جميل السلحوت
بدون مؤاخذة-شيطنونا وأطعناهم بقلم: جميل السلحوت
قال المتنبي أشعر الشعراء العرب في هجاء كافور الإخشيدي:
ساداتُ كلّ أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمِ وَسادَةُ المُسلِمينَ الأعْبُدُ القَزَمُ
أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم يا أُمّةً ضَحكَتْ مِن جَهلِها الأُمَمُ
وشاطر أبو العلاء المعري، المتنبي فيما ذهب إليه، حبن خاطب أهل مصر قائلا: اقتصرتم من الدّين على ذلك، وعطّلتم سائر أحكامه!
هجاء المتنبي لكافور الأخشيدي - منتديات شبكة قبيلة الغنانيم الرسمية. ورضيتم بولاية كافور عليكم مع خسّته، حتى ضحكت الأمم منكم واستهزأوا بكم وبقلة عقلكم. " وبعيدا عن هجاء المتنبي لكافور الإخشيديّ، إلا أنّه لا يمكن الابتعاد عن حقيقة "الكوافير" المعاصرين، الذين جعلوا من الأمّة "أضحوكة بين الأمم". والإمبرياليّة العالميّة تعلم ذلك جيّدا، وتعتمد على "كنوزها الإستراتيجيّة في المنطقة" لترسيخها،
وقد ارتضت الشّعوب ذلك بسبب الجهل السّائد والمستمرّ من خلال المناهج الدّراسيّة التي لا تواكب العلوم الحديثة، والتي ترسّخ الفهم السّاذج والجاهل للآية الكريمة المجتزأة:" كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس... " والمقصود هنا حسب المفسرين هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم من المهاجرين، لكنّ الغالبيّة من جهلاء العصر يردّدونها مقتنعين أنّها تشمل المسلمين جميعهم في مختلف العصور، وبهذا فهم يرون أنّهم خير البشر، وأنّهم مهتدون مالكون للحقيقة دون غيرهم من البشر، وأنّ الله ناصرهم وهم قاعدون!
هجاء المتنبي لكافور الأخشيدي - منتديات شبكة قبيلة الغنانيم الرسمية
جود الرجال من الأيدي, جودهم من اللسان, فلا كانوا ولا جود! ما يقبض الموت نفسا من نفوسهم ألا وفي يده من نتنها عود! أكلما اغتال عبد السود سيده أو خانه فله مصر تمهيد صار الخصي أمام الآبقين بها فالحر مستعبد والعبد معبود نامت نواطير مصر عن تعالبها فقد بشمن وما تفنى العناقيد العبد ليس لحر صالح بأخ لو أنه في ثياب الحر مولود! لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد ما كنت أحسنى أحيا إلى زمن يسئ بي فيه كلب وهو محمود ولا توهمت أن الناس قد فقدوا وأن مثل أبى البيضاء موجود وأن ذا الأسود المثقوب مشفره تطيعه ذي المضاريط الرعاديد إن أمر أمه حبلى تدبره لمستضام, سخين العين مفئود ويلمها خطة! ويلم قابلها لمثلها خلق المهرية القود! وعندها لذ طعم الموت شاربه أن المنية عند الذل قنديد! من علم الأسود المخصي مكرمه أقوامه البيض, أم آباؤه الصيد ؟! أم أذنه في يد النخاس دامية! أم قدره وهو بالفلسين مردود! أولى اللئام كويفير بمعذرة في كل لوم, وبعض العذر تفنيد! وذاك أن الفحول البيض عاجزة عن الجميل, فكيف الخصية السود!........................... _________________
المتنبي أحد أعظم منتجي المعاني الشعرية، ولعل امتيازه الأهم هو في قدرته على أن يجعل المعنى صورة شعرية. لكن الأبيات الثلاثة التي اخترناها هنا كانت معاني وأفكاراً وانفعالات أكثر من أن تكون صوراً، وهذا جانب حيوي آخر من تجربة المتنبي القادر على أن يجعل الشتيمة شعراً. الأبيات هي الأول والثاني من قصيدة (أُريك الرضا)، وقد ألحقنا بهما البيت السابع من القصيدة التي تتألف من عشرة أبيات فقط. البيت السابع وثيق الصلة بمضمون وسياق البيتين الأولين المتبوعين بأبيات أخرى لا تقل قدراً وقسوة عن البيتين ومضمونهما، لكنها كانت أبياتاً ينتقل فيها الشاعر إلى موضوع أو مواضيع
هجائية أخرى تعزز غرض القصيدة ومرادها؛ تبشيع صورة كافور، وإظهار احتقار المتنبي له. الأبيات التالية للبيتين الأولين تفترق عن الطبيعة المتصلة ما بين البيتين من حيث طبيعة الموضوعات الشعرية، فيما يعود الشاعر في البيت السابع الذي ختمنا به هذه القصيدة الضمنية، إلى موضوع البيتين لاتساقه معهما وانسجام موضوعه مع موضوعهما. إنه، بشكل أخص، بيتٌ يظفر لهذه القصيدة الضمنية بخاتمة هي أقرب إلى الخلاصة في معناها الشعري، التي تكتمل بها بنية القصيدة القصيرة الضمنية، وهي أقرب إلى ما نسميه في عصرنا بـ(الضربة الشعرية) التي عادة ما تكون من أساليب الوقوف عند خاتمة مناسبة وحاذقة في شعريتها.