والحديث المرسل هو الحديث المنقطع حيث ينتقل من التابعي إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم دون وجود صحابي بينهما. وهو ما لا يمكن أن يكون طبعا. وقد فصّل الألباني في مختلف الطرق ومختلف رواة الحديث مثل الدارقطني والبيهقي وكيف قام بعضهم بتضعيفه أيضا. وقد جاء الحديث مرّة ردّا على شخص تزوّج وطلّق عدّة مرّات. ومرّة على عبد زوّجه سيّده ثمّ أراد أن يفرّق بينه وبين زوجته. وعلى أيّ حال كلّها لا تصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلّم. ويمكن الاطّلاع على تفصيل الألباني فيه من هنا. ما يمكننا استنتاجه من استساغة المجتمع لحديث أبغض الحلال إلى الله الطلاق تكمن مشكلتنا في شقّين: أوّلا، على النّاس تعلّم البحث أوّلا قبل استخدام أيّ حديث عن النبي. فقد يقوم حديث واحد خاطئ بتغيير فكرة أحدهم عن شيء ما أو ثنيه عن فعل شيء ما. فالحديث النبوي ليس لعبة ليتمّ استخدامه حسب أهوائنا. والتأكّد من المعلومة بشكل عامّ هو أمر مهمّ وسهل جدّا في عصرنا هذا. حديث ابغض الحلال عند الله الطلاق سوره النساء. فبمجرّد بحث بسيط على محرّك البحث غوغل يمكننا التأكّد من صحّة أيّ معلومة من عدمها. لذلك يجب أن يفكّر الإنسان قليلا قبل مشاركة كلّ ما يراه أمامه دون التأكّد من صحّته. وربّما يعود هذا أيضا إلى نظام التعليم ونظام الحياة الّذي نعيشه.
- أبغضُ الحلال إلى الله الطلاق | مركز الهدى للدراسات الإسلامية
أبغضُ الحلال إلى الله الطلاق | مركز الهدى للدراسات الإسلامية
لكن إذا ما نفذت كلّ الخيارات واستحالت الحياة بين الزوجين، فسيكون الطلاق خيرا أكثر من التمسّك بعلاقة ضارّة لهما وللأطفال. وإن يتفرّقا يغن الله كلّا من سعته. في الأخير، ممّا يثير الحيرة هو كلام بعض "العلماء أو المشايخ" عند تفسيرهم لهذا الحديث واستساغتهم لك. وفي تفسيرهم له تجدهم يذكرون "وإذا لم يستطع الصبر على الزوجة لفسقها وما إلى ذلك". صحة حديث ابغض الحلال عند الله الطلاق. وكأنّ الزّوج لا يخطئ مطلقا، بل يكون الخطأ والمصيبة في الزوجة دوما! لطالما كنت أقول ولا زلت مقتنعة بذلك، ما أفسد هذا الدين هم بعض العلماء ممّن يفسّرونه حسب خلفياتهم القبلية العصبية، وليس حسب الدين. وأتذكّر الآن ما جاء في كتاب الألباني "حجاب المرأة المسلمة" والّذي قرأته لأكتب مقالاتي عن تغطية وجه المرأة في الإسلام. فقد ذكر الألباني كيف يقوم من يخالفونه دون حجّة بيّنة بمحاولة ملاءمة الدّين لخلفياتهم القبلية. بينما يجب على العالم أن يترك كلّ شيء مقابل الحقيقة، فما بالك إن كانت تلك الحقيقة تتعلّق بالدّين. وسأكتب الكثير من المقالات عن مثل هذه الأخطاء الّتي هوت بالمجتمعات إلى جاهلية ما قبل الإسلام، أو ربّما جاهلية أسوء منها.
سماحة الشيخ محمّد صنقور
أبغضُ الحلال إلى اللهِ الطلاق
المسألة:
ما صحة ما يُروى عن النبيِّ (ص): "أبغضُ الحلال إلى الله الطلاق"؟ وإذا كان صحيحاً كيف يُمكنُ الجمع بين كون الفعل مبغوضاً لله تعالى وبين الحكم بحلِّيته؟! لماذا لم يحكم اللهُ بحرمة الطلاق إذا كان مبغوضاً له؟
الجواب:
الحديثُ المذكور ورد من طرق العامَّة عن عبد الله بن عمر ولم يرد من طُرقِنا بهذا اللسان، نعم ورد من طرقِنا ما يقربُ من معناه، فمِن ذلك ما رواه الكليني بسندٍ صحيح عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: "مَا مِنْ شَيْءٍ مِمَّا أَحَلَّه اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ أَبْغَضَ إِلَيْه مِنَ الطَّلَاقِ وإِنَّ اللَّه يُبْغِضُ الْمِطْلَاقَ الذَّوَّاقَ"(1). حديث ابغض الحلال عند الله الطلاق سوره. ومِن ذلك أيضاً ما رواه الكليني بسندٍ صحيحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّه (ع) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه (ص) تَزَوَّجُوا وزَوِّجُوا.. ومَا مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضَ إلى اللَّه عَزَّ وجَلَّ مِنْ بَيْتٍ يُخْرَبُ فِي الإِسْلَامِ بِالْفُرْقَةِ يَعْنِي الطَّلَاقَ ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه (ع): إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ إِنَّمَا وَكَّدَ فِي الطَّلَاقِ وكَرَّرَ فِيه الْقَوْلَ مِنْ بُغْضِه الْفُرْقَةَ"(2).