وقيل: إقبال ظلمته. قال زهير: ظلت تجود يدها وهي لاهية ** حتى إذا جنح الإظلام والغسق يقال: غسق الليل غسوقا. والغسق اسم بفتح السين. وأصل الكلمة من السيلان؛ يقال: غسقت العين إذا سالت، تغسق. وغسق الجرح غسقانا، أي سال منه ماء أصفر. وأغسق المؤذن، أي أخر المغرب إلى غسق الليل. وحكى الفراء: غسق الليل وأغسق، وظلم أظلم، ودجا وأدجى، وغبس وأغبس، وغبش وأغبش. وكان الربيع بن خثيم يقول لمؤذنه في يوم غيم: أغسق أغسق. يقول: أخر المغرب حتى يغسق الليل، وهو إظلامه. الثالثة: اختلف العلماء في آخر وقت المغرب؛ فقيل: وقتها وقت واحد لا وقت لها إلا حين تحجب الشمس، وذلك بين في إمامة جبريل؛ فإنه صلاها باليومين لوقت واحد وذلك غروب الشمس، وهو الظاهر من مذهب مالك عند أصحابه. وهو أحد قولي الشافعي في المشهور عنه أيضا وبه قال الثوري. وقال مالك في الموطأ: فإذا غاب الشفق فقد خرجت من وقت المغرب ودخل وقت العشاء. وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والحسن بن حي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود؛ لأن وقت الغروب إلى الشفق غسق كله. أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل. ولحديث أبي موسى، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالسائل المغرب في اليوم الثاني فأخر حتى كان سقوط الشفق. خرجه مسلم.
ما هو قرآن الفجر المقصود في قوله تعالى : (إن قرآن الفجر كان مشهوداً)؟ - الإسلام سؤال وجواب
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ في قَوْلِهِ: ﴿إلى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾. قالَ: العِشاءِ الآخِرَةِ. وأخْرَجَ اِبْنُ المُنْذِرِ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: غَسَقُ اللَّيْلِ اِجْتِماعُ اللَّيْلِ وظُلْمَتُهُ. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: غَسَقُ اللَّيْلِ بُدُوُّ اللَّيْلِ. وأخْرَجَ اِبْنُ الأنْبارِيِّ في "الوَقْفِ" عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ، أنَّ نافِعَ بْنَ الأزْرَقِ قالَ (p-٤١٤)لَهُ: أخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: ﴿إلى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾. قالَ: ما الغَسَقُ؟ قالَ: دُخُولُ اللَّيْلِ بِظُلْمَتِهِ، قالَ فِيهِ زُهَيْرُ بْنُ أبِي سُلْمى:
؎ظَلَّتْ تَجُوبُ يَداها وهْيَ لاهِيَةٌ حَتّى إذا جَنَحَ الإظْلامُ والغَسَقُ
وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: دُلُوكُ الشَّمْسِ حِينَ تَزِيغُ، وغَسَقُ اللَّيْلِ غُرُوبُ الشَّمْسِ. ما هو قرآن الفجر المقصود في قوله تعالى : (إن قرآن الفجر كان مشهوداً)؟ - الإسلام سؤال وجواب. وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: دُلُوكُ الشَّمْسِ [٢٦٣و] إذا زالَتِ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّماءِ، وغَسَقُ اللَّيْلِ غُرُوبُ الشَّمْسِ. * * *
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقُرْآنَ الفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا﴾
أخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وقُرْآنَ الفَجْرِ﴾.
أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر - الآية 78 سورة الإسراء
(p-٤١٦)وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، والطَّبَرانِيُّ، عَنِ اِبْنِ مَسْعُودٍ قالَ: يَتَدارَكُ الحَرَسانِ مِن مَلائِكَةِ اللَّهِ تَعالى، حارِسُ اللَّيْلِ وحارِسُ النَّهارِ عِنْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ، اِقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ، ﴿وقُرْآنَ الفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا﴾. ثُمَّ قالَ: تَنْزِلُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ ومَلائِكَةُ النَّهارِ. وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في "نَوادِرِ الأُصُولِ"، وابْنُ جَرِيرٍ، والطَّبَرانِيُّ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ أبِي الدَّرْداءِ قالَ: «قَرَأ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ﴿إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا﴾ "قالَ:"يَشْهَدُهُ اللَّهُ، ومَلائِكَةُ اللَّيْلِ، ومَلائِكَةُ النَّهارِ». وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنْ قَتادَةَ: ﴿إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا﴾. أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر - الآية 78 سورة الإسراء. قالَ: تَشْهَدُهُ مَلائِكَةُ اللَّيْلِ ومَلائِكَةُ النَّهارِ. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنِ القاسِمِ، عَنْ أبِيهِ قالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ المَسْجِدَ لِصَلاةِ الفَجْرِ، فَإذا قَوْمٌ قَدْ أسْنَدُوا ظُهُورَهم إلى القِبْلَةِ، فَقالَ: نَحُّوا عَنِ القِبْلَةِ؛ لا تَحُولُوا بَيْنَ المَلائِكَةِ وبَيْنَ صَلاتِها، فَإنَّ هاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ صَلاةُ (p-٤١٧)المَلائِكَةُ.
الباحث القرآني
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قالَ: دُلُوكُ الشَّمْسِ زَياغُها بَعْدَ نِصْفِ النَّهارِ. وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ قالَ: دُلُوكُها زَوالُها. وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾. قالَ: إذا فاءَ الفَيْءُ. الباحث القرآني. وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنِ أبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «"أتانِي جِبْرِيلُ لِدُلُوِكِ الشَّمْسِ حِينَ زالَتْ فَصَلّى بِيَ الظُّهْرَ"». (p-٤١٣)وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ عَنْ أبِي بَرْزَةَ الأسْلَمِيِّ قالَ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي الظُّهْرَ إذا زالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ تَلا: ﴿أقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء»: ٧٨]. وأخْرَجَ اِبْنُ سَعْدٍ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وابْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: كُنْتُ أقُودُ مَوْلايَ قَيْسَ بْنَ السّائِبِ فَيَقُولُ لِي: أدَلَكَتِ الشَّمْسُ؟ فَإذا قُلْتُ: نَعَمْ. صَلّى الظُّهْرَ. أخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ أنَسٍ قالَ: «كانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي الظُّهْرَ عِنْدَ دُلُوكِ الشَّمْسِ».
والله أعلم. الرابعة: قوله تعالى {وقرآن الفجر} انتصب {قرآن} من وجهين: أحدهما أن يكون معطوفا على الصلاة؛ المعنى: وأقم قرآن الفجر أي صلاة الصبح؛ قاله الفراء. وقال أهل البصرة. انتصب على الإغراء؛ أي فعليك بقرآن الفجر؛ قاله الزجاج. وعبر عنها بالقرآن خاصة دون غيرها من الصلوات؛ لأن القرآن هو أعظمها، إذ قراءتها طويلة مجهور بها حسبما هو مشهور مسطور؛ عن الزجاج أيضا. قلت: وقد استقر عمل المدينة على استحباب إطالة القراءة في الصبح قدرا لا يضر بمن خلفه - يقرأ فيها بطوال المفصل، ويليها في ذلك الظهر والجمعة - وتخفيف القراءة في المغرب وتوسطها في العصر والعشاء. وقد قيل في العصر: إنها تخفف كالمغرب. أقم الصلاة لدلوك الشمس سورة الإسراء. وأما ما ورد في صحيح مسلم وغيره من الإطالة فيما استقر فيه التقصير، أو من التقصير فيما استقرت فيه الإطالة؛ كقراءته في الفجر المعوذتين - كما رواه النسائي - وكقراءة الأعراف والمرسلات والطور في المغرب، فمتروك بالعمل. ولإنكاره على معاذ التطويل، حين أم قومه في العشاء فافتتح سورة البقرة. خرجه الصحيح. وبأمره الأئمة بالتخفيف فقال: (أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أمّ الناس فليخفف فإن فيهم الصغير والكبير والمريض والسقيم والضعيف وذا الحاجة).