إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53) وقوله: ( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون) ، كقوله: ( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة) [ النازعات: 13 ، 14]. وقال تعالى: ( وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب) [ النحل: 77] ، وقال: ( يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا) [ الإسراء: 52]. أي: إنما نأمرهم أمرا واحدا ، فإذا الجميع محضرون ،
تفسير سورة النازعات الآية 14 تفسير ابن كثير - القران للجميع
فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة. الفاء فصيحة للتفريع على ما يفيده قولهم أئنا لمردودون في الحافرة إذا كنا عظاما نخرة من إحالتهم الحياة بعد البلى والفناء. فتقدير الكلام: فلا عجب في ذلك فما هي إلا زجرة واحدة فإذا أنتم حاضرون في الحشر. وضمير ( هي) ضمير القصة وهو ضمير الشأن ، واختير الضمير المؤنث ليحسن عوده إلى ( زجرة) ، وهذا من أحسن استعمالات ضمير الشأن. والقصر حقيقي مراد منه تأكيد الخبر بتنزيل السامع منزلة من يعتقد أن زجرة واحدة غير كافية في إحيائهم. وفاء فإذا هم بالساهرة للتفريع على جملة إنما هي زجرة واحدة ، و ( إذا) للمفاجأة ، أي: الحصول دون تأخير ، فحصل تأكيد معنى التفريع الذي أفادته الفاء وذلك يفيد عدم الترتب بين الزجرة والحصول في الساهرة. والزجرة: المرة من الزجر ، وهو الكلام الذي فيه أمر أو نهي في حالة غضب. يقال: زجر البعير ، إذا صاح له لينهض أو يسير ، وعبر بها هنا عن أمر الله بتكوين أجساد الناس الأموات تصويرا لما فيه من معنى التسخير لتعجيل التكون. وفيه مناسبة لإحياء ما كان هامدا كما يبعث البعير البارك بزجرة ينهض بها سريعا خوفا من زاجره ، وقد عبر عن ذلك بالصيحة في قوله تعالى: يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج وهو الذي عبر عنه بالنفخ في الصور.
فإذا هؤلاء المكذبون بالبعث المتعجبون من إحياء الله إياهم من بعد مماتهم، تكذيبا منهم بذلك بالساهرة، يعني بظهر الأرض،
سميت بهذا الاسم لأن فيها نوم الحيوان و سهرهم، و العرب تسمي الفلاة و وجه الأرض ساهرة، بمعنى ذات سهر، لأنه يسهر فيها خوفا منها
يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (10) أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً (11) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (12) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (13) فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ (14)
النازعات