لا «تلوموني» في هواها! تعقيباً على ما نشر في «الجزيرة» من مواضيع عن اللغة العربية اقول فإنه لمن الاهمية بمكان ان يتمكن الناس من لغتهم، كتابةً، وقراءةً، ومحادثةً، وخطابةً، وتعلماً وتعليماً، ورصداً للفكر والمعلومات، وللعلوم كافة، وان يجد الناس جميعاً الفرصة متاحة لهم لتحقيق ذلك على اختلاف ظروفهم، واحوالهم، وتطلعاتهم، فمن الناس من يكتفي بما يتعلمه من لغة في دراسته المعتادة، ومن الناس من لا يكتفي بها، لسبب او آخر، اما لأن عمله يتطلب منه قدرة خاصة في اللغة، او يريد المزيد من لغته العربية ليتفوق في دراسته، وابحاثه، او غير ذلك، فإذا لم تكفه حصيلته اللغوية في الدراسة المنهجية المعتادة، فيجب ان يجد ما يحقق بها غرضه او طموحه. لا تَلُوموني في هواها » صحيفة الرأي الإلكترونية. ومن المعلوم ان اللغة العربية بحر لا ساحل له، وكلما ازداد المرء منها، اتسع فكره، انصقل عقله، علت همته، وارتفعت قدراته. ولا يحيط احد باللغة العربية مهما بذل في سبيل ذلك، ومهما اوتي من الامكانيات والقدرات، فهي ذات ابعاد واعماق تصعب الاحاطة بها. وقد ادى عدم استعمال اللغة العربية في المحادثات العامة، والخاصة الى جهل الناس لكثير من مفرداتها، ومعانيها الدقيقة، واستعمالاتها الصحيحة.
- لا تَلُوموني في هواها » صحيفة الرأي الإلكترونية
- طلال مداح ــ لاتلوموني في هواها ــ موال لا وعينيك وأعظم بالقسم - YouTube
- “لا تلوموني في هواها” – عسير
لا تَلُوموني في هواها » صحيفة الرأي الإلكترونية
**حقوق النشر محفوظة لمجلة القافلة، أرامكو السعودية
طلال مداح ــ لاتلوموني في هواها ــ موال لا وعينيك وأعظم بالقسم - Youtube
ونال أيضاً التكريمات المتتالية داخل وطنه المملكة العربيـة السعودية، كيف لا وهو من تغنى بـ "وطني الحبيب وهل أحب سواه"، وكذلك تكريمات من خارج بلاده، والتكريم الأكبر والرصيد الأهم، كما كان يردّد، هو رصيده في قلوب الجماهير والعشــق حدّ الشغـف الذي حظي به طوال مسيرته، وقد لوّن حياة عشّاقه بأكثر من 70 ألبوماً غنائيّاً. شفت أبها ولأن أول أغنية غناها واُشتهر بها "وردك يا زارع الورد"، تتغنى بالطبيعة، فإن أغنية "شفت أبها"، سارت على المنوال نفسه، كما أنها من أوائل القصائد الغنائية الحديثة في حب أبها. طلال مداح ــ لاتلوموني في هواها ــ موال لا وعينيك وأعظم بالقسم - YouTube. كلنا نريد أن تبقى "إيفا" كما عرفت في النصوص القديمة، مدينةَ الحسن والضباب والخضرة والبساط الأخضر. فهكذا رآها الشاعر المصري أحمد رجب، الذي سَحَرَهُ الاسمُ المرتبط بالصفات، الاسم الدال على جوهرها والنابع من حقيقتها، أي أبها وعلاقة كل حرف من حروف اسمها بالبهاء.
“لا تلوموني في هواها” – عسير
شفت فيها قلوب صريعة مطربنا الراحل، صاحبُ القلب الطيب الذي توقّف في أبها، هل يمكن أن نقول إن أبها اختارته بالقرب منها في آخر عهده بالأرض والغناء، أكلُّ هذا ليحملَ مسرحُها الكبير اسمه بكل الوفاء لتاريخه ولو بعد حين؟. نعم، إنه طلال الذي عانى من متاعبَ القلب في سنواته الأخيرة، لكنه لم يعمل بنصائح الأطباء، وإنّما أصغى فقط لنداءات المحبين، واستمع لدعوات القلوب التي تنتظره، فكان قلبُه الوديع أحدَ القلوب الصريعة في هوى أبها. هي لحظة السقوط إلى أعلى، كما وسمها أحدُ الكُتَّاب، السقوط محتضناً العود مدوّناً السطر الأخير من الحكاية الخالدة التي اسمها طلال مداح، الحكاية التي كُتبت ونبتَتْ في أبها، سقط ليعلو أكثر وأكثر، واقترب بخده الوفيّ ليسمع صوتَ الأرض من خشبة مسرح المفتاحة، فإذا بها تقول له: الموت حبّاً خيرُ ختام. “لا تلوموني في هواها” – عسير. طلال وأبها حكاية تعجز الكلمات عن الإحاطة بها كاملة، فخيرُ ما يوجز هذه الحكاية، ويعطيها المعنى الذي تستحقه أن نقول: ليته عاش بيننا أكثر، ليقول:"عشت أبها" وحينها، سيعـرف مزيداً من هـوى وعشق أبها التي أحبّها فأحبته، وزادت التكريم الأبهى وفاءً لسيرته ومسيرته، فحفرت إلى الأبد اسمه على "مفتاحة" الطرب ومعقِل الفن.
بعد عدة سنوات وتحديدا 1998، عدت مجددا إلى أبها بدعوة من لجنة عسير للتنشيط السياحي، وكانت عسير كلها تغني وتتراقص طربا، على عبقرية صوت طلال مداح و"شفت أبها"، وعذوبة محمد عبده صادحا "مثل صبيا في الغواني ما تشوف"، عسير تلك أعادت لمسرح الأغنية والفن في السعودية توهجه وعظمته، فكانت أبها مقصد العشاق والمحبين. أتذكر أحدهم على البوابة يصرخ بأعلى صوته "أقسم بالله إني جاي من الكويت علشان طلال مداح ومحمد عبده وأبها"، كدت أن أتخلى له عن تذكرتي لولا أنه حصل على تذكرة من أحد المنظمين. عام 1998 ميلادية كان عاما مشهودا في عسير، دشن لقرابة عقد كامل من البهاء العسيري. قبل أيام كررت أبها نجاحات عسير كعادتها، وهذه المرة على مستوى الوطن العربي، باستضافتها مؤتمرا عربيا تحت مظلة نادي أبها الأدبي العريق عن "الهوية والأدب"، الذي تُحسب له ولإدارته هذه الفعالية النوعية، وقد افتتحه الأمير فيصل بن خالد. أبناء وبنات أبها كرروا التميز، تنظيما وترتيبا وإقناعا بقدرات إنسانها وعبقريته، ووقّعت المرأة العسيرية الشاهقة وثيقة الإبداع التاريخية، لأن النجاح في عسير عادة، نعم النجاح في عسير عادة. أبها تستضيف "ملتقى الهُوية والأدب"، وكأنها تستشعر الحاجة إلى إعادة اكتشاف منابع تشكيل هُويتنا فكريا وحضاريا، وتستعيد تفاصيل مكوناتها ضمن سياقات تاريخية وأدبية ومثيولوجية أيضا، الزمان والمكان والثقافة، وتفتح بشجاعة الباب واسعا على مصراعيه لما كان يعتبر محل ريبة، فموضوع الهُوية شائك بقدر أزمتنا معها، والفجوة الفكرية العميقة على صعيد فهمنا لماهية وكيفية بناء المنجز الحضاري، وتحقيق الوعي القانوني والحقوقي الإنساني، الذي ما زلنا متأخرين على مستوى التماهي معه.