قولي لي ما لك! " – كوني معكِ يا أغلى من نور البصر على كل حلو و مرّ كافٍ جدا لينجلي حزني.. قبّلت رأسها و نسيتُ كل شيء! بعد خمس ليال بالتمام، أطبقت ليلة بِتُّها بجوار عمتي في سلام ، غير أنّ الموت باغتَني في الصباح ، لا لسبب.. 5 أشعار حب رومانسية. إلا لأن أجلها قد انقضى! ، هكذا ببساطة! آخر نظراتها كانت لي، وآخر كلماتها كانت معي، وآخر وصاياها كانت لأجلي..
نُزعت زهرة حياتي منّي دون سابق إنذار ، منذ ١٩٢ ساعة ماتت عمّتي عزيزةً كما عاشت، خفيفة المحيا والممات ، لتعلّمني بمماتها كما علّمتني بحياتها أن الموت ليس أقرب للمريض من السليم ، وأن الدنيا "مِنفَاتة" لا تدوم، وأنني سألحق بها يوما قرُب الموعد أم بعُد..
ماتت عمّتي ، فهل بقي لها من أثر؟!
- انسية لو راتها الشمس الحلقة
- انسية لو راتها الشمس والرمال
انسية لو راتها الشمس الحلقة
وليحَار الأبناء: أيتهما سيدة الحياة الأولى؟
عندما كنتُ طفلة، كنت أحسب أن "عمّتي" اسمها: عمّتي! ، كما أنّ اسمي زينب.. غالب معارفنا ينادونها بـ "عمّتي" ، حتى انطبع النداء وصاحبته في قلبي..
ولأنني صغرى إخوتي، لم أعِ إلا أواخر طفولة أخي، كنت أتناوب معه المبيت عندها يوم الخميس من كل أسبوع.. كان المبيت عندها عيدا!
انسية لو راتها الشمس والرمال
إنسيّةٌ لو رأتها الشمسُ ما طلَعَت.. من بعد رؤيتها يوماً على أحَدِ! أكتب وأخشى أن لا يُسعفني المداد..
هذه العمّة ليست أخت أبي، لكنها عمّة أمي ، ولأن أمي قد ماتت أمها وهي لم تكمل بعدُ ثمانية أشهر ، ولأن جدتي لأمي أوصت هذه العمّة بأطفالها الثلاثة ، تربّت أمي وخالتي وخالي في حِجرها ، كانت تحمل أمي وتطوف بها على المرضعات لأنها لم تكن تقبل اللبن الصناعي.. رعَت الأطفال الثلاثة.. كانت تمشّط شعر الأختين ، وتلبسهما ثيابا متشابهة ولقد كانت صغراهما طويلة ، تبدو في مثل سنّ أختها وإن كانت الثانية تكبرها بعامين ، كانت تمشي وراءهما تحرسهما من أعين المارّة ، حتى إذا سمعت قول امرأة "هي مين أكبر ؟! انسية لو راتها الشمس مكتوبة. ".. كانت تقول لها: "الله أكبر في عينك، بدل ما تسألي مين الكبيرة قولي هي فين أمهم؟.. بتحسديهم على اليُتم؟! "
بكل طبائعها ، هي العزيزة النظيفة الصابرة الجميلة الصريحة الماهرة الذكية ، لا تذيبها الشدائد، بل تزيدها بريقا بعطاءها مع كل مرّة ، ولا تسألْ من أين كانت تأتي بالمدد!