5ـ إنّ الإيرانيين بعد قرنين من الفتح الإسلامي نالوا استقلالاً سياسياً عن مركز الخلافة ولكنهم ازدادوا التزاما بالإسلام وحركة في خدمته على جميع الأصعدة. كما أنهم منذ تشرّفهم بالإسلام انصهروا فيه وانهمكوا في فهم لغته وكتابه وتعاليمه، فكانت لهم المشاركة العظيمة ممّا يدلّ كل ذلك على أن دخولهم الإسلام لم يكن أبداً بحدّ السيف، ولم يكن أبداً عن رهبة بل عن رغبة عميقة.
- أبو الطيب وسيف الدولة | ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام | مؤسسة هنداوي
أبو الطيب وسيف الدولة | ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام | مؤسسة هنداوي
3- تخمينات الباحثين تذهب إلى أن عدد المقاتلين المسلمين في فتح إيران لم يتجاوز 60 ألفاً، وكانوا يفتقدون إلى ما كان عند الجيش الإيراني من عدّة وعتاد وآلة الحرب وفنون القتال، بينما كان سكان إيران آنئذ يبلغ 140 مليوناً منهم عدد لا يحصى من الجنود. حجم سكان إيران إذن كان كافياً لان يضيع فيه المقاتلون المسلمون. مما يدل على أن الفتح كان وراءه الشعب الإيراني نفسه أيضاً. أبو الطيب وسيف الدولة | ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام | مؤسسة هنداوي. 4- التوغل الإسلامي السريع إلى أقاصي شرق إيران يدل على أن المقاومة الوحيدة التي واجهها الفتح الإسلامي إنما كانت من القوات التي بقيت موالية لخسرو برويز، وما إن اندحرت حتى توغل الفاتحون المسلمون في العقد الثاني الهجري إلى خراسان وما وراء النهر، فمن أسلم من أهل البلاد المفتوحة، أصبح له ما للفاتحين وعليه ما عليهم، ومن أبى الإسلام صالحه المسلمون على "تقوى الله ومناصحة المسلمين وإصلاح ما تحت يديه من الارضين". ومن الطريف في أمر الفتح الإسلامي أن المسلمين دخلوا غرب إيران ووصلوا قزوين غير أن منطقة شمال قزوين، الجبلية وهي منطقة سكان الديلم استعصت عليهم، ويبدو أن هؤلاء الديالمة قد تركت طبيعة الجبال الوعرة أثراً في طبيعة سلوكهم، فكانوا أشداء ذوي منعة وجلادة ومقاومة، فأبوا أن يسمحوا للفاتحين ـ كما أبوا أن يسمحوا من قبل للساسانيين ـ بالتوغل إلى منطقتهم، وأضحوا حتى منتصف القرن الثالث الهجري يسمون كفار الديلم، ولكن هؤلاء أنفسهم احتضنوا الداعية العلوي الحسن بن زيد وولّوه عليهم وأصبحت المنطقة بعد حين مسلمة على مذهب أهل البيت.
انتشار الإسلام في إيران / هل دخل بالسيف أم عن طريق القلوب؟
فكر إسلامي
محمّد علي آذرشب
انتشار الإسلام في إيران هل دخل بالسيف أم عن طريق القلوب؟ • انتشار الإسلام بالسيف يقوم على أساس روايات تعود إلى راو وضّاع هو سيف بن عمر • تذكر الوثائق أن الإيرانيين تعاونوا مع الفاتحين المسلمين في القضاء على النظام الكسروي • الإيرانيون بعد قرنين من الفتح استقلوا سياسياً عن مركز الخلافة ولكن ظلوا أوفياء للدائرة الحضارية الإسلامية • الديلم أسلمت على يد الحسن بن زيد بعد أن استعصت على الفاتحين. في تاريخ الطبري روايات عن مذابح في العقود الإسلامية الأولى بعضها يرتبط بحروب الردة وبعضها بالفتوح الإسلامية. ومن أخباره عن حروب الردة اجتماع قبائل ثعلبة بن سعد في "أبرق الربذة" وإعلانهم منع الزكاة، وقول الخليفة أبي بكر عنهم: "والله لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه"، وما تبع ذلك من سفك دماء غزيرة، ومنها رواياته عن ردّة طيّ، وعودتهم بعد ذلك إلى الإسلام بالتهديد والتخويف، وهكذا رواياته عن ردة أهل عمان ومهرة وقتل عشرة آلاف من المرتدين فيها، وهكذا حديثة عن ردّة اليمن الأولى والثانية وردّة الاخابث وفي جميعها ذكر لجموع غفيرة من القتلى والى عمليات إبادة للحرث والنسل!!