[٤]
انتشار خبر وصوله
انتشر في المدينة خبر وصول النبي -صلّى الله عليه وسلّم وصاحبه- إلى خيمة أم معبد، وفى يوم الإثنين الثاني من ربيع الأول سنة أربع عشرة من البعثة، وخرج المسلمون ينتظرون قدوم نبيهم حتى اشتد الحر، فعادوا إلي بيوتهم، وقدم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بعد دخولهم، فرآه يهودي فناداهم، فاجتمعوا برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بظهر الحرّة وهم يهللون ويكبرون، حتى وصل صوت التكبير إلى منازل بني عمرو بن عوف، فكبروا فرحًا، وخرجوا مسرعين للترحيب به. [٥]
خروج الناس لملاقاته
خرج المسلمون بأعدادٍ كبيرة لاستقبال نبيهم، منهم خمسمئة من الأنصار، فأحاطوا بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه أبي بكر، أما داخل المدينة فارتفعت أصوات الأنصار وهم يرددون " جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم"، فصعد الجميع فوق البيوت، كما تفرق الغلمان في طرقات المدينة ينادون: "يا محمد يا رسول الله، يا رسول الله"، [٦] لما اقترب النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة، خرج الرجال والنساء والولدان يرددون: "طَلَعَ الْبَدْرُ عَلَيْنَا مِنْ ثَنِيَّاتِ الْوَدَاعْ". [٧]
روى البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: (أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين، ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء).
اصطحب النبي معه في هجرته إلى المدينة
فلما سمع عمر الآية ذهب عنه ما كان فيه وما كان يجد، وكان وقافا عند كتاب الله ، وقد قال رضي الله عنه: "والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها، فَعَقِرْت حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض، حين سمعته تلاها علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات. قال القرطبي: وهذا أول دليل على كمال شجاعة الصديق رضي الله عنه لأن الشجاعة هي ثبات القلوب عند حلول المصائب، ولا مصيبة أعظم من موت رسول الله فظهرت عنده شجاعة الصدّيق وعلمه رضي الله عنه. ودخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على أم أيمن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم يتفقدانها، فوجداها تبكي، فقال لها أبو بكر: ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله، قالت: والله ما أبكي أن لا أكون أعلم ما عند الله خير لرسوله، ولكن أبكي أنّ الوحي انقطع من السماء، فهيَّجتهما على البكاء، فجعلا يبكيان. وكان بلال رضي الله عنه يؤذن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وقبل دفنه فإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله ارتج المسجد بالبكاء والنحيب. ما هو أول شيء تحدث به رسول حين قدم المدينة - موقع محتويات. ولما دفن قالت فاطمة رضي الله عنها: يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب؟!. أفاطم إن جزعت فذاك عذر ** وإن لم تجزعي ذاك السبيل
لقد عظمت مصيبتنا وجلت **عشية قيل قد قبض الرسول
وأضحت أرضنا مما عراها** تكاد بنا جوانبـــــــها تميل
فقدنا الوحي والتنزيل فينا ** يروح به ويغدو جبــــــرئيل
وذاك أحق ماسالت عليه **نفوس الناس أو كادت تســـــيل
اعمال النبي في المدينة
سكن اليهود منذ القدم العديد من المناطق المختلفة في الجزيرة العربية والتي من بينها المدينة المنورة أو يثرب كما كان يطلق عليها في القدم، وعندما هاجر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إليها بعد أن خرج من مكة المكرمة وجد بالمدينة بعض من القبائل اليهودية، من بينهم يهود بين قريظة وبنو قينقاع وبنو النضير وقد كان هناك علاقة بين اليهود وبين أهل المدينة خلال تلك الفترة وقد تعامل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قدوم اليهود إلى المدينة
يذكر أن السبب الرئيسي في مجيء اليهود إلى المدينة المنورة بأراضي الحجاز بوجه عام كان لانتظار النبي القادم خاتم الأنبياء والرسل، والتي تحدثت عن التوراة حيث أن جميع الكتب السماوية قد تحدثت عن نبي آخر الزمان الذي سيظهر في تلك المنطقة وقد أستقر نسبة كبيرة من اليهود في يثرب وقد أصبحوا من سادات المنطقة وقد عملوا في صناعة الذهب والفضة كما كانوا يحتكرون الكثير من التجارات والصناعات ويعملون بالربا في ذلك الوقت. وقد كات علاقة اليهود مع النبي ومن معه في بداية الدخول إلى يثرب جيدة حتى أن دعاهم النبي إلى الدين الإسلامي وعمل المعاهدة معهم فقد تغير الأمر بشكل كبير ووصل إلى حد الخيانة.
وثيقة المدينة في عهد النبي
*نقلا عن صحيفة "الشرق الأوسط"
تنويه:
جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.
النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة
[١٣]
وقد جاء في إكرام أبي أيوب للنبي -صلى الله عيه وسلم- الحديث أنه جخل من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يكون في الطابق الأسفل بينما وهو وزوجته يعلونه في المكان في الطابق الأعلى، فقال له: (يا رسولَ اللهِ، إنَّه ليس يَنبَغي أنْ نكونَ فَوقَك، انتَقِلْ إلى الغُرْفةِ، فأمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمَتاعِه فنُقِلَ)، [١٤] فكان أبو أيوب نعم المكرم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقدوة يحتذى بها في كرمه وحسن ضيافته وحسن تأدبه مع رسول الله. [١٣] انتظر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الإذن من الله عز وجل للهجرة، فلما أمره الله بذلك خرج من مكة مع صاحبه أبي بكر إلى يثرب، وسمع أهل المدينة بقدوم النبي، فجعلوا ينتظرونه أياماً في أجواء شديدة الحر، ولما وصل النبي الى المدينة، استقبله أهلها بالفرح والتهليل والتكبير، وكان الجميع يتمنى أن يحظى به ضيفًا، ولكن صاحب الحظ الوفير الصحابي كان أبو أيوب الأنصاري الذي أحسن ضيافته وإكرامه. دروسٌ مستفادة من استقبال أهل المدينة لرسول الله
يستفاد من استقبال أهل المدينة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأمور الآتية: [١٥]
الحب العظيم من أهل المدينة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فهم أحبوا الله -تعالى- وأحبوا رسوله الكريم، ونرى هذا في لهفتهم وشوقهم وانتظارهم في الحر لترقب مجيء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونراه في إقبالهم عليه عند قدومه، وفي ومحاولاتهم استضافته فى بيوتهم، كل ذلك دليلٌ أن حب الله ورسوله، وحبهم لدينهم وكتابهم الذي جاء به قد تمكن من قلوبهم.
يعرف الجانب السياسي بأنه مجموعة من الإجراءات والآليات التنظيمية - الحضارية، والتي اتخذت من قبل القائمون على الحكم السياسي في العصر الاسلامي منذ عهد النبي، ومن تولى حكم دول الإسلام بعده؛ اعتمادًا على (القرآن والسنة وغيرها من مصادر التشريع) ، وهي بمجملها ردود فعل على فعل حمل أحداثًا عامة قامت في أزمنة متباينة استلزمت معالجة كل حالة على حدة، مع الاستئناس بآليات خاصة في الحوادث المشتركة، وقد مثلت في مجموعها الفقه الحضاري في الجانب السياسي والعسكري، ومنهجًا لمن جاء بعد هذه الفترة، ودليلًا للحكم الإسلامي الذي وضع بصماته العميقة في تاريخ الإنسانية. لقد أسس النبي محمد صلى الله عليه وسلم دولته في المدينة المنورة، وقد أخذت هذه الدولة الفتية مادتها من العمق التشريعي الإسلامي مع الاستئناس بمورث العرف السليم المتداول قبل الإسلام؛ (كالشورى وتكوين المجالس الاستشارية في الازمات والملمات، واختيار الكفء في المناصب السياسية والعسكرية وغيرها) ؛ إذ إن تجذُّرَ القبيلة في نفوس المسلمين واحتوائها على عناصر إيجابية ممكن الإفادة منها في إدارة الدولة صعَّب من إلغاء وجودها.
وهذه المعاني كلها كان الأنصار يعرفونها جيدًا قبل أن يدخل الرسول r المدينة، وقد كانوا مع الرسول r في بيعة العقبة الثانية، وتعاهدوا معه على أمور عظيمة، فصلنا فيها سابقًا، وهي بإيجاز شديد: - عاهد الأنصارُ الرسولَ r على النفقة في العسر واليسر. - على السمع والطاعة في النشاط والكسل. - على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. - على أن يقوموا في الله لا تأخذهم في الله لومةُ لائمٍ. - على أن ينصروه إذا قدم إليهم، وأن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأبناءهم وأزواجهم. كل هذا في مقابل الجنة. ومن المستحيل أن يدفع إنسان هذه الأشياء كلها من غير أن يكون على يقين جازم أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن الجنة حق وأنه سيدخلها بهذه الأعمال التي قدمها من أجل الله U. النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة. فكان هذا الفرح من الأنصار يعبر عن طبيعة الأنصار التي سنراها بعد ذلك في كل مراحل المدينة المنوّرة، وفي كل الفترات سواء في داخل المدينة أو في خارج المدينة، في كل الأحداث، عطاء مستمر متواصل. سبحان الله! يعجب له الإنسان، لا يفقهه إلا بعلمه أن الأنصار مؤمنون إيمانًا يقينيًّا بالله U وبرسوله الكريم r ؛ لذلك يقول رسول الله r في حق الأنصار كلمات جميلة ورائعة، تكتب بمداد الذهب وأغلى من الذهب، يقول r: " آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ " [1].
تفسير قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا اجتهد المفسرون في تفسير آي القرآن الكريم، في كل زمان، فمعاني القرآن لا تنفد، وترك العلماء والمفسرون ميراثًا عظيمًا من علوم القرآن تساعد كل من يرد أن ينهل من علومه، وفي هذه المقالة نقدم لكم تفسير الآية (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) من تفاسير أشهر علماء التفسير. تفسير القرطبي قوله تعالى (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون). قوله تعالى قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا قيل: في اللوح المحفوظ. وقيل: ما أخبرنا به في كتابه من أنا إما أن نظفر فيكون الظفر حسنى لنا، وإما أن نُقتل فتكون الشهادة أعظم حسنى لنا. والمعنى كل شيء بقضاء وقدر. وقد تقدم في (الأعراف) أن العلم والقدر والكتاب سواء. تفسير الطبري القول في تأويل قوله: قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره مؤدِّبًا نبيّه محمدًا صلى الله عليه وسلم: (قل)، يا محمد، لهؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عنك: (لن يصيبنا)، أيها المرتابون في دينهم (إلا ما كتب الله لنا)، في اللوح المحفوظ، وقضاه علينا (هو مولانا)، يقول: هو ناصرنا على أعدائه (وعلى الله فليتوكل المؤمنون)، يقول: وعلى الله فليتوكل المؤمنون, فإنهم إن يتوكلوا عليه، ولم يرجُوا النصر من عند غيره، ولم يخافوا شيئًا غيره, يكفهم أمورهم، وينصرهم على من بغاهم وكادهم.
قل لن يصيبنا إلى ما كتب الله لنا
قال تعالى { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} سورة التوبة آية 51 نزلت هذه الآية الكريمة في سورة التوبة، وهي سورة مدنية نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند رجوعه إلى المدينة من غزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة، حيث خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لملاقاة الروم، وكان الجو وقتها شديد الحرارة، والسفر بعيد، ونضجت الثمار وطابت، وأخلد الناس إلى نعيم الحياة، فكانت ابتلاء لإيمان المؤمنين، وامتحانًا لصدقهم وإخلاصهم لدين الله، وتمييزاً بينهم وبين المنافقين الذين قعدوا وأخلدوا إلى الأرض. اقرأ أيضًا.. أفضل سلاسل شرح علوم القرآن الكريم الشاملة. سبب نزول قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا أوضحت السورة الكريمة -سورة التوبة- حال المشركين وكيف كانوا ينقضون عهدهم مع المسلمين، ويستغلون أي فرصة للهجوم على المسلمين، وبينت حال المنافقين المثبطين، الذين قعدوا عن نصرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك وكرهوا الخروج لنصرة الإسلام، وتجهّز جيش المسلمين وقد سُمي بجيش العسرة، وتخلّف المنافقين عنه، فأنزل الله فيهم آيات تُتلى إلى يوم القيامة، كشف فيها ما يخفونه في أنفسهم، فهم لا يحبون أن ينصر الله المسلمين على عدوهم، ويفرحون إذا هُزم المسلمون.
قل لن يصيبنا الا ماكتب
تفسيرابن عاشور:
قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَتلقين جواب لقولهم: { قد أخذنا أمرنا من قبل} [ التوبة: 50] المنبىء عن فرحهم بما ينال المسلمين من مصيبة بإثبات عدم اكتراث المسلمين بالمصيبة وانتفاء حزنهم عليها لأنهم يعلمون أن ما أصابهم ما كان إلاّ بتقدير الله لمصلحة المسلمين في ذلك ، فهو نفع محض كما تدلّ عليه تعدية فعل { كتب} باللام المؤذنة بأنّه كتب ذلك لنفعهم وموقع هذا الجواب هو أن العدوّ يفرح بمصاب عدوّه لأنّه ينكد عدوّه ويُحزنه ، فإذا علموا أنّ النبي لا يحزَن لما أصابه زال فرحهم. وفيه تعليم للمسلمين التخلق بهذا الخلق: وهو أن لا يحزنوا لما يصيبهم لئلا يهنو وتذهب قوتهم ، كما قال تعالى: { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله} [ آل عمران: 139 ، 140]. وأن يرضوا بما قدر الله لهم ويرجوا رضى ربّهم لأنهم واثقون بأنّ الله يريد نصر دينه. وجملة { هو مولانا} في موضع الحال من اسم الجلالة ، أو معترضة أي لا يصيبنا إلا ما قدره الله لنا ، ولنا الرجاء بأنّه لا يكتب لنا إلا ما فيه خيرنا العَاجل أو الآجل ، لأن المولى لا يرضى لمولاه الخزي.
اية قل لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا
اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا
سبب نزول آية (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كتب الله لنا)
ليس هناكَ سببٌ مخصوصٌ لنزولِ هذه الآية الكريمة، لكنَّها قد نزلت مع ما سبقها من الآياتِ في معرضِ الحديثِ عن موقفِ المنافقينَ الَّذينَ تخلفوا عن غزوةِ تبوكَ، حيث إنَّهم كانوا ينقلون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- أخباراً سيئة، فساءَ كلامهم رسول الله وأصحابه الكرام. [١] وبعد ذلك أنزلَ الله -عزَّ وجلَّ- قوله: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ، [٢] وذلك إرشاداً منه لنبيَّه الكريمِ في كيفيةِ الردِّ على أعدائهِ عند شكِّهم في نصرِ الله -عزَّ وجلَّ- له وللمسلمينَ. [١]
تفسير آية ( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا ما كتب الله لنا)
يوجِّه الله -عزَّ وجلَّ- نبيَّه الكريم في هذه الآيةِ ويعلِّمه كيفية الردِّ على المنافقينَ المتخلفينَ عنه في غزوةِ تبوكَ والذينَ ينقلون عنهم أخباراً تسوؤهم؛ فيقول له: قل يا محمد لهؤلاءِ المنافقينَ أنَّه لن يُصيبكم إلا ما قد قضاه الله لكم، وما كتبَه الله عليكم في اللوحِ المحفوظِ، ثمَّ أخبرهم أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو ناصركم على أعدائكم.
لا بد للعاقل من النظر فيها بعين البصيرة، ليزداد إيمان بالله، وتعظيمًا لقضائه وقدره، وأن الأمر كله بيده سبحانه وتعالى، وأن ما شاء كان، وما لم يشاء لم يكن، وأن قدرة البشر وما يملكون من وسائل لا تقدم سببًا، ولا تؤخر أجلاً، وأن قدرة جميع الخلائق لو اجتمعوا محدودة، ووسائلهم قاصرة، لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا. عباد الله: هذه الأحداث للشرع فيها أوامر يجب أن نعمل بها، وأن نتعامل معها، وأعظم ذلك مضاعفة العمل الصالح، واجتناب الذنوب والقبائح، والتوكل الصادق على الله، والرضا بالقضاء والقدر، والحذر من الشائعات، والتثبت في الأخبار، ودوام شكر المولى في السراء والضراء واليقين بما قال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً» رواه ابن ماجه وصححه الألباني. ألا وصلوا عباد الله...