فقال له ذات يوم: سل، من أجل أن يكافئه النبي عليه الصلاة والسلام على خدمته إياه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكرم الخلق، وكان يقول: من صنع إليكم معروفا فكافئوه. فأراد أن يكافئه فقال له: سل يعني اسأل ما بدا لك؟.. وقد يتوقع الإنسان أن هذا الرجل سيسأل مالا، ولكن همته كانت عالية، قال: أسألك مرافقتك في الجنة كما كنت. يعني كأنه يقول كما كنت مرافقا لك في الدنيا أسألك مرافقتك في الجنة. فقال: أو غير ذلك؟، يعني أو تسأل غير ذلك مما يمكن أن أقوم به، قال: هو ذاك. يعني لا أسأل إلا ذاك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: فأعني على نفسك بكثرة السجود. حديث: أعني على نفسك بكثرة السجود. وهذا هو الشاهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: أعني على نفسك بكثرة السجود، وكثرة السجود تستلزم كثرة الركوع، وكثرة الركوع تسلتزم كثرة القيام، لأن كل صلاة في كل ركعة منها ركوع وسجودان.. فإذا كثر السجود كثر الركوع وكثر القيام، وذكر السجود دون غيره لأن السجود أفضل هيئة للمصلي، فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات, 636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 158 مسافة ثم الرسالة
حديث: أعني على نفسك بكثرة السجود
أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي سلمة قال: سمعت ربيعة بن كعب الأسلمي يقول: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم [على باب بيته لأداء خدمته] فَأَتَيْتُه بوَضُوئِهِ وبحاجَته. فقال: (سلني) [حاجة أتحفك بها في مقابلة خدمتك] فقلت: مُرًافَقَتَكَ في الجنة. قال: (أَوَ غَيْرَ ذَلك؟) قلت: هو ذاك. قال: ( فأعني على نفسِك بكثرة السجود). [مسلم]
• ربيعة بن كعب بن مالك الأسلمي ، أبو فراس، الصحابي، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم حضرًا وسفرًا، ومن أهل الصُّفة، رضي الله عنه. قال أبو نعيم: كان من أحلاس المسجد، ومن الملازمين لخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وله بأهل الصفة اتصال، روي عنه قال: كنت أبيت على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطيه الوضوء فأسمعه من الهويّ بالليل يقول: ( سمع الله لمن حمده) وللهويّ من الليل يقول: ( الحمد رب العالمين). رُوي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر حديثًا، روى له مسلم حديثًا واحدًا وهو هذا الحديث، ورواه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود. • قوله: (أو غير ذلك؟).. أي أن تسألني غير ذلك. أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرف مدى تصميمه على ما سأل. • قوله: (أسألك مرافقتك في الجنة) أي: أن أكون معك فيها قريبًا منك متمتعًا بنظرك وقربك حتى لا أفارقك، فلا يشكل حينئذٍ بأن منزله «الوسيلة» وهي خاصة به عن سائر الأنبياء فلا يساويه في مكانه منها نبيّ مرسل فضلًا عن غيرهم.. لأن المراد أن تحصل له مرتبة من مراتب القرب التام إليه، فكنى عن ذلك بالمرافقة.
• فإذا رأيت رجلًا تتوسم فيه الخير، وسألته أن يسأل الله لك، وصرت أنت وهو تدعوان الله سبحانه، فهذا مظنة الإجابة، وروي أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءه عمر رضي الله عنه وقال: كنت نذرت اعتكاف ليلة في الجاهلية، ولم أوف بنذري، فقال: أوفِ بنذرك يا عمر! فلما أراد الخروج قال له النبي: ( لا تنسنا من دعائك يا أخي! ) أي: من دعائك هناك عند الكعبة، فلا مانع في ذلك. • هذا الصحابي الجليل في بعض أخباره أنه خدم النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكافئه، تقديرًا لعمله، قال: ستعطيني إياه؟ قال: نعم، قال: أمهلني، فرجع إلى زوجته وأخبرها أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد طلب منه أن يسأله أي شيء مكافأة له، قالت: أو يفعل؟ قال: سألته فقال: نعم، قالت: سله مرافقته في الجنة. لم تقل رضي الله عنها: سله عملًا أو منصبًا أو مالًا!! لكن ما هو الذي يخصها من مرافقة زوجها للنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة؟ فلو سأل مالًا أو منصبًا يمكن أن تحصل على شيء منه، لكن نقول: فعلت ذلك لأحد أمرين:
1- إما من باب: النصح لله ولرسوله ولعامة الناس، وهذا من صلاح الزوجة وبركتها ووفائها لزوجها، أنها تحب له أقصى ما يمكن، فآثرت مصلحته على نفسها، ووجهته التوجيه العالي، فكم من امرأة أعقل من عشرات الرجال!