"هذا المساء" هو عن مسلسل عن عالمنا الآن، وثيقة شاعرية واستثنائية جدا عما حدث وما يحدث، وأي قراءة متعمقة لا يمكن أبدا أن تعزله عن زمنه ومكانه.
مسلسل هذا المساء طاقم العمل
مسلسل «هذا المساء» حالة فنية تحتاج المزيد من الكلام، وكل شخصية وكل تفصيلة في المسلسل تستحق أن نفرد لها صفحات وحدها، ولكننا هنا نكتفي بما عرضناه ونكتفي برأي المشاهد الذي دون كل هذه التحليلات أحب المسلسل وأعطاه ما يستحقه من تقدير واحتفاء، وهذا كاف لصناع العمل فالمشاهد هو المقياس الأول – والأهم – الذي يقيس مدى نجاح العمل الدرامي خاصة في موسم ثري بالدراما كرمضان. إنجي إبراهيم كاتبة في شئون الفن والمجتمع والمرأة في عدد من المواقع الإلكترونية
أهم 10 أفلام مصرية في عام 2021
اختيارات إضاءات لأفضل 10 أفلام مصرية في عام 2021، من جوائز المهرجانات إلى الأفلام الأعلى إيرادات، ومن الكوميديا إلى الدراما والأكشن. الأكثر تفاعلاً
مسلسل هذا المساء الحلقة 5
مسلسل «هذا المساء» هو المسلسل الثالث الذي يخرجه «تامر محسن» بعد «بدون ذكر أسماء»، و«تحت السيطرة»، ولكنه أنضجهم فنياً، يقول «تامر محسن» إنه «يعمل على المسلسل كمشروع وإن وظيفته ليست أن يضع الكاميرا ويقول أكشن، ولكنه يرى حلما ويعمل على تحقيقه مع باقي أفراد العمل المشاركين». كلامه هذا منطقي فعلاً، فمسلسل «هذا المساء» تحديداً من بين أعمال «تامر محسن» أشبه بالحلم، خاصة في انتقالات المشاهد بين الحارة الشعبية وبين الفيللا الكبيرة في الكومباوند، حركة الشخصيات وأغنيات الخلفية ومشاهد شوارع القاهرة، فعلاً كل هذا يشبه الحلم خاصة عندما تتفاعل مع مشاهد وأصوات تراها يومياً في حياتك بطريقة مختلفة، وكأن هناك من قام بتنقيتها حتى تناسب لا وعيك وتتسرب إليه دون أن تدري. هناك ألوان المشاهد أيضاً، فتلاحظ في الحارة الشعبية فلترا يبهت الألوان بدرجة طفيفة جداً، وكأن هناك غمامة من تراب تحيط بالأشياء، رغم الضوء الساطع للشمس والألوان الشاهقة، استطاع أن ينقل لك درجة خفيفة جداً من الغلب تغلف المشاهد، في حين أننا ننتقل إلى العالم الآخر حيث الفيللا الأنيقة والثراء الفاحش فنرى كل شيء أنقى، فلتر أزرق معقم يجعلك تشعر وكأنك غسلت عينيك في محلول مطهر فباتت الأشياء أوضح وأكثر حدة.
تحميل مسلسل هذا المساء برابط واحد
أما «سمير» نجم المسلسل بجدارة بتعبيرات وجهه المرتبكة دائماً وملابسه المتحفظة وتسريحة شعره وشكل ذقنه، مواعظه التي يلقيها على مسامع أخيه وصديقه طوال الوقت ثم خطيئته التي لا يستطيع التخلص منها ويكفر عنها يومياً، يشعرك أحياناً أنه تضاد شخصية «سوني» وأحياناً أنه لا يختلف إطلاقاً ولكنه أكثر لؤماً فيجيد إخفاء شيطنته، ثم تعود وتقتنع أنه بالفعل مقتنع أنه شخص صالح. «أحمد داوود» أجاد تجسيد معاناتنا جميعاً في شخصية «سمير» المتخبطة الذي لا يعرف هل هو ملاك أم شيطان، ولكنه يتقبل كونه إنساناً ويمارس إنسانيته تلك بكل أحمال الذنب الذي لا يطيق حملها ولكنه مضطر. في المسلسل لا يوجد أضاد تبرز اختلاف بعضها البعض سوى «تقى» و«فياض»، الشر المطلق المتمثل في «فياض» المبتز المجرم الذي أجاد تجسيده تماماً «محمد جمعة» حتى أنك تشعر باشمئزاز حقيقي عندما تراه على الشاشة، وتشم رائحة أنفاسه وعطره الزنخ، و«تقى» أو «أسماء أبو اليزيد» المغلوبة على أمرها التائهة التي تكفر عن ذنوبها بأقسى الطرق وأشرسها، هنا فقط – تقريباً – تكون مشاعرك ذات بعد واحد إما كراهية أو تعاطف لا مجال للبين بين، وبنسبة ضئيلة جداً ضمن شخصيات المسلسل الذي يحاكي الحياة تماماً.
مسلسل هذا المساء 5
وطوال الوقت، منذ بداية الأحداث، يبحث "أكرم" عما هو أكثر مما يملكه بالفعل، فإلى جانب الشركة والزوجة والأموال وما يبدو أنه معطيات كاملة للسعادة فإنه يتحرك نحو "عبلة" في الجانب الآخر لإكمال جزء قد يكون ناقصا. مسلسل هذا المساء طاقم العمل. "سوني" كذلك -رغم شره وقبحه الظاهرين- هو الأكثر جرأة والأقل أنانية، ولا يمكن مراوغة المقارنة بين مواجهته لضاحي في الحلقات الأول دفاعا عن "عبلة"، في مقابل وقوف "المستر أكرم" -في الحلقات الأخيرة- مختبئا وراء الباب من "ضاحي" سامحا لأن تخرج "زوجته عبلة" للتصادم مع الغريب، أو المشهد اللاحق الذي يجسد المقاربة بصورة أوضح، حيث "أكرم" يختبئ وراء الشباك بينما "سوني" هو من يدافع عن "زوجته نايلة" أمام المتحرشين. "نايلة في مقابل عبلة": المقاربة الأوضح والأظهر، عن سيدتين أحدهما ابنة المجتمع الراقي والعالم الأزرق المحدد بالمللي، والأخرى صاحبة المطعم، السيدة الشعبية "الحرّة" -كما تصف نفسها-. انجذاب "أكرم" لـ"عبلة" رغم حبه لـ"نايلة" يحكي الكثير عن شخصيته أيضا، الشعور بالنقص أمام بهاء عالم الأخيرة ووالدها وشركته وتداخل العمل مع الحياة الذي يجعله يشعر دوما بكونه الأقل، في مقابل جملة "عبلة" التي تقولها له باستمرار عن أنه "سيد الناس" الذي يبهرها في كل تفاصيله، و"أكرم" بالطبع هو الآخر نقيض مباشر واضح للـ"معلم ضاحي" بالنسبة لشخصية "عبلة".
تحميل مسلسل هذا المساء
جميع الحقوق محفوظة شاهد فور يو - تحميل ومشاهدة اون لاين © 2022
تصميم وبرمجة:
وهكذا تتداخل الخطوط والشخصيات الرئيسة كلها تحت لوحة كبيرة من "الفضول" نحو شيء ما ونحو حياة أخرى ونحو رغبة في المعرفة، "شيطان الفضول حتى لو فتح باب جهنم" كما يقول المخرج تامر محسن نفسه (1). مسلسل هذا المساء - سطور. "سمير في مقابل سوني": في أحد المشاهد المهمة يذهب "سوني" إلى "تريكة" ويخبره بشكل مباشر أن الفتاة التي يحبها غير مخلصة ("مدوّراها" حسب حوار المسلسل)، وفي المشهد الذي يصدق فيه "تريكة" ذلك يسأله هل هو السبب فيرد "سوني" بالإيجاب: "كنت عايزني يعني أقف أتفرج عليك؟". هذا الموقف يمكن وضعه في مواجهة موقف "سمير" حين أخبر صديقه القديم أن زوجته تخونه عن طريق مكالمة مجهولة فأدى ذلك لمقتلها. "سوني" هو المقابل لـ"سمير"، الأكثر فجاجة في أخطائه، الأكثر جرأة ومباشرة و"ظهورا"، الأقل تغنيا بالفضيلة أو محاكمة الآخرين، هو انعكاس لتعامل مختلف مع خطيئة فضول مشابهة، لذلك فالصدام الأخير بينهما (في الحلقة 28) وقوله إن الفارق بينهما أنه "لا يضحك على نفسه" كان في مكانه بشدة. في مقارنة بسيطة بين نايلة وعبلة هي سيدتين أحدهما ابنة المجتمع الراقي والعالم الأزرق المحدد بالمللي، والأخرى صاحبة المطعم، السيدة الشعبية "الحرّة" كما تصف نفسها
"سوني في مقابل أكرم": طوال الوقت، منذ بداية الأحداث، يبحث "سوني" عن شخص يحبه بشكل حقيقي لكي يهرب من وحدته وجدرانه الأربعة، ويكون على استعداد للتغير تماما في حال وجد هذا الشخص (كما حدث في الحلقات القليلة التي خطب فيها تقى).