الأحاديث الواردة في فضل سورة (الكافرون)
عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «..... ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن.... » [رواه الترمذي (2893) صحيح الجامع (6466). عن علي- رضي الله عنه- قال: لدغت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقرب وهو يصلي ، فلما فرغ قال: « لعن الله العقرب لا تدع مصليا ولا غيره » ، ثم دعا بماء وملح ، وجعل يمسح عليها ويقرأ ب قل يا أيها الكافرون ، و قل أعوذ برب الفلق ، و قل أعوذ برب الناس »] رواه الطبراني في المعجم الصغير وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم [(548). الباحث القرآني. عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد» [رواه مسلم (2041)]. عن عبد الله بن مسعود أنه قال: ما أحصى ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين بعد المغرب وفي الركعتين قبل صلاة الفجر بــ «قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد» [رواه الترمذي (431) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي[. ومن حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه في صحيح مسلم]1218[: لسنا نعرف العمرة. حتى إذا أتينا البيت معه ، استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا.
قل يا أيها الكافرون ، لا أعبد ما تعبدون | معرفة الله | علم وعَمل
[ ص: 357] سورة الكافرون
مكية في قول ابن مسعود والحسن وعكرمة ، ومدنية في أحد قولي ابن عباس وقتادة والضحاك. بسم الله الرحمن الرحيم قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين قل يا أيها الكافرون الآيات ، ذكر محمد بن إسحاق أن سبب نزولها أن الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب وأمية بن خلف لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد هلم فلتعبد ما نعبد. ونعبد ما تعبد ، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله ، فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنا قد كنا قد شركناك فيه وأخذنا بحظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما بيديك كنت قد شركتنا في أمرنا وأخذت بحظك منه ، فأنزل الله تعالى قل يا أيها الكافرون فصار حرف الأمر في هذه السورة وسورة الإخلاص والمعوذتين متلوا ، لأنها نزلت جوابا ، عنى بالكافرين قوما معينين ، لا جميع الكافرين ، لأن منهم من آمن ، فعبد الله ، ومنهم من مات أو قتل على كفره ، وهم المخاطبون بهذا القول فمنهم المذكورون. قل يا أيها الكافرون ، لا أعبد ما تعبدون | معرفة الله | علم وعَمل. لا أعبد ما تعبدون يعني من الأوثان. [ ص: 358] ولا أنتم عابدون ما أعبد يعني الله تعالى وحده ، الآيات.
(يشير بذلك إلى أن هذا ليس كلامك بل كلام الصادق). وقيل إن هذا التكرار يعود إلى أن الجملة الأولى تركز على الحال، والجملة الثّانية تركز على المستقبل، ويكون معنى الجملتين لا أعبد ما تعبدون في الحال والمستقبل. ولا يوجد شاهد في الآية على هذا التّفسير. ثمة تفسير ثالث لهذا التكرار هو إن الأولى تشير إلى الإختلاف في المعبود والثّانية إلى الإختلاف في العبادة. أي لا أعبد الذي تعبدون، ولا أعبد عبادتكم لأن عبادتي خالصة من الشرك ولأنها عبادة عن وعي وعن أداء للشكر لا عن تقليد أعمى (2). والظاهر أن هذا التكرار للتأكيد كما ذكرنا أعلاه، وجاءت الإشارة إليه أيضاً في حديث الإمام الصادق (عليه السلام). وهناك تفسير رابع للتكرار هو إن الآية الثّانية تقول: لا أعبد ما تعبدون الآن. والآية الرابعة تقول: ما أنا عابد (في الماضي) معبودكم، فما بالكم اليوم. هذا التّفسير يستند إلى التفاوت بين فعلي الآيتين، في الثّانية الفعل مضارع «تعبدون»، وفي الآية الرابعة «عبدتم» بصيغة الماضي ونحن لا نستبعده. (3)
وإن كان هذا يحل مسألة تكرار الآيتين الثّانية والرابعة، وتبقى مسألة تكرار الآيتين الثّالثة والخامسة على حالها. (4). لِمَ هذا التكرار في قوله تعالى {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} ؟ – أصداء يمانية. _______________________
1.
لِمَ هذا التكرار في قوله تعالى {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} ؟ – أصداء يمانية
الأقوال الآن كم؟ ثلاثة. القول الرابع اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن قوله: ﴿لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ هذا الفِعل، فوافق القولَ الأولَ في هذه الجملة، ﴿وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ﴾ أي: في القَبول؛ بمعنى: ولنْ أقبلَ غير عبادتي، ولنْ أقبلَ عبادتكم، وأنتم كذلك لنْ تقبلوا. فتكون الجملةُ الأولى عائدةً على الفِعل، والجملةُ الثانية عائدةً على القَبول والرضا؛ يعني: لا أعبده ولا أرضى به، وأنتم كذلك لا تعبدون الله ولا ترضون بعبادته. وهذا القول إذا تأمَّلتَه لا يَرِدُ عليه شيءٌ من (... ) السابقة، فيكون قولًا حسنًا جيِّدًا.
وإنما قيل ذلك كذلك, لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين, قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا, وسبق لهم ذلك في السابق من علمه, فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه, وحدّثوا به أنفسهم, وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم, في وقت من الأوقات, وآيس نبي الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم, ومن أن يفلحوا أبدا, فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا, إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف, وهلك بعض قبل ذلك كافرا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل, وجاءت به الآثار. * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن موسى الحَرشي, قال: ثنا أبو خلف, قال: ثنا داود, عن عكرِمة, عن ابن عباس: أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة, ويزّوجوه ما أراد من النساء, ويطئوا عقبه, فقالوا له: هذا لك عندنا يا محمد, وكفّ عن شتم آلهتنا, فلا تذكرها بسوء, فإن لم تفعل, فإنا نعرض عليك خصلة واحدة, فهي لك ولنا فيها صلاح. قال: " ما هي؟" قالوا: تعبد آلهتنا سنة: اللات والعزى, ونعبد إلهك سنة, قال: " حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي", فجاء الوحي من اللوح المحفوظ: ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) السورة, وأنـزل الله: قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ... إلى قوله: فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ.
الباحث القرآني
{ ويل يومئذ للمكذبين} [المطففين: 10]. { كلا سيعلمون، ثم كلا سيعلمون} [النبأ: 4 ، 5]. و { فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا} [الشرح: 5 ، 6]. كل هذا على التأكيد. وقد يقول القائل: ارم ارم، اعجل اعجل؛ ومنه قوله عليه السلام في الحديث الصحيح: (فلا آذن، ثم لا آذن، إنما فاطمة بضعة مني). خرجه مسلم. وقال الشاعر: هلا سألت جموع كندة ** يوم ولوا أين أينا وقال آخر: يا لبكر انشروا لي كليبا ** يا لبكر أين أين الفرار وقال آخر: يا علقمة يا علقمة يا علقمة ** خير تميم كلها وأكرمه وقال آخر: يا أقرع بن حابس يا أقرع ** إنك إن يصرع أخوك تصرع وقال آخر: ألا يا اسلمي ثم اسلمي ** ثلاث تحيات وإن لم تكلم ومثله كثير. وقيل: هذا على مطابقة قولهم: تعبد آلهتنا ونعبد إلهك، ثم نعبد آلهتنا ونعبد إلهك، ثم تعبد آلهتنا ونعبد إلهك، فنجري على هذا أبدا سنة وسنة. فأجيبوا عن كل ما قالوه بضده؛ أي إن هذا لا يكون أبدا. قال ابن عباس: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: نحن نعطيك من المال ما تكون به أغنى رجل بمكة، ونزوجك من شئت، ونطأ عقبك؛ أي نمشي خلفك، وتكف عن شتم آلهتنا، فإن لم تفعل فنحن نعرض عليك خصلة واحدة هي لنا ولك صلاح، تعبد آلهتنا اللات والعزى سنة، ونحن نعبد إلهك سنة؛ فنزلت السورة.
2
كفر من لم يكفر الكفار لما فيه من تكذيب الله تعالى إذ كفرهم وسماهم (كافرين). بطلان قول من قال إن إطلاق لقب (كافر) على غير المسلمين يولد الإرهاب المذموم شرعاً، وهذا باطل وممتنع، بل الواجب تنزيه القرآن عن ذلك. أن كل من لم يعبد الله وحده ولم يرتض الإسلام دينا فهو كافر ولو كان يهوديا أو نصرانياً. أن الكفار يعبدون الله تعالى لكن لما أشركوا مع الله غيره صارت عبادتهم باطلة وهي كعدمها لذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للكفار ( لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) أي الأصنام والأوثان والأولياء ثم قال (وَلَا أَنَا عَابًد مَّا عَبَدتُّمْ) أي لست عابدا كعبادتكم الشركية ولا أقبلها ولا أرضاها. أن عبادة الكفار لله تعالى لا تنفعهم لأنها حبطت بالشرك. مشروعية نداء الكفار بلقب (أيها الكافرون) للبراءة منه ومن عبادته. بطلان دعوة (وحدة الأديان) التي يتبناها بعض الدعاة هنا وهناك بين الحين والآخر قال تعالى (إًنَّ الدًّينَ عًندَ اللّهً الإًسْلاَمُ) [آل عمران-19]، وقال تعالى (وَمَن يَبْتَغً غَيْرَ الإًسْلاَمً دًيناً فَلَن يُقْبَلَ مًنْهُ وَهُوَ فًي الآخًرَةً مًنَ الْخَاسًرًينَ) [آل عمران-85[. يستفاد من تكرار قراءة سورة (الكافرون) تاكيد التوحيد في نفس المؤمن وقلبه وتوكيد البراءة من الشرك وأهله.