وحسب رزق، كان الخاتم من أهم رموز الخلافة الأموية في الأندلس، وكان يحمل في نقشه اسم العاهل أو الأمير مصحوباً بعبارة يختارها من اثنتين، هما: "بقضاء الله راضٍ"، و"بالله يثق وبه يعتصم"، وكانت العبارة المختارة منهما تُنقش بعد ذلك على رايات الجيش. وقيل إن خاتم كل من أمراء الدولة الأموية في الأندلس عبد الرحمن الداخل، وعبد الرحمن الأوسط، والمنذر بن محمد، وعبد الرحمن الناصر، والحكم المستنصر، كان يحمل عبارة "بقضاء الله راضٍ"، أما خواتم هشام الرضا ومحمد بن عبد الرحمن فكانت تحمل عبارة "بالله يثق وبه يعتصم"، كما يذكر رزق. في العصر العباسي، دارت نقوش الخلفاء العباسيين حول أكثر من معنى، منها حسن الثقة بالله. تحميل كتاب النبراس في تاريخ خلفاء بني العباس PDF - مكتبة نور. يذكر محمد محمود أحمد الدروبي في كتابه "نقوش خواتم الخلفاء العباسيين"، أنه غالباً ما اجتمع معنيا الثقة والإيمان في نقوش الخلفاء العباسيين الأوائل، اقتداءً بنقش الخليفة العباسي الأول أبي العباس السفاح (104-136هـ)، الذي نقش على خاتمه "الله ثقة عبد الله، وبه يؤمن"، مؤسساً بذلك نمطاً احتذاه عدد من الخلفاء في ما نقشوه على خواتمهم، مع إجراء التغيير المناسب المتعلق باستبدال اسم الخليفة صاحب النقش. تجلى ذلك بوضوح في نقش الخليفة العباسي الثاني عبد الله الثاني بن محمد المنصور، وصورته "الله ثقة عبد الله وبه يؤمن"، ونقش محمد بن عبد الله المهدي وصورته "الله ثقة محمد، وبه يؤمن"، ونقش أبي محمد موسى الهادي وصورته "الله ثقة موسى، وبه يؤمن"، ونقش عبد الله المأمون وصورته "الله ثقة عبد الله، وبه يؤمن".
تحميل كتاب النبراس في تاريخ خلفاء بني العباس Pdf - مكتبة نور
وجعلنا أهله وكهفه وحصنه والقوام به الذابين عنه، ثم ذكر قرابتهم في آيات القرآن، إلى أن قال: فلما قبض الله نبيه قام بالأمر أصحابه إلى أن وثب بنو حرب ومروان فجاروا واستأثروا فأملى الله لهم حينًا حتى آسفوه، فانتقم منهم بأيدينا، ورد علينا حقنا ليمن بنا على الذين استضعفوا في الأرض، وختم بنا كما افتتح بنا، وما توفيقنا أهل البيت إلا بالله، يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا، ومنزل مودتنا، لم تفتروا عن ذلك، ولم يثنكم عنه تحامل أهل الجور، فأنتم أسعد الناس بنا، وأكرمهم علينا، وقد زدت في أعطياتكم مائة مائة؛ فاستعدوا فأنا السفاح المبيح، والثائر المبير. وكان عيسى بن علي إذا ذكر خروجهم من الحميمة يريدون الكوفة يقول: إن أربعة عشر رجلًا خرجوا من دارهم يطلبون ما طلبنا لعظيمة هممهم، شديدة قلوبهم، ولما بلغ مروان مبايعة السفاح خرج لقتاله فانكسر كما تقدم، ثم قتل، وقتل في مبايعة السفاح من بني أمية وجندهم ما لا يحصى من الخلائق، وتوطدت له الممالك إلى أقصى المغرب. خلفاء بني العباس. قال الذهبي: بدولته تفرقت الجماعة، وخرج عن الطاعة ما بين تاهرت وطبنة إلى بلاد السودان، وجميع مملكة الأندلس ، وخرج بهذه البلاد من تغلب عليها واستمر ذلك. مات السفاح بالجدري في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، وكان قد عهد إلى أخيه أبي جعفر، كان في سنة أربع وثلاثين قد انتقل إلى الأنبار، وصيرها دار الخلافة.
وجرت نقوش كثيرة للخلفاء العباسيين مجرىً يقوم على وعظ النفس وتخويفها بالله، ودعوتها إلى تقواه، وتحذيرها من سوء العاقبة، ويقوم هذا المنحى على مخاطبة الذات، فنرى المنصور يخاطب في نقش أحد خواتمه نفسه، قائلاً: "اتّقِ الله، فإنك تُردُ فتعلم". ونرى هارون الرشيد (149-193هـ)، يقارب هذا المعنى داعياً نفسه إلى الحذر من الله وعدم التراخي، كما في نقشه "كن مع الله على حذر"، ونظيره نقش الخليفة محمد المقتفي لأمر الله (489-555هـ)، وجاء عليه: "كن مع الله على حذر تسلم". والمهتدي يخوّف نفسه ويرهبها بـ"يا محمد، خف الله". وفي بعض الأحيان، كان قِوام الوعظ بذكر حقيقة الموت، كما على نقش الخليفة المأمون: "الموت حق". نقوش كثيرة للخلفاء العباسيين تلبّست جانباً من الحكمة، على أن هذا المنحى لم يظهر في نقوشهم إلا بعد القرن الثالث، أي في العصر العباسي الثاني، كما في نقش المنتصر بالله "يؤتى الحذر من مأمنه"، وهو مثل عربي يدعو المرء إلى وجوب الحذر وإعمال اليقظة، لا سيما في المَواطن التي يعدّها المرء آمنةً، فيظهر التهاون بشأنها، فيؤخذ على حين غرّة. ومن النقوش العباسية التي تحمل حكمةً، نقش الخليفة أحمد المستعين بالله (220-252هـ): "في الاعتبار غنى عن الاختبار"، ومعناه أن يعتبر المرء من تجربة غيره أفضل له من أن يخوض غمار تلك التجربة بنفسه، أي أن يستفيد من أخطاء الآخرين ويتجنبها، وهذا المعنى يلتئم مع معنى نقش المعتمد: "السعيد من وُعظ بغيره"، وهي حكمة عربية.