليعلم على الغائب توقيرا للملك. وقيل: قاله إذ عاد إليه الرسول وهو في السجن بعد; قال ابن عباس: جاء الرسول إلى يوسف - عليه السلام - بالخبر وجبريل معه يحدثه; فقال يوسف: ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين أي لم أخن سيدي بالغيب; فقال له جبريل - عليه السلام -: يا يوسف! ولا حين حللت الإزار ، وجلست مجلس الرجل من المرأة ؟! فقال يوسف: وما أبرئ نفسي الآية. وقال السدي: إنما قالت له امرأة العزيز ولا حين حللت سراويلك يا يوسف ؟!
تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١١ - الصفحة ١٩٩
السؤال الثالث: هذه الخيانة وقعت في حق العزيز فكيف يقول: * (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) *. والجواب: قيل المراد ليعلم الملك أني لم أخن العزيز بالغيبة، وقيل إنه إذا خان وزيره فقد خانه من بعض الوجوه، وقيل إن الشرابي لما رجع إلى يوسف عليه السلام وهو في السجن قال ذلك ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب ثم ختم الكلام بقوله: * (وأن الله لا يهدي كد الخائنين) * ولعل المراد منه أني لو كنت خائنا لما خلصني الله تعالى من هذه الورطة، وحيث خلصني منها ظهر أني كنت مبرأ عما نسبوني إليه. والقول الثاني: أن قوله: * (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) * كلام امرأة العزيز والمعنى: أني وإن أحلت الذنب عليه عند حضوره لكني ما أحلت الذنب عليه عند غيبته، أي لم أقل فيه وهو في السجن خلاف الحق. ثم إنها بالغت في تأكيد الحق بهذا القول، وقالت: * (وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) * يعني أني لما أقدمت على الكيد والمكر لا جرم افتضحت وأنه لما كان بريئا عن الذنب لا جرم طهره الله تعالى عنه. قال صاحب هذا القول: والذي يدل على صحته أن يوسف عليه السلام ما كان حاضرا في ذلك المجلس حتى يقال لما ذكرت المرأة قولها: * (الآن حصحص الحق أنا راودته
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة:
««
«...
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159...
»
»»
يُحسَبُ لامرأةِ العزيز أنها أعلنت، في حضرةِ ملكِ مصر ومَلَئِهِ، براءةَ سيدِنا يوسف مما كانت قد نسبته إليه قبل سنوات من أنه أرادَ بها سوءاً (قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) (من 51 يوسف). ذلك أنها لم تكن مضطرةً ولا مُجبرةً على أن تكشفَ الحقيقةَ بشأنِ ما حدث. ثم أن امرأةَ العزيزِ أتبعت فقالت ما أنبأتنا به الآية الكريمة 52 من سورة يوسف (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ). فما الذي قصدت إليه امرأةُ العزيز بقولِها "ليعلمَ أني لم أخنه بالغيب"؟
إن ما قصدت إليه امرأةُ العزيز لم يكن بأكثر من رسالةٍ توجَّهت بها إلى سيدِنا يوسف مفادها أنها قالت الحقيقة بشأنِ ما حدث ولم تُصِر على اتِّهامها له عليه السلام أول مرة، وذلك في حضرةِ الملك ومَلَئه، وعلى الرغم من أنَّ سيدَنا يوسف كان غائباً ولم يكن من الحاضرين.
وقد كنت أتوافق مع هذا الطرح لو لم يكن سياق الحديث التهديد والوعيد بأن النساء أكثر أهل النار. ويطرح البولاقى رغبة فى معرفة طبيعة المرأة بمعزل عن الثقافة والتقاليد، وهو طرح غير علمى، فعزل العوامل المحيطة بظاهرة ما يسمى بالتجارب العلمية، وهذه تتم داخل المعامل والمختبرات، ويقوم بها علماء متخصصون فى دراسة الفروق بين الرجل والمرأة، وفيها يتم قياس الاستجابات أو مستوى الهرمونات، وما عدا هذه المعامل فلا يمكن عزل العوامل المحيطة، وستكون النتائج غير عقلية، أو غير علمية، وتكون نتائج مضللة. يتفق الكاتبان على حق المرأة فى كامل حريتها بوصفها إنسانًا كامل الأهلية، دون منح من الرجل أو وصاية، فمن يمنح يمكنه أن يمنع. وأورد الكتاب آيات قرآنية تعلن علو منزلة الرجل عن المرأة، منها «وليس الذكر كالأنثى»، وقد وجد المفسرون المحدثون أن هذه الآية تدل على علو الأنثى على الذكر بطبيعة العلاقة بين المشبه والمشبه به، ولو كانت الأفضلية للذكر، لكان منطوق الآية «وليست الأنثى كالذكر». اكتشف أشهر فيديوهات تساؤلات محمد عبده | TikTok. وهناك مسائل ذكرها الكتاب عرضًا ولى فيها رأى، مثل: ما يتعلق بإمامة النساء الرجال فى الصلاة، لا يوجد نص يمنع ذلك، لكنها آراء فقهية. وفيما يخص طاعة المرأة زوجها، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وقطع الرحم معصية، وإذا كانت بيعة الحاكم تسقط بالجور والظلم وعدم اتباع تعاليم الله، فالأولى أن تسقط القوامة وما يتبعها من امتيازات تشريعية بمخالفة الرجل تعاليم الله، وبما أنه ينصب من نفسه إلهًا فى البيت لا راد لقراره، وقد جاء الدين ليحرر الإنسان من رق العبودية لأى شىء أو إنسان أو فكرة أو أيديولوجية، فكيف يقبل بأن تكون المرأة عبدة لزوجها.
تساؤلات محمد عبده قديم
ومجرد طرح هذا السؤال هو فى حد ذاته تعبير عن صورة المرأة فى الذهنية العربية، لأنه لا أحد يطرح السؤال المقابل: «هل يمكن أن يكون الرجل كامل عقل ودين فعلًا؟». وأستطيع أن أتفهم غرض الكاتب من طرحه «أن تكون حليفًا للشيطان كى تطرح رؤاه وتصوراته عن قضية قد تتوافق أو تختلف حولها»، فالسؤال المطروح قادم من موروث دينى ثقافى، يرفض استخدام العقل لفحص المرويات، ويخلط ما بين الدين والشريعة، ما بين المقدس والفقه الذى هو تأويل المقدس، يؤمن بمرآة واحدة، ولا يعرف أو يتغافل تعدد المرايا. تساؤلات محمد عبد الله. يحاول الكاتبان عبر رسائلهما المهمة رمى حجر فى البحيرة الراكدة، حيث لم يعد المثقفون يناقشون قضاياهم الأساسية ومعضلات أزمتهم الفكرية إلا فى نطاق الندوات والمؤتمرات الرسمية. فطرح السؤال السابق فى أى ندوة سيقسم المحدثين إلى فريقين، الأول يدفع بحجية أنه ليس بحديث ثقة، أو حديث حسن، لكن لا يمكن إغفاله. والفريق الآخر سيحاول الإثبات من خلال ذكر وقائع أو حالات حققت فيها المرأة منجزًا ما بمقياس الذكور. لكن الكاتبان عمرو الشيخ وأشرف البولاقى يتبادلان أفكارًا وآراء بعضها جديد، مثل رأى عمرو الشيخ بأنه يمكن النظر لهذا الحديث من رؤية بانورامية، لا تتم فيها نسبة النقص أو الكمال عند المرأة إلى كمال الرجل، بل إلى ما تملكه المرأة من كمال، كما يحدث عند وقوع نقص من مال غنى ووقوع نقص من مال فقير.
تساؤلات محمد عبد الله
- يحوى الكتاب من الأفكار والقضايا الجادة الكثير، وهو كتاب مهم يحتاج إلى قراءات عميقة، ويحتاج إلى تفاعل مجتمعى ومناقشات حول ما ورد به من تساؤلات وأطروحات، لا تخص النخبة الثقافية، لكنها تخص جموع النساء والرجال. أحييى هذا الكتاب القيم، والتجربة التى أتمنى أن تتكرر فى موضوعات كثيرة، وأن تعود الأطروحات الجادة الرصينة للنقاش، وأن نحول «فيسبوك» إلى منتدى عالمى وليس مجرد مقهى للعابرين.
الجمعة 25/مارس/2022 - 07:39 م
صدر حديثًا كتاب «المرأة فى العقل العربى.. تساؤلات محمد عبده اواه. قراءة فى ثقافة النفى والتهميش والمصادرة» للشاعرين: عمرو الشيخ وأشرف البولاقى، والكتاب ليس ديوانًا مشتركًا للشعر، لكنه مجموعة من الرسائل المتبادلة «٥٠ رسالة» بين الشاعرين، بدأ نشرها على الصفحة الخاصة بكل منهما على «فيسبوك»، وهى تجربة نادرة حاليًا، حيث لم يعد تبادل الرسائل والأفكار التى تحتويها، بما فيها من موافقات أو اختلافات، محل اهتمام الكُتاب. وما تتسم به هذه الرسائل أنها ليست رسائل عفوية القصد والخاطر، مختلفة بذلك عمَّا اعتدنا قراءته من الرسائل الأدبية التى تنشر فى معظم الحالات بعد وفاة مرسليها، فهى ليست رسائل شخصية تروى ما لا نعرف عن كاتبيها، لكنها رسائل ومساجلات تم تبادلها حول موضوع محدد، وهو مناقشة وضع المرأة فى العقل العربى، فالموضوع محدد، لكن كل رسالة تقدم طرحًا كاشفًا، اختلافًا أو اتفاقًا، لنقطة ما وردت فى الرسالة السابقة، والشاعران يقدمان مداخلات فكرية وثقافية، مع استعراض للتاريخ الثقافى والمشاهدات الحالية للتعبير عن تصور كل منهما عن وضعية المرأة فى مجتمعنا العربى. يبدأ الكتاب برسالة للشاعر أشرف البولاقى يطرح فيها سؤالًا «فوقى» من موقع الفاحص: «هل يمكن أن تكون المرأة ناقصة عقل ودين فعلًا؟».