قال ابن جريج، وقال ابن عباس: خِطأ: أي خطيئة. --------------------- الهوامش: (1) هذا بيت من مشطور الرجز ينسب إلى امرئ القيس بن حجر الكندي، من مقطوعة تسعة أبيات، (مختار الشعر الجاهلي بشرح مصطفى السقا، طبعة الحلبي ص 105) قالها حين بلغه أن بني أسد قتلت أباه. ومعنى يا لهف: يا أسف أو يا حسرة. وهند أخته. وخطئن: يعني الخيل ، أي أخطأن. وكان قد طلب بني كاهل من بني أسد ليلا ، فأوقع بين كنانة خطأ ، وهرب منه بنو كاهل. ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما. وهذا البيت هو أول الأبيات في الأغاني والعقد الثمين لوليم ألورد. ومحل الشاهد في البيت أن خطئ خطأ ، وأخطأ إخطاء: لغتان بمعنى واحد إذا عمل شيئا وأخطأ فيه عن غير تعمد كما في البيت والخطء ، بكسر الخاء وسكون الطاء اسم مصدر بمعنى المصدر وبعض اللغويين يقول: إن خطئ خطأ معناه وقع في الإثم عن تعمد ، بخلاف أخطأ ، فإنه عن غير تعمد. (2) استشهد المؤلف بهذا البيت على أن بعضهم زعم أن الخطء ( بكسر الخاء وسكون الطاء) في القراءة أكثر ، وأن الخطأ ( بفتح الخاء وسكون الطاء في كلام الناس أفشى، وأنه لم يسمع بكسر الخاء وسكون الطاء في شيء من كلامهم وأشعارهم إلا في بيت أنشده لبعض الشعراء: الخطء فاحشة... إلخ البيت) ولم أقف على البيت ولا قائله في معاني القرآن للفراء ، ولا في مجاز القرآن لأبي عبيدة غير أن الفراء قال: قرأ الحسن: خطاء كبيرا بالمد ، وقرأ أبو جعفر المدني: خطأ كبيراً ، قصر وهمز ، وكل صواب.
ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما
حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (خَشْيَة إِمْلاقٍ) يقول: الفقر. وأما قوله ( إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) فإن القراء اختلفت في قراءته؛ فقرأته عامَّة قراء أهل المدينة والعراق ( إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) بكسر الخاء من الخطإ وسكون الطاء، وإذا قرئ ذلك كذلك، كان له وجهان من التأويل: أحدهما أن يكون اسما من قول القائل: خَطِئت فأنا أَخْطَأ، بمعنى: أذنبت وأثمت. ويُحكى عن العرب: خَطِئتُ: إذا أذنبتَ عمدا، وأخطأت: إذا وقع منك الذنب خَطَأ على غير عمد منك له. والثاني: أن يكون بمعنى خَطَأ بفتح الخاء والطاء، ثم كسرت الخاء وسكنت الطاء، كما قيل: قِتْب وقتب وحِذَر، ونجِس ونَجَس. والخطء بالكسر اسم، والخطأ بفتح الخاء والطاء مصدر من قولهم: خَطِئ الرجل؛ وقد يكون اسما من قولهم: أخطأ. فأما المصدر منه فالإخطاء. ولا تقتلوا انفسكم ان الله. وقد قيل: خطئ، بمعنى أخطأ، كما قال: الشاعر: يا لَهْفَ هِنْدٍ إِذْ خَطِئْنَ كاهِلا (1) بمعنى: أخطأن. وقرأ ذلك بعض قرّاء أهل المدينة: (إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خَطَأً) بفتح الخاء والطاء مقصورا على توجيهه إلى أنه اسم من قولهم: أخطأ فلان خطأ. وقرأه بعض قراء أهل مكة: (إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خَطَاءً) بفتح الخَاء والطاء، ومد الخَطَاء بنحو معنى من قرأه خطأ بفتح الخاء والطاء، غير أنه يخالفه في مدّ الحرف.
ولا تقتلوا انفسكم ان
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن جُويبر، عن الضحاك بن مزاحم، في قوله ( فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا) قال: إن شاء عفا، وإن شاء أخذ الدية. وقال آخرون: بل ذلك السلطان: هو القتل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا) وهو القَوَد الذي جعله الله تعالى. وأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويل من تأول ذلك: أن السلطان الذي ذكر الله تعالى في هذا الموضع ما قاله ابن عباس، من أن لوليّ القتيل القتل إن شاء وإن شاء أخذ الدية، وإن شاء العفو، لصحة الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم فتح مكة: " ألا ومَنْ قُتِل لَهُ قَتِيلٌ فَهُو بِخَيْرِ النَّظَريْنِ بين أنْ يَقْتُل أوْ يأْخُذ الدّيَة ". القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الإسراء - الآية 31. قد بيَّنت الحكم في ذلك في كتابنا: كتاب الجِراح. وقوله ( فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامَّة قرّاء الكوفة (فَلا تُسْرِفْ) بمعنى الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد به هو والأئمة من بعده، يقول: فلا تقتل بالمقتول ظُلْما غير قاتله، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يفعلون ذلك إذا قتل رجل رجلا عمد وليّ القتيل إلى الشريف من قبيلة القاتل، فقتله بوليه، وترك القاتل، فنهى الله عزّ وجلّ عن ذلك عباده، وقال لرسوله عليه الصلاة والسلام: قتل غير القاتل بالمقتول معصية وسرف، فلا تقتل به غير قاتله، وإن قتلت القاتل بالمقتول فلا تمثِّل به.
وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) يقول تعالى ذكره: وَقَضَى رَبُّكَ يا محمد أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ، ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) فموضع تقتلوا نصب عطفا على ألا تعبدوا. يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل. ويعني بقوله (خَشْيَةَ إمْلاقٍ) خوف إقتار وفقر، وقد بيَّنا ذلك بشواهده فيما مضى، وذكرنا الرواية فيه، وإنما قال جلّ ثناؤه ذلك للعرب، لأنهم كانوا يقتلون الإناث من أولادهم خوف العيلة على أنفسهم بالإنفاق عليهن. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ): أي خشية الفاقة، وقد كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الفاقة، فوعظهم الله في ذلك، وأخبرهم أن رزقهم ورزق أولادهم على الله، فقال ( نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا). حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة (خَشْيَةَ إمْلاقٍ) قال: كانوا يقتلون البنات. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) قال: الفاقة والفقر.