عمم البيان التام لجميع الخلق، وخصص بالهداية من يشاء، فهذا فضله وإحسانه، وما فضل الكريم بممنون وذاك عدله، وقطع الحجة للمحتج، والله أعلم حيث يجعل مواقع إحسانه. الوسيط لطنطاوي: وبعد أن ساقت السورة ما ساقت من الأحكام والآداب ومن الأدلة على وحدانية الله - تعالى - وقدرته ، أتبعت ذلك بالحديث عن طائفة المنافقين ، الذين لم ينتفعوا بآيات الله ، ولم يتأدبوا بأدب المؤمنين... فقال - تعالى -: ( لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ... ). قوله - سبحانه -: ( مُّبَيِّنَاتٍ) قرأها بعض القراء السبعة ، بفتح الياء المشددة - بصيغة اسم المفعول - فيكون المعنى: بالله لقد أنزلنا على عبدنا محمد صلى الله عليه وسلم آيات بيناها ووضحناها ، وجعلناها خالية من اللبس والغموض. وقرأها الباقون بكسر الياء المشددة - بصيغة اسم الفاعل - فيكون المعنى: لقد أنزلنا آيات مبينات للأحكام والحدود والآداب التى شرعها الله - تعالى - فعلى هذه القراءة يكون المفعول محذوفا. وقوله - تعالى -: ( والله يَهْدِي مَن يَشَآءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) أى: والله - تعالى - بفضله وإحسانه يهدى من يشاء هدايته إلى الصراط المستقيم ، الذى هو طريق الإسلام.
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة القصص - الآية 56
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) القول في تأويل قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّكَ) يا محمد ( لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) هدايته ( وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) أن يهديه من خلقه, بتوفيقه للإيمان به وبرسوله. ولو قيل: معناه: إنك لا تهدي من أحببته لقرابته منك, ولكن الله يهدي من يشاء, كان مذهبا ( وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) يقول جل ثناؤه: والله أعلم من سبق له في علمه أنه يهتدي للرشاد، ذلك الذي يهديه الله فيسدده ويوفقه. وذكر أن هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل امتناع أبي طالب عمه من إجابته, إذ دعاه إلى الإيمان بالله, إلى ما دعاه إليه من ذلك. * ذكر الرواية بذلك: حدثنا أبو كُرَيب والحسين بن عليّ الصُّدائي, قالا ثنا الوليد بن القاسم, عن يزيد بن كيسان, عن أبي حازم, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه عند الموت: " قُلْ لا إِلَهَ إِلا الله أَشْهَد لَكَ بِها يَوْمَ القِيامَةِ" قال: لولا أن تعيرني قريش لأقررت عينك, فأنـزل الله: ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)... الآية.
{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين}
قال ابن القيم -رحمه الله-: وقد اتفقت رسل الله من أولهم إلى آخرهم وكتبه المنزلة عليهم على أنه سبحانه يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وأنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأن الهدى والإضلال بيده لا بيد العبد، وأن العبد هو الضال أو المهتدي؛ فالهداية والإضلال فعله سبحانه وقدره، والاهتداء والضلال فعل العبد وكسبه. انتهى.
تفسير الآية: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) يقول تعالى لرسوله ، صلوات الله وسلامه عليه: إنك يا محمد ( إنك لا تهدي من أحببت) أي: ليس إليك ذلك ، إنما عليك البلاغ ، والله يهدي من يشاء ، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة ، كما قال تعالى: ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء) [ البقرة: 272] ، وقال: ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) [ يوسف: 103]. وهذه الآية أخص من هذا كله; فإنه قال: ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) أي: هو أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية ، وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد كان يحوطه وينصره ، ويقوم في صفه ويحبه حبا [ شديدا] طبعيا لا شرعيا ، فلما حضرته الوفاة وحان أجله ، دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الإيمان والدخول في الإسلام ، فسبق القدر فيه ، واختطف من يده ، فاستمر على ما كان عليه من الكفر ، ولله الحكمة التامة. قال الزهري: حدثني سعيد بن المسيب ، عن أبيه - وهو المسيب بن حزن المخزومي ، رضي الله عنه - قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد عنده أبا جهل بن هشام ، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا يحيى بن سعيد, عن يزيد بن كيسان, قال: ثني أبو حازم الأشجعي, عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه: " قُلْ لا إِله إلا اللهُ" ثم ذكر مثله. حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا أبو أسامة, عن يزيد بن كيسان سمع أبا حازم الأشجعي, يذكر عن أبي هريرة قال: لما حضرتْ وفاة أبي طالب, أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " يا عَمَّاهُ، قُلْ لا إلَهَ إلا الله " فذكر مثله, إلا أنه قال: لولا أن تعيرني قريش, يقولون: ما حمله عليه إلا جزع الموت. حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا محمد بن عبيد, عن يزيد بن كيسان, عن أبي حازم, عن أبي هريرة, قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم, فذكر نحو حديث أبي كُرَيب الصُّدائي.
يقول الإنجيل على لسان المسيح: "أيّ إنسان منكم له مئةُ خروفٍ، وأضاع واحداً منها، ألا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب لأجل الضالّ حتى يجده؟ وإذا وجده يضعه على منكبيه فرحاً ويعود به إلى بيته ويدعو الأصدقاء والجيران قائلاً لهم، إفرحوا معي لأني وجدت خروفي الضالّ. أقول لكم إنه هكذا يكون فرحٌ في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارّاً لا يحتاجون إلى توبة. " (8) كذلك يقول الإنجيل: "[الله] الذي يريد أنّ جميع الناس يَخلُصون وإلى معرفة الحق يُقبلون. " (9) ============ السبب وراء هذه النظرة المختلفة إلى الهدى بين الايديوليجيتين، الإسلام والمسيحية، يرجع إلى الفارق العظيم في مفهوم فكرة الله عموماً وعلاقة الإنسان معه خاصةً. ففي الإسلام، الله هو قائد جيش، مقاتلٌ مكّار، يسخّره محمد لخدمة أهدافه وطموحاته؛ وعلاقته مع خلائقه هي علاقة سيد مستبدّ مع عبيده لا تفارق يده العصا. بينما هو في المسيحية خالقٌ محب لخلائقه محبةً عظيمة إلى درجة أنه يبعث بروح منه ليتجسد ويعيش بينهم وليعيد من ضلّ منهم إلى ذراعيه، وعلاقته معهم علاقة أبٍ مع أبنائه. هذه العلاقة بالذات، يصعب على المسلمين فهمها لسبب وجيه، وهو أن الإسلام دين مبني على المادة في هذه الحياة وفي الحياة الموعودة، وأيّ حديث خارجٍ عن نطاق المادة يشكل معضلةً لعقل المسلم.
20-08-2011, 03:27 AM
تاريخ الانضمام: Jul 2011
السُّكنى في: باكستان
التخصص: الفقه وأصوله والحديث الشريف
النوع: ذكر
المشاركات: 41
ما وجه قول السيوطي في تفسير: ( لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) ؟
قال السيوطي في تفسير الآية... الذين يأكلون الربا اي يأخذونه وهو الزيادة في المعاملة بالنقود والمطعومات في القدر أو الأجل لا يقومون من قبورهم إلا قياما كما يقوم الذي يتخبطه يصرعه الشيطان من المس الجنون متعلق بيقومون. ما وجه قوله (متعلق بيقومون)؟ هل يعني به (من)؟ أليس هو متعلقا بـ(يتخبطه)؟
20-08-2011, 04:21 AM
حفيظ
تاريخ الانضمام: Oct 2009
التخصص: طلب العلم
المشاركات: 2, 148
مرحبًا بك أخي الحبيب بين إخوانك. اقتباس:
قال السمين الحلبيّ في الدر المصون: (قوله: (مِنَ الْمَسِّ) فيه ثلاثةُ أوجه، أحدُها: أنه متعلقٌ بيتخبَّطه من جهةِ الجنونِ، فيكونُ في موضعِ نصبٍ قاله أبو البقاء. والثاني: أنه يتعلَّقُ بقوله: "يقومُ" أي: لا يقومون من المسِّ الذي بهم إلا كما يقوم المصروع. الثالث: أنه يتعلَّقُ بقولِه: "يقومُ" أي: كما يقومُ المصروع من جنونِه. ذكر هذين الوجهين الأخيرين الزمخشري. قال الشيخ -يعني أبا حيان-: "وكان قَدَّم في شرحِ المَسِّ أنه الجنونُ، وهذا الذي ذهب إليه في تعلقِ "من المس" بقوله "لا يقومون" ضعيفٌ لوجهين، أحدُهما: أنه قد شَرَحَ المسَّ بالجنون، وكان قد شَرَحَ أنَّ قيامَهم لا يكون إلا في الآخرة وهناك ليس بهم جنونٌ ولا مَسٌّ، ويَبْعُدُ أن يَكْني بالمسِّ الذي هو الجنونُ عن أكلِ الربا في الدنيا، فيكونُ المعنى: لا يقومون يومَ القيامة أو من قبورهم من أجلِ أكلِ الرِّبا إلا كما يقومُ الذي يتخبَّطُهُ الشيطان، إذ لو أُريد هذا المعنى لكان التصريحُ به أَوْلَى من الكنايةِ عنه بلفظِ المَسِّ، إذ التصريحُ به أَبْلَغُ في الزجرِ والردعِ.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة البقرة - القول في تأويل قوله تعالى " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس "- الجزء رقم6
[ ص: 7] القول في تأويل قوله تعالى ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس)
قال أبو جعفر: يعني بذلك - جل ثناؤه -: الذين يربون. و " الإرباء " الزيادة على الشيء ، يقال منه: " أربى فلان على فلان " إذا زاد عليه " يربي إرباء " والزيادة هي " الربا " " وربا الشيء " إذا زاد على ما كان عليه فعظم " فهو يربو ربوا ". وإنما قيل للرابية [ رابية] ؛ لزيادتها في العظم والإشراف على ما استوى من الأرض مما حولها من قولهم: " ربا يربو ". ومن ذلك قيل: " فلان في رباوة قومه " يراد أنه في رفعة وشرف منهم. فأصل " الربا " الإنافة والزيادة ، ثم يقال: " أربى فلان " أي أناف [ ماله حين] صيره زائدا. وإنما قيل للمربي: " مرب " ؛ لتضعيفه المال الذي كان له على غريمه حالا أو لزيادته عليه فيه لسبب الأجل الذي يؤخره إليه فيزيده إلى أجله الذي كان له قبل حل دينه عليه. ولذلك قال - جل ثناؤه -: ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة). [ آل عمران: 131]. [ ص: 8]
وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل:
ذكر من قال ذلك:
6235 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال في الربا الذي نهى الله عنه: كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني ؟ فيؤخر عنه.
بعد مسلسلات الجن.. أزهري: قوة الإيمان بالله تقهر أي جن.. و99 | مصراوى
الثالث: لو كان الشيطان يقدر على أن يصرع ويقتل لصح أن يفعل مثل معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وذلك يجر إلى الطعن في النبوة. الرابع: أن الشيطان لو قدر على ذلك فلم لا يصرع جميع المؤمنين ولم لا يخبطهم مع شدة عداوته لأهل الإيمان ، ولم لا يغصب أموالهم ، ويفسد أحوالهم ، ويفشي أسرارهم ، ويزيل عقولهم ؟ وكل ذلك ظاهر الفساد ، واحتج القائلون بأن الشيطان يقدر على هذه الأشياء بوجهين: الأول:
ما روي أن الشياطين في زمان سليمان بن داود عليهما السلام كانوا يعملون الأعمال الشاقة على ما حكى الله عنهم أنهم كانوا يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجوابي وقدور راسيات. والجواب عنه: أنه تعالى كلفهم في زمن سليمان فعند ذلك قدروا على هذه الأفعال وكان ذلك من المعجزات لسليمان عليه السلام. والثاني: أن هذه الآية وهي قوله: ( يتخبطه الشيطان) صريح في أن يتخبطه الشيطان بسبب مسه.
مس الجن بين علماء يعتبرونه حقيقة وآخرون يصنفونه خرافة - صحيفة الاتحاد
والوجه الثاني: أنَّ ما بَعد. "إلاَّ" لا يتعلَّقُ بما قبلها إلا إنْ كان في حَيِّز الاستثناء، وهذا ليسَ في حَيَّز الاستثناء، ولذلك منعوا أَنْ يتعلَّقَ "بالبيناتِ والزبرِ" بقوله: (وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً) وأنَّ التقديرَ: وما أرسلنا بالبيناتِ والزبرِ إلا رجالاً". قلت: أمَّا تضعيفُه المعنى فليس بجيدٍ، بل الكنايةُ في لسانِهم أَبْلَغُ وهذا مِمَّا لا يُخْتَلَفُ فيه. وأمَّا الوجهُ الثاني، فإنه يُغتْفرُ في الجارِّ والظرفِ ما لا يُغْتَفَرُ في غيرِه، وشواهدُهُ كثيرةٌ. والمَسُّ عُبِّر به عن الجنونِ في لسانهم، قالوا: مُسَّ فهو مَمْسُوس، مثل: جُنَّ فهو مَجْنون، وأنشد أبو بكر:
أُعَلِّلُ نفسي بما لا يكونُ كذي المَسِّ جُنَّ ولم يُخْنَقِ
وأصلُه أنَّهم يقولون: إنَّ الشيطانَ يَمَسُّ الإِنسانَ بيدِه ويرْكضُه برجلِه، ويُعَبَّرُ بالجنونِ عن النشاطِ والسرعةِ وخفةِ الحركةِ، لذلك قال الأعشى يصف ناقته:
وتُصبحُ عن غِبِّ السُّرى وكأنما أَلَمَّ بها مِن طائفِ الجنِّ أَوْلَقُ
وقال آخر:
بخيلٍ عليها جِنَّةٌ عبقريةٌ) اهـ
20-08-2011, 12:47 PM
شكرا جزيلا أخي الزاهر بمساهماته.
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة البقرة - قوله تعالى الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك- الجزء رقم7
ويؤكد أن الصرع مرض طبيعي حتى أنه في عصر النبي عليه الصلاة والسلام كانت امرأة تصرع فأتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت له يا رسول الله إني أصرع أدعو الله أن يزيل عني هذا الصرع يعني بمعجزة إلهية قال لها: أو تصبري وتدخلي الجنة؟ قالت أصبر وأدخل الجنة ولكني أتكشف عندما تصيبني حالة الصرع أحيانا.. فأدعو الله لي أن لا أتكشف فدعا لها الله، ولو كان الصرع هذا بسبب جني داخل هذه المرأة، ويؤذيها ويعذبها ماكان الرسول يترك هذا الجني يعذب هذه المرأة ويتحكم فيها ولا يتخذ موقفا منه. حلول الجن
بينما يقر الدكتور منصور مندور من علماء الأزهر الشريف بإمكانية حلول الجن في جسد الإنسان، مؤكدا أن مس الجن للإنسان ليس خرافة، ولكنه أمر ثابت بالعديد من الأدلة الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، حيث يستطيع الجن أن يدخل جسد الإنسان ويلحق به بعض الأضرار التي تظهر في صورة الصرع والاضطرابات والتشنجات وغيرها من الاعراض المقرونة بالمس الجني. ويشير إلى أن مس الجن للإنسان يعد حالة مرضية لها علاج في القرآن الكريم والسنة النبوية، مؤكدا أن الرقية الشرعية هي العلاج المشروع والفعال لحالة المس الجني، كما أنها علاج للكثير من الحالات الاخرى، مثل حالات السحر والحسد.
وقال البعض إن سبب الصرع مس الشيطان كما هو ظاهر التشبيه. وقد ثبت عند أطباء هذا العصر أن الصرع من الأمراض العصبية التي تعالج كأمثالها بالعقاقير وغيرها من طرق العلاج الحديثة، وقد يعالج بعضها بالأوهام. أما حديث أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فإن القصة التي ورد فيها تشرح المراد منه. قالت صفية زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان رسول الله معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت إلى بيتي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يمشي معي مودعا (وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد) فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي أسرعا فقال لهما: على رسلكما (أي تمهلا) إنها صفية بنت حيي. قالا: سبحان الله يا رسول الله قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا أو قال شرا. وظاهر من الحديث كما يوضح الشيخ الغزالي أن الرسول يريد منع الوسوسة التي قد يلقيها الشيطان عندما يرى مثل هذا المنظر، ومع أن الصاحبين أنكرا واستعظما أن يجري في نفسيهما شيء من ظنون السوء بالنسبة للمعصوم عليه الصلاة والسلام، فإن النبي أراد منع هذه الوسوسة، ومن هنا فلا صلة للحديث باحتلال الشيطان لجسم الإنسان. فاسق لا تقبل شهادته يقول د.