فالقاعدة عامة إلا انها عند الجميع هي: أمر كلي ينطبق على جميع جزئياته، كقول النحاة: المبتدأ مرفوع، وقول الأصوليين النهي للتحريم. أ- الفقهية: نسبة إلى الفقه، والفقه لغة له معان أساسية ثلاثة؛ هي: الفهمُ، والعلم بالشيء، والفطنة والذكاء، تقول: فقه الرجل، بالكسر وفلان لا يفقه وأفقهتك الشيء ومنه قوله تعالى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44]، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرًا، يُفقهه في الدين" [10] ، كل ذلك بمعنى الفهم ثم خص به علم الشريعة، والمشتغل به فقيه [11]. تعريف القواعد الفقهية ومبدأ التحريم. وفي الاصطلاح: ((الفقه: العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية)) [12]. الثاني: تعريف القواعد الفقهية باعتباره علمًا:
فقد عرف بتعريفات كثيرة منها ما عرف به الدكتور علي الندوي بأنها: ((حكم شرعي في قضية أغلبية يتعرف منها أحكام ما دخل تحتها)) [13]. ومن هذا التعريف يتضح أن القواعد الفقهية متسمة بصفة الأغلبية لا الكلية ولذلك يقول الحموي: ((القاعدة عند الفقهاء غيرها عند النحاة والأصوليين؛ إذ هي عند الفقهاء حكم أكثري لا كلي ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها منه)) [14].
تعريف القواعد الفقهية Pdf
قال العلامة تاج الدين السبكي: (والغالب فيما اختص بباب وقصد به نظم صور متشابهة أن يسمى ضابطاً) [6]. هذا هو المقصود بالضابط الفقهي، وهو أنه قاعدة تختص بباب واحد فقط. أما الفرق بينهما، فقد قال ابن نجيم: (الفرق بين الضابط والقاعدة: أن القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى، والضابط يجمعها من باب واحد، هذا هو الأصل) [7]. وأكد ذلك السيوطي - رحمه الله - في كتابه الأشباه والنظائر حيث قال: (القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى والضابط يجمع فروع باب واحد) [8]. وحتى يتضح الأمر تماماً دعنا نضرب مثالاً للضابط الفقهي، وهو حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) [9]. القواعد الأصولية: تعريفها، الفرق بينها وبين القواعد الفقهية. فهذا الحديث يعتبر ضابطاً لطهارة الجلود في باب الآنية، لذلك يقول الإمام إبراهيم النخعي - رحمه الله -: (كل شيء منع الجلد من الفساد فهو دباغ) [10]. أما مثال القاعدة فهي قاعدة (الأمور بمقاصدها) نجد أنها تدخل في أغلب أبواب الفقه إن لم يكن جميعها..
بهذا نكون قد وقفنا على الفرق بين الضابط والقاعدة في الفقه، وهذا لا يمنع أن يكون بعض العلماء قد ساروا في كتبهم على عدم التفريق بينهما.
تعريف القواعد الفقهية ومبدأ التحريم
ومما سبق يتبين أن علم الأشباه والنظائر هو نفسه الفروق، وهما يشملان القواعد الفقهية، لأن علم الأشباه والنظائر يحوي الألغاز والحيل وفنوناً عديدة منها القواعد الفقهية..
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني ص 406. (2) التعريفات للجرجاني ص 171. (3) القواعد الفقهية لعلي أحمد الندوي. (4) غمز عيون البصائر شرح الاشباه والنظائر 1/22. (5) القواعد الفقهية لعلي أحمد الندوي ص 43. (6) القواعد الفقهية. (7) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 192. (8) أخرجه الترمذي، كتاب اللباس، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت، وقال: حديث حسن صحيح. (9) الآثار لأبي يوسف ص 232. (10) الفروق للقرافي 1/2-3. (11) انظر القواعد الفقهية ص 58- 61، للإطلاع على مزيد من هذه الفروق. (12) مصدر سابق ص 61. (13) تاج العروس 9/393. (14) مصدر سابق. (15) الأشباه والنظائر ص 17. (16) كشف اصطلاحات الفنون 4/173. (17) غمز عيون البصائر. تعريف القواعد الفقهية pdf. (18) سنن الدارقطني 4/206 وسنن البيهقي 10/115. (19) القواعد الفقهية ص 68. (20) الحاوي للفتاوى 2/273. (21) القواعد الفقهية. (22) الفوائد الجنية 1/87. (23) القواعد الفقهية للندوي ص 73، وعزاه إلى كتاب الفروق للجويني - شريط مصور.
مما سبق من التعريفات التي ذكرتها يتبيَّن أن أقرب المعاني للقاعدة هو المعنى الأول وهو الأساس؛ لأن الأحكام تُبنى عليه، كما يُبنى الجدار على الأساس[6]. ♦ القاعدة اصطلاحًا:
أما مفهوم القاعدة، فقد تنوعت عبارات العلماء فيها وتعددت ومن هذه التعريفات:
1- عرفها الجرجاني والإمام المناوي رحمهما الله بأنها: ((قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها))[7]. تعريف القواعد الفقهية يعقوب الباحسين. 2- وعرفها أبو البقاء الكفوي رحمه الله بأنها: ((قضية كلية من حيث اشتمالها بالقوة على أحكام جزئيات موضوعها))[8]. 3- وعرفها الفيومي رحمه الله بأنها: ((الأمر الكلي المنطبق على جميع جزئياته))[9]. ويلاحظ على هذه التعاريف بأنها تتفق في المعنى الاصطلاحي، فإنهم عبروا عنها بالقضية، والأمر الكلي وغيرها، والتعبير بالقضية أولى لتناولها جميع أركان المعرَّف على وجه الحقيقة للقاعدة، وأنها قضية كلية ينطبق حكمها على جميع أفرادها؛ بحيث لا يخرج عنها فرد، وإذا كان هناك شاذ أو نادر خارج عن نطاق القاعدة، فالشاذ أو النادر لا حكم له، ولا ينقض القاعدة، فلذلك اشتهر القول بأنه "ما من قاعدة إلا ولها شواذ"، حتى أصبح قاعدة عند الناس. كما أن هذه التعريفات عامة في جميع العلوم، فإن لكل علم قواعدَ، فهناك قواعد أصولية ونحوية وقانونية وغيرها؛ لذلك قيل: لم يكتف القرافي بتقعيد القواعد الفقهية، بل تعدَّاها إلى تقعيد القواعد الأصولية والمقاصدية، واللغوية والمنطقية، وتفعيل هذه القواعد في عملية الاجتهاد والاستنباط.