( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم)
قوله تعالى:( فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم) فيه مسائل:
المسألة الأولى: قال مجاهد: اختلفوا يوم بدر. فقال هذا: أنا قتلت ، وقال الآخر: أنا قتلت ، فأنزل الله تعالى هذه الآية يعني أن هذه الكسرة الكبيرة لم تحصل منكم وإنما حصلت بمعونة الله ، روي أنه لما طلعت قريش قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذه قريش قد جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك ، اللهم إني أسألك ما وعدتني " فنزل جبريل وقال: خذ قبضة من تراب فارمهم بها ، فلما التقى الجمعان قال لعلي: أعطني قبضة من التراب من حصباء الوادي ، فرمى بها في وجوههم ، وقال: شاهت الوجوه ، فلم يبق مشرك إلا شغل بعينه فانهزموا. (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم) ياسر الدوسري 14/9/1433هـ - YouTube. قال صاحب "الكشاف" والفاء في قوله:( فلم تقتلوهم) جواب شرط محذوف تقديره إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم ولكن الله قتلهم. ثم قال:( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) يعني أن القبضة من الحصباء التي رميتها ، فأنت ما رميتها في الحقيقة ، لأن رميك لا يبلغ أثره إلا ما يبلغه رمي سائر البشر ، ولكن الله رماها حيث نفذ أجزاء ذلك التراب وأوصلها إلى عيونهم ، فصورة الرمية صدرت من الرسول عليه الصلاة والسلام ، وأثرها إنما صدر من الله ، فلهذا المعنى صح فيه النفي والإثبات.
فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ – التفسير الجامع
وقرأ نافع والجمهور { ولكن} بتشديد النون في الموضعين وقرأه ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي بسكون النون فيهما. { وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا ، إن الله سميع عليم} عطف على محذوف يؤذن به قوله: { فلم تقتلوهم} الآية وقوله { وما رميت} الآية. فإن قتلهم المشركين وإصابة أعينهم كانا الغرض هزم المشركين فهو العلة الأصلية ، وله علة أخرى وهي أن يبلي الله المؤمنين بلاءً حسناً أي يعطيهم عطاءً حسناً يشكرونه عليه ، فيظهر ما يدل عن قيامهم بشكره مما تختبر به طويتهم لمن لا يعرفها ، وهذا العطاء هو النصر والغنيمة في الدنيا والجنةُ في الآخرة.
فائدة نفيسة في قولِ اللهِ تبَارك وتعالى: {فَلَم تَقتُلُوهُم وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُم/ وَمَا رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} – Riad Nachef – Islamic Affairs
الوقفة الثانية: أن في هذا الحدث تأييداً من الله لأهل الحق ويمثلهم الأمير محمد، على أهل الباطل ويمثلهم المجرم الهالك، فهاهم وصلوا عقر الدار، وبحبوحة المنزل، فجعل الله كيدهم في نحورهم، وتدبيرهم تدميراً عليهم، وصدق الله (فلم تقتلوهم ولكن الله قلتهم). الوقفة الثالثة: إن من حكم هذا الحدث ليرى الناس حماية الله لأوليائه، وأن عنايته جل وعلا تكلؤهم، فها هو الأمير بلا حرس، وبمعزل من السلاح، من دون حماية دنيوية، وعدوه أمامه مباشرة، قد اتخم بالمتفجرات، وتهيأ بوسائل المهلكات، والنتيجة أن الله سلم الأمير، وأهلك العدو الأثيم، وصدق الله: (إن الله يدافع عن الذين آمنوا)، فإن تغيبت الحراسة، وتخلفت الحماية، فالله موجود وعينه لا تنام. الوقفة الرابعة: في هذا الحدث تيئيس للمجرمين والمفسدين، من أن ينالوا من أهل الحق منالاً، وأنهم لن ينتصروا أبداً بإذن الله على جبهة يكون الله معها، فهاهم جربوا، واقتربوا، قاب قوسين أو أدنى، فكان النصر لأهل الحق، والقتل والخسارة لأهل الباطل، وصدق الله (وأن الله مع المؤمنين). فائدة نفيسة في قولِ اللهِ تبَارك وتعالى: {فَلَم تَقتُلُوهُم وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُم/ وَمَا رَمَيتَ إِذ رَمَيتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} – Riad Nachef – Islamic Affairs. الوقفة الخامسة: شتان بين أخلاق الأمير، وأخلاق المجرم الأثيم، انظروا إلى الأمير كيف أحسن الظن، وللمجرم كيف أضمر الشر، ففاز الأمير بحسن ظنه، وهلك المجرم بسوء فعله.
(فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم) ياسر الدوسري 14/9/1433هـ - Youtube
وقرأ نافع والجمهور { ولكن} بتشديد النون في الموضعين وقرأه ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي بسكون النون فيهما. عطف على محذوف يؤذن به قوله: { فلم تقتلوهم} الآية وقوله { وما رميت} الآية. فإن قتلهم المشركين وإصابة أعينهم كانا الغرض هزم المشركين فهو العلة الأصلية ، وله علة أخرى وهي أن يبلي الله المؤمنين بلاءً حسناً أي يعطيهم عطاءً حسناً يشكرونه عليه ، فيظهر ما يدل عن قيامهم بشكره مما تختبر به طويتهم لمن لا يعرفها ، وهذا العطاء هو النصر والغنيمة في الدنيا والجنةُ في الآخرة.
القرآن الكريم - التحرير والتنوير لابن عاشور - تفسير سورة الأنفال - الآية 17
وختاماً: نحمد الله أن جعل هذا البلاء بالخير دون الشر، وبالعافية دون البلاء، فنسأله أن يحفظ لنا ديننا ووطننا وأمننا واستقرارنا وحكامنا وعلماءنا. الأستاذ المشارك بجامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية
أسباب نزول آيات القرآن: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ...
تاريخ الإضافة: 9/9/2017 ميلادي - 18/12/1438 هجري
الزيارات: 122658
♦ الآية: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: الأنفال (17).