قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ (34) ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها). قال ابن عباس: أي إذا دخلوا بلدا عنوة أفسدوه ، أي: خربوه ، ( وجعلوا أعزة أهلها أذلة) أي: وقصدوا من فيها من الولاة والجنود ، فأهانوهم غاية الهوان ، إما بالقتل أو بالأسر. قال ابن عباس: قالت بلقيس: ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة) ، قال الرب ، عز وجل ( وكذلك يفعلون)
( قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة )
﴿ تفسير الوسيط ﴾
وهنا يحكى لنا القرآن الكريم ما كانت عليه تلك المرأة من دهاء وكياسة، وإيثار للسلم على الحرب، واللين على الشدة، فقال- تعالى-: قالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ من شأنهم أنهم إِذا دَخَلُوا قَرْيَةًمن القرى. أو مدينة من المدن، بعد تغلبهم على أهلها عن طريق الحرب والقتال.. أَفْسَدُوها أى: أشاعوا فيها الفساد والخراب والدمار. وفوق كل ذلك: وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً أى: أهانوا أشرافها ورؤساءها، وجعلوهم أذلة بعد أن كانوا أعزة. ليكونوا عبرة لغيرهم. وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ أى: وهذه هي عادتهم التي يفعلونها عند دخولهم قرية من القرى، عن طريق القهر والقسر والقتال. قالت ان الملوك اذا دخلوا قرية افسدوها. والمقصود من قولها هذا: التلويح لقومها بأن السلم أجدى من الحرب، وأن الملاينة مع سليمان- عليه السلام- أفضل من المجابهة والمواجهة بالقوة. ﴿ تفسير ابن كثير ﴾
( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها). قال ابن عباس: أي إذا دخلوا بلدا عنوة أفسدوه ، أي: خربوه ، ( وجعلوا أعزة أهلها أذلة) أي: وقصدوا من فيها من الولاة والجنود ، فأهانوهم غاية الهوان ، إما بالقتل أو بالأسر. قال ابن عباس: قالت بلقيس: ( إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة) ، قال الرب ، عز وجل ( وكذلك يفعلون)
﴿ تفسير القرطبي ﴾
قوله تعالى: والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين سلموا الأمر إلى نظرها مع ما أظهروا لها من القوة والبأس والشدة; فلما فعلوا ذلك أخبرت عند ذلك بفعل الملوك بالقرى التي يتغلبون عليها.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النمل - الآية 35
قال ابن هشام: ويجب حذف ألف "ما" الاستفهامية إذا جرت، وإبقاء الفتحة دليلا عليها، نحو: فيم، وإلام، وعلام، وبم، وعلة حذف الألف: الفرق بين الاستفهام والخبر، فلهذا حذفت في نحو (فيم أنت من ذكراها) ، (فناظرة بم يرجع المرسلون) ، (لم تقولون ما لا تفعلون) وأما قراءة عكرمة وعيسى: (عما يتساءلون) فنادر، وأما قول حسان "على ما قام" البيت، فضرورة، والدمان كالرماد: وزنًا ومعنًى. ويروى: في رماد، فلذلك رجحته على تفسير ابن الشجري له بالسرجين ومثله قول الآخر: إنـــا قتلنــا بقتلانــا ســراتكم أهــل اللـواء ففيمـا يكـثر القيـل وهذا يتضمن معنى قول المؤلف في هذا الشاهد.
تفسير آية قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ
في العصر الفاطمي كانت أراضي البلاد كلها ملكا خالصا للخليفة ولا سبيل لأحد من العامة إلى امتلاك قطعة أرض إلا أن يشتريها ممن أقطعه السلطان في القديم ( انظر شمس الدين أبو عبد الله المقدسي - أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم). وكانت تُجبى ضريبة مقدارها ديناران عن كل من يَغرق في النيل, ويُطالَب أهل الغريق بسداد هذه الضريبة قبل تسليم جثته إليهم (انظر المختار عز الملك المسبحي- أخبار مصر). القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة النمل - الآية 35. وكان الخليفة يمتلك في القاهرة وحدها عشرة آلاف دكان يؤجر الكثير منها بأجرة تتراوح بين دينارين وعشرة دنانير مغربية في الشهر وكذلك الأربطة والحمامات وأبنية كثيرة لا حصر لها, كما كان يملك حوالي ثمانية آلاف بيت ( ناصر خسرو - سفر نامة). ذلك كان بعض حال خليفة كان الناس يقدسونه إلى حد السجود وتقبيل الأرض تحت قدميه. إن أموال بيت المال مِلك حلال للأمة كلها, فلا أحد إلا وله فيها حق, ولا يصح أن يزيد نصيب السلطان فيها عن نصيب أدنى مواطن في الأمة, فهو مال لم يكدح فيه بيمين, وله أن يتقاضى أجرا يناسب أداء وظيفته كحاكم تستأجره الأمة للقيام على مصالحها. لما تولى أبو بكر الخلافة ذهب إلى السوق كعادته حاملا أثواب القماش على عاتقه, فلقيه عمر وأبو عبيدة وسألاه: أين تريد يا خليفة رسول الله ؟ قال السوق, قالا: تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين ؟ قال: فمن أين أطعم عيالي ؟ قالا له: انطلق حتى نفرض لك شيئا".
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة النمل - القول في تأويل قوله تعالى " قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون "- الجزء رقم19
قال ابن جُرَيج: قال مجاهد: قوله: ( بِهَديَّةٍ) قال: جوار ألبستهن لباس الغلمان, وغلمان ألبستهم لباس الجواري. قال ابن جُرَيج: قال: قالت: فإن خلص الجواري من الغلمان, وردّ الهدية فإنه نبيّ, وينبغي لنا أن نتبعه. قال ابن جُرَيج, قال مجاهد: فخلص سليمان بعضهم من بعض, ولم يقبل هديتها. قال: ثنا الحسين, قال: ثنا سفيان, عن معمر, عن ثابت البُنَانيّ, قال: أهدت له صفائح الذهب في أوعية الديباج، فلما بلغ ذلك سليمان أمر الجنّ فموّهوا له الآجرّ بالذهب, ثم أمر به فألقي في الطرق، فلما جاءوا فرأوه ملقى ما يُلتفت إليه, صغر في أعينهم ما جاءوا به. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة النمل - القول في تأويل قوله تعالى " قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون "- الجزء رقم19. حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا... الآية, وقالت: إن هذا الرجل إن كان إنما همته الدنيا فسنرضيه, وإن كان إنما يريد الدين فلن يقبلَ غيره (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ).
وقال ابن شجرة. هو قول بلقيس ، فالوقف وكذلك يفعلون أي وكذلك يفعل سليمان إذا دخل بلادنا. ﴿ تفسير الطبري ﴾
يقول تعالى ذكره: قالت صاحبة سبأ للملأ من قومها, إذ عرضوا عليها أنفسهم لقتال سليمان, إن أمرتهم بذلك: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً) عنوة وغلبة ( أفْسَدُوها) يقول: خرّبوها(وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) وذلك باستعبادهم الأحرار, واسترقاقهم إياهم; وتناهى الخبر منها عن الملوك في هذا الموضع فقال الله: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) يقول تعالى ذكره: وكما قالت صاحبة سبأ تفعل الملوك, إذا دخلوا قرية عنوة. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو بكر, في قوله: (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) قال أبو بكر: هذا عنوة. إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها. حدثنا أبو هشام الرفاعي, قال: ثنا أبو بكر, قال: ثنا الأعمش, عن مسلم, عن ابن عباس, في قوله: (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا) قال: إذا دخلوها عنوة خرّبوها. حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, قال: قال ابن عباس: (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) قال ابن عباس: يقول الله: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ).
وقيل: هو تصديق من الله لقولها ، وقد يتعلق الساعون في الأرض بالفساد بهذه الآية ويجعلونها حجة لأنفسهم. ومن استباح حراما فقد كفر ، فإذا احتج له بالقرآن على وجه التحريف فقد جمع بين كفرين مرسلة إليهم بهدية أي مرسلة رسلا بهدية أصانعه بها عن ملكي "فناظرة" ما يكون منه حتى أعمل على حسب ذلك ، روي أنها بعثت خمسمائة غلام عليهم ثياب الجواري ، وحليهن الأساور والأطواق. والقرطة راكبي خيل مغشاة بالديباج محلاة اللجم والسروج بالذهب المرصع بالجواهر ، وخمسمائة جارية على رماك في زي الغلمان.