فيا أيها التاجر، ويا أيها الثري، ويا أيها الغني، ويا صاحب المال، الله الله بالناس، الله الله بالمعسر، هل أنت في غنى عن فضل الله عز وجل؟ هل أنت في غنى عن النجاة من كربات يوم القيامة؟
تذكَّر أنك بإنظارك للمعسر قد ضمِنت التيسير لأمورك في الدنيا والاخرة، وأنك في ظل عرش الرحمن يوم القيامة، فمن يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، ومن أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ. قضاء حوائج المسلمين - منتديات سكون الشوق. فتجاوز أخي المسلم عن المعسر، إما بالمسامحة, أو بالتقاضي الحسن، أو بتأخير الأجل، فإن ذلك عمل عظيم يُجازيك الله عليه يوم العرض الأكبر، يوم تكون بأشد الحاجة إلى تجاوز الرحمن عنك، ويوم أن تكون بأشد الحاجة إلى رحمات الله ومغفرته وعفوه. اللهم اجعلنا من عبادك المتقين، واجعلنا من الذين يُيسرون على المعسرين، وتجاوز عنا يوم الدين يا رب العالمين. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنبٍ وتوبوا إليه، يرسل السماء عليكم مدرارًا، ويُمتعكم متاعًا حسنًا إلى أجلٍ مسمى. الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين وعلى آله وأصحابه الذين ساروا على طريقه ومنهاجه، وعلى التابعين ومن تبِعهم إلى يوم الدين.
ثواب من يسر أو قضى حوائج الناس
ثم ندب تعالى إلى الوضع عنه والتصدق عليه به أو ببعضه، ووعد عَلَى ذَلِكَ الْخَيْر وَالثَّوَاب الْجَزِيل بقوله: ﴿ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [2]. قال الفقهاء (رحمهم الله): من كان له غريم معسر؛ فإنه يحرم عليه أن يطلب منه الدين، أو أن يطالبه به، أو أن يرفع أمره إلى الحاكم، بل يجب عليه إنظاره بدليل قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ ﴾ [3].
جبر الخواطر! - رمضان جريدي العنزي
وَيَسْتُرَه في الآخِرَةِ عن أَهْلِ المَوْقِفِ.
قضاء حوائج المسلمين - منتديات سكون الشوق
عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من
نفَّس عن مسلمٍ كربةً من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن
يسَّر على معسرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في
الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» أخرجه مسلم. * مفردات الحديث:
نَفَّس: بفتح النون وتشديد الفاء آخره سين، من تنفيس الخناق أي: إرخائه
حتى يأخذ له نفساً، والمراد: إزالة الضيق. كُرْبَة: بضم الكاف وسكون الراء ثم باء موحدة، وآخرها تاء التأنيث، هي ما
أهمَّ النفس وغمَّ القلب كأنها لشدة غمها عطلت مجال التنفس منه. يسَّر على مُعْسِر: سهَّل عليه بإبراء أو هبة أو صدقة أو إنظار إلى ميسرة،
قال في الفتح: ويصح شموله لإفتاء عامي في ضائقة وقع فيها بما يخلصه منها، لأنه
حِصن بالنسبة للعالم. ثواب من يسر أو قضى حوائج الناس. سَتَر: أخفى عيب ذنب ذوي الهيئات والمروءات الذين لم يُعْرَفوا بالشر،
فالله تعالى يستره يوم القيامة بمحو ذنوبه بحيث لا يسأل عنها ابتداء، أو يسأله
عنها بدون أن يطلع عليها أحد. * ما يؤخذ من الحديث:
1- قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث عظيم جامع لأنواع من العلوم والقواعد
والآداب، وهذه القطعة التي معنا فيها أربع فقرات كريمات:
2- الأولى: من نفَّس عن مسلم كُرْبة... الخ:
قال ابن رجب: الكربة هي الشدة العظيمة التي توقع صاحبها في الكرب،
وتنفيسها أن يخفف عنه منها، وذلك بأن يزيل عنه الكربة، فتفرج عنه كربته ويزول همه
وغمه، وتفريج الكربات بابه واسع، فإنه يشمل كل ما يلزمه وينزل بالعبد من ضائقة.
والمستحب للإنسان إذا اقترف ذنباً أن يستر على نفسه. 7- قال ابن دقيق العيد في شرح الأربعين: المراد: الستر على ذوي الهيئات
ونحوهم ممن ليس معروفاً بالفساد، وهذا في ستر معصية وقعت وانقضت، أما إذا علم
معصيته وهو متلبس بها فيجب المبادرة بالإنكار عليه ومنعه منها، فإن عجز لزم رفعها
إلى ولي الأمر إن لم يترتب على ذلك مفسدة. 8- أما المعروف بالفسق فلا يُستر عليه لأن الستر عليه يطمعه في الفساد
والإيذاء وانتهاك المحرمات، وجسارة غيره على مثل ذلك، بل عليه أن يرفعه إلى الإمام
إن لم يخف من ذلك مفسدة. وكذلك القول في جرم الرواة والشهود والأمناء على الصدقات والأوقاف
والأيتام ونحوهم، فيجب تجريحهم عند الحاجة، ولا يحل الستر عليهم إذا رأى منهم ما
يقدح في أهليتهم، وليس هذا من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة. 9- وقال ابن رجب في شرح الأربعين: واعلم أن الناس على ضربين:
أحدهما: من كان مستوراً لا يُعرف بشيء من المعاصي، فإذا وقعت منه
هفوة أو زلة فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها لأن ذلك غيبة محرمة،
وهذا هو الذي ورد في النصوص، وفي ذلك قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ
آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾.