وكذلك الجيران بعضهم لبعض خدم وعون، وربما يكون الجار أقرب إلى جاره من أخيه ابن أمه وأبيه. فلا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا هذا المعنى الواسع لكلمة خليل، فالخليل هو الحبيب الذي تألفه ويألفك، وتجد منه من الخير ما يجده منك، وترتفع به ويرتفع بك. واعلم أنه من جالس العلماء وُقِّرَ، ومن جالس السفهاء حُقِّرَ، فاختر صديقك عالماً أو متعلماً، ولا تختره جاهلاً؛ فإن الجاهل يضرك من حيث يعتقد أنه ينفعك. المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. ولا تصحب الكذاب فإنه يقرب منك البعيد ويبعد منك القريب، ويضلك عن الحق، ويفسد عليك أمرك كله. قال الشاعر:
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم
ولا تصحب الردي فتردي مع الردي
عن المرء لا تسأل وسل عن قريته
فكل قرين بالمقارنِ يقتدى
وقال آخر:
اختر صديقك واصطفيه تفاخراً
إن القرين إلى المقارن ينسَبُ
واحذر مصاحبة اللئيم فإنه
يُعدى كما يعدى الصحيح الأجرب
وقلت: أخ!! قالوا: أخ من قرابة؟
فقلت لهم: إن الشكول أقارب
صديقي في حزمي وعزمي ومذهبي
وإن باعدتنا في الأصول المناسب. نسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق. * * *
المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل
فمِنْ مِثْلِ هؤلاء اخترْ صاحبَك، وذلك لأن أكثرَ ما يعينُك على الطاعات مخالطةُ المطيعين، وأكثرَ ما يُدْخِلُكَ فى الذنب مخالطةُ المذنبين. فإياك أن تصاحبَ من لا تثق به وبأمانته ولا تعرفُ صلاحه وتقواه، فإن المرء يكون فى الآخرة مع من أحبَّ. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات. اللهم اجعلنا من الإخوة المتحابِّين فيك، ومن الذين يجتمعون على طاعتك. 133 من حديث: (لا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلا يَأْكُلْ طعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ). وثبِّتنا على الإيمان وسدد خطانا نحو الخير يا أرحم الرحمين. الجمعة فلادلفيا ١٠ صفر ١٤٤٠ هـ - ١٩ ت١ ٢٠١٨ر
المرء علي دين خليله فلينظر احدكم
والشَّاعِر يقول:إذا صَحِبْتَ قومًا فاصحَب خِيَارَهُم ** ولا تَصْحَب الأرْدَى فَتَرْدَى مع الرَّدِي
المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من
حديث «الرجل على دين خليله.. » إلى «المرء مع من أحب»
تاريخ النشر: ١٢ / جمادى الآخرة / ١٤٢٨
مرات
الإستماع: 20695
الرجل على دين خليله
المرء مع من أحب
أنت مع من أحببت
كيف تقول في رجل أحب قوماً
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ففي باب "زيارة أهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم" أورد المصنف -رحمه الله-:
حديث أبي هريرة : أن النبي ﷺ قال: الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل [1] ، رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح.
المرء علي دين خليله فلينظر احدكم من
"فلينظر" أي فليتأمل وليتدبر "من يخالل" من المخاله وهي المصادقة والإخاء فمن رضي دينه وخلقه خالـله, ومن لا تجنبه فإن الطباع سراقة, والصحبةَ مؤثرة في إصلاح الحال وإفساده". انتهى كلامه -رحمه الله-. قال الأصمعي -رحمه الله-: ما رأيت شعراً أشبه بالسنة من قول عدي بن ثابت:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينـه *** فكل قرين بالمقارن يقـتدي
وصاحب أولي التقوى تنل من تقاهم *** ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
وعن أبي موسى الأشعري أن النبي قال: " إنَّمَا مَثَلُ جَلِيسِ الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمًّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً " [متفق عليه]. المرء علي دين خليله فلينظر احدكم. فصحبة الصالح تنفعك, إما أن ينفعك علماً أو هدياً حسناً, أو أن يظن الناس بك ظناً حسناً ويذكرونك بالجميل, فإنه يقال: إنه لم يصاحب فلاناً إلا وهو على خير. وصحبة الجليس السوء تضرك, إما في علمك أو في خلقك أو في سمعتك عند الناس, فإنه يساء بك الظن إذا رأوك تصاحبه.
قال عليه الصلاة والسلام: "الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ. " رواه أحمد فى مسنده. فصحبةُ الغافلين سببٌ لحصول الغَفلة. وقد قال الإمام مالك رَضىَ اللهُ عنه: "لا تصحبْ فاجرًا لئلا تتعلمَ من فجوره". وقال السّيدُ أحمدُ الرّفاعىُّ رَضىَ اللهُ عنه: "واحذر نفسَك من مصاحبة صديق السُّوء فإنَّ عاقبةَ مُصاحبته النَّدامةُ والتَّأسفُ يوم القيامة، كما قالَ اللهُ تعالى مُخبرًا عمَّن هذا حالُه: ﴿وَيَوۡمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيۡهِ يَقُولُ يَا لَيۡتَنِى ٱتَّخَذۡتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلًا٢٧ يَا وَيۡلَتَىٰ لَيۡتَنِى لَمۡ أَتَّخِذۡ فُلَانًا خَلِيلًا٢٨﴾ (الفرقان). فبئس القرينُ. المرء على دين خليله - Association of Islamic Charitable Projects in USA. فاحفَظ نفسَك من القرين السُّوء. " وقال العلامة الشيخ عبد الله الهررىُّ: "من أراد الترقِّى فليُصاحِبِ الأخيارَ. " فاحرص أخى المسلم على مخالطة التَّقِىِّ فإن فيه حفظَ دينك. وهو أَولَى لك من مخالطة غير التقىِّ، كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِىٌّ. " رواه ابن حبان. وروى أبو يعلى وعبدُ بن حُمَيدٍ عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قيل: يا رسولَ الله أىُّ جُلسائنا خيرٌ؟ قال: "مَنْ ذَكَّرَكُم بِاللَّهِ رُؤْيتُهُ، وَزَادَ فِى عِلْمِكُم مَّنْطِقُهُ، وَذَكَّرَكُم بِالآخِرَةِ عَمَلُهُ. "