وتتنوع الأزياء الشعبية تبعاً لكلّ من المرحلة التاريخيّة والبيئة الجغرافيّة والفئات العمريّة والمكانة الاجتماعيّة. إذْ نجد أن ثوب المرأة البدوية يختلف عن ثوب الفتاة، من حيث لون التطريز. فصدر ثوب الفتاة والأكمام يكون من اللون الأحمر الزهر، وباقي تطريز الثوب من الأمام والخلف، يكون باللون الأزرق، ويطلق عليه "الأشهب". ويتم تغيير اللون الأزرق إلى اللون الأحمر، عندما تنجب المرأة، أو تقوم بإضافة اللون الأحمر على التطريز باللون الأزرق، وذلك للإعلان عن أنها أصبحت متزوجة. خريطة الملابس التراثية بمصر. اقرأ أيضاً: فيديو.. لحظات تحبس الأنفاس لهبوط طائرة من دون العجلات الأمامية
- لبس مصري !
- خريطة الملابس التراثية بمصر
لبس مصري !
أين؟
يرى الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، أننا معنيون، وقبل أن نسأل: أين الملابس المصرية المتعارف عليها؟ بالبحث والتقصي المعمقين، حول حيثية أسباب وتداعيات غياب مشهد بيوت الطين التي كانت امتدادا حيا لطمي النيل، والخضرة الممتدة.. وكذلك الترعة النقية. ويتابع: «.. وأين البط الذي يسبح فيها وأين الديك... ؟ إذا عرفنا أين ذهبت هذه الأشياء سنعلم أين ملابس الفلاحة الفضفاضة المزركشة وأين ملابس الصعيدية السوداء.. كذا الملابس البدوية المطرزة، والتي كانت مصر رائدة في صناعتها في وقت ما... ». لبس مصري !. ويتابع حجازي: «تعالوا ننظر إلى الثقافة التي قامت عليها مصر الفرعونية، وأنا لا أقول بالطبع إن الفراعنة أقاموا نظما ديمقراطية، لكني أقول، أنا وعلماء الدنيا جميعا، إنهم أقاموا حضارة شامخة انتصر فيها الخير على الشر والطمي على الرمل والوادي على الصحراء، فنتجت عنها حضارة موجودة إلى الآن. ومن ضمن حضارتهم الملابس الفرعونية القليلة التي كانت تغطي ما هو لا بد من أن يغطى. وفي الوقت ذاته، كانوا يعملون ويكتبون ويسمعون الموسيقى ويعزفونها، كل هذه ثقافات أسسوها وبنوا فوقها، لتخلد ثقافتهم، حتى بعد سبعة آلاف عام».
خريطة الملابس التراثية بمصر
كما تنتشر الملاية بالعراق ليومنا هذا وإن اختلفت التسمية بالعباءة السوداء، وكذا في بقية دول الخليج، لكن الملاحظ أن هذا اللباس تراجع كثيرا عما كان عليه سابقا. رغم أن الملاية جزء من هوية المرأة العربية وتاريخها، إلا أن نظرة الاستنقاص أو عدم التحضر لمن ترتديها تجعل منها زيا نادرا اليوم، ويكاد يندثر حتى في أعرق المناطق، وهذا من مخلفات الاستعمار الغربي الذي سعى للتأثير على العادات والقيم الجوهرية ومحاربة الحشمة والتستر، بخلق صراعات من خلال التباسات في المفاهيم ومحاولة زرع مقاييس مغايرة ومخالفة، فهل من عود إلى القيم الطيبة بما يحفظ الأخلاقيات ويساعد المجتمع على ثباته واستقامته.
لم يخطئ المتنبي حين عبر عن الوضع في مصر بالمتناقض، فكل شيء في مصر يحتمل التأويل، وكل أمر له نقيض، حتى الأزياء التي يرتديها المصريون. ففي بلدٍ صنع حضارة عظيمة منذ أكثر من 7 آلاف عام، لم يجتمع شعبها على زي واحد طوال تاريخه ليمثل تراثاً، أو زياً فلكلورياً كباقي دول العالم. إذْ لا يوجد زي فلكلوري مصري يعبر عن الهوية المصرية، كالساري الهندي، أو القفطان المغربي، أو القمباز الأردني. فعلى مدى العصور، تغيرت ملابس المصريين وحوى كل ركن من أركان مصر زياً مختلفاً عن نظيره. ففي النوبة، كان ثوب "الجرجار"، وهو عبارة عن ثوب مُحاك من قماش التل الأسود الرقيق، ومُزيَّن برسومات منمنمة بنفس اللون، أشهرها ورق العنب والهلال، والنجمة قديماً، واليوم تنوعت لتشمل القلوب والورود والعديد من الأشكال الأخرى. وفي صعيد مصر، تحديداً، في محافظتي المنيا وبني سويف، ترتدي المرأة "الملس"، وهو عبارة عن جلباب أسود فضفاض وغير مزين. الأزياء في مصر ترتبط بوجود أزياء أخرى تدخل عليها، فكانت الأزياء الفرعونية، وبعد ذلك الأزياء اليونانية مع الإسكندر الأكبر، ثم الأزياء الرومانية. وأخيراً، أزياء العصر المصري الحديث. لا يرتبط المصري بزي بعينه، كما يؤكد الباحث والمؤرخ عبد العزيز جمال الدين، قائلاً "المصريون لديهم ميزة، والبعض يعتبرها عيباً، وهي عدم الالتزام بشكل عام"، موضحاً "غير ملتزمين بملبس أو مأكل أو مشرب كأغلب شعوب العالم، ولا يتأثرون بالدخلاء والمحتلين، لكنهم يأثرون فيهم ويصبغونهم بصبغتهم، فيمصروا المحتل بثقافته وآرائه وملابسه، وكل ما يعنيهم هو الثقافة، حتى ولو أجنبية".