وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"، والاهتمام بأمر المسلمين يقتضي إبعاد كل ما يؤذيهم من طريقهم. نجد المسلمين اليوم وقد ابتلي الكثير منهم، إن لم نقل جلهم إلا من رحم ربك، بأشد الأذى في الدين والدنيا ألا وهو داء الفتنة فلابد من إبعاد هذا الأذى عن طريق المسلمين. يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله: ( نريد تغييرا جوهريا يأتي بنيان الفتنة من القواعد. (109) سُنَّة إماطة الأذى عن الطريق - إحياء - راغب السرجاني - طريق الإسلام. فعلينا أن نكون لا على مستوى العصر الذي تتحكم فيه الجاهلية وقيمها، بل على مستوى مستقبل نقترحه نحن على التاريخ، ونصنعه، ونخترعه على هدى من الله وبإذنه (…) يجب أن نصنع فكرا مستقبليا يلقي على آفاق هذا القرن الخامس عشر، قرن الإسلام بإذن الله، ومن بعده، نور القرآن ونور الهدي النبوي. يلقي على حياة البشر نورا به يميزون ما ينفع وما يضر في الدنيا والآخرة) 7. إنها مهمات صعبة وعقبات كأداء تنتظر من يريد القيام بها، مهمات إنقاذ الإنسان المفتون من براثين الجهل والظلم، جهل بأمور الدين والدنيا يحتاج إلى دعوة وتربية، ظلم يحتاج إلى عدل وإحسان. بلد ترتفع فيه نسبة الأمية بشهادة ذوي الاختصاص – والأمية أشكال وألوان – يحتاج إلى إماطة الأذى عن التعليم فيه.
الدرر السنية
ما أجمل أن يتعاون أفراد المجتمع على تجميل الحياة في مجتمعهم! لهذا حضَّنا رسول الله على هذه المشاركة المجتمعية، وبشّرنا بالأجر الجزيل من الله..
ما أجمل أن يتعاون أفراد المجتمع على تجميل الحياة في مجتمعهم!
حديث إماطة الأذى عن الطريق صدقة للأطفال - Youtube
– كما ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حديث آخر مثالاً يُقَرِّب الصّورة لنا؛ فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ". – يروي أبو ذرٍّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عُرضَت عليَّ أعمال أمّتي حسنُها وقبيحُها، فرأيتُ في محاسنِها الأذى يُزال عن الطريق، ورأيتُ في مساوئها النخامة تكون في المسجدِ لا تدفَن". – رفعَ معاذ بنُ جبل حجرًا من الطريق، فقيل له: لماذا؟ فقال: إنّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من رفع حجرًا عن الطريق كتب الله له به حسَنة، ومن كتب الله له به حسنة غفر له، ومن غفر له أدخله الله الجنة". – يُروَى أنّه صلّى الله عليه وسلّم قال: "مَن سَلَّ سخيمتَه في طريق المسلمين حلّت عليه لعنته". يعني: مَن ألقى القذر في طريقهم حلّت عليه لعنتُهم إذا لعنوه. اماطة الاذى عن الطريق حديث. – قول النبي صلى الله عليه وسلم: الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. – وقوله صلى الله عليه وسلم: كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس، تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة.
(109) سُنَّة إماطة الأذى عن الطريق - إحياء - راغب السرجاني - طريق الإسلام
وعليه، فكل ما يؤذي الإنسان فهو أذى سواء كان كبيرا أو صغيرا كثيرا أو قليلا. وبالتالي فالرذائل أذى، والجهل أذى، والسكوت عن الحق أذى، والتلوث أذى، والأسلحة الفتاكة أذى، والاستكبار بشتى أنواعه وأشكاله أذى. إماطة الأذى عن الطريق في علاقة الإنسان بربه إن الإنسان المسلم يؤمن ويعتقد اعتقادا جازما أنه في يوم من الأيام سيرجع إلى ربه، وسيحاسبه على ما قدم في دنياه من أعمال سواء كانت هذه الأعمال صالحة أو طالحة، يقول الله عز وجل: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره 3. أحاديث عن آداب الطريق. والإنسان في هذه الدنيا إنما يزرع لآخرته. فلابد له من النظر إلى ما يزرعه. قال تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون 4 ، من هنا فحري بأي إنسان أن يعمل ويكثر من العمل الصالح. وإماطة الأذى عمل صالح كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وعلى الإنسان العاقل أن يميط الأذى عن نفسه أولا وقبل كل شيء وهذا لا يكون إلا بالمجاهدة، وجهاد النفس أشد، فأكبر عدو للإنسان ينبغي مجاهدته هي النفس التي يحمل بين جنبيه، وما دام الإنسان يجاهد نفسه فهو في عبادة، بحيث يميط الأذى من طريقها ويسير بها إلى ما فيه صلاحها.
أحاديث عن آداب الطريق
كذلك كانت إماطة الأذى مما غفر الله سبحانه وتعالى به ذنوب أحد العِباد وأدخله الجنة، وهذا ما أخبر به النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ " [3]. وفي رواية ابن ماجه: " كَانَ عَلَى الطَّرِيقِ غُصْنُ شَجَرَةٍ يُؤْذِي النَّاسَ ، فَأَمَاطَهَا رَجُلٌ، فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ " [4]. بل وكانت إماطة الأذى من أفضل أعمال الأُمَّة بنصِّ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا ، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ " [5]. وصايا النبيِّ في إماطة الأذى عن الطريق
ونعجب حين نسمع الصحابي الجليل أبا برزة رضي الله عنه يسأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: فيقول: يا نبيَّ الله، علمني شيئًا أنتفع به. الدرر السنية. فإذا بجواب النبي صلى الله عليه وسلم يكون: " اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ " [6]. ولربما ندهش أكثر حين نسمع وعيد النبيِّ صلى الله عليه وسلم الشديد لمن يُخالف هذا -وعيد يصل إلى اللعن- حيث يقول صلى الله عليه وسلم: " مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ فِي طُرُقِهِمْ، وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَعْنَتُهُمْ " [7].
وعندَ أبي داودَ وابنِ مَاجَهْ: "وَيُجزئُ مِن ذلك كُلِّه ركعتانِ مِن الضُّحَى". وفي الحديثِ: الحَثُّ على حَمْدِ اللهِ تعالى وشُكرِه على نِعَمِه وأفْضالِه. وفيهِ: بيانٌ لأنواعٍ مِن الخَيرِ والفَضلِ تَزيدُ مِن الصَّدقاتِ والحَسَناتِ.
فتلك سبعة نصوص تعنى بأمر "إماطة الأذى عن الطريق"، ولم نقصد الاستقصاء، ولا نعرف من الشرائع والمناهج والفلسفات شيئًا وصل إلى هذا الحدِّ في العناية بتنظيف الطريق، وتطهير الأرض من الملوثات والأقذار، وإذا افترضنا جدلاً أن شيئًا من هذا حدث، وأنه ربما انتبه بعض الناس في الشرق والغرب حديثًا إلى هذا الأمر، فهل يقول قائل: إن إزالة الأذى عن الطريق -حينها- ستكون بحرصٍ وعناية مَن يرى فيها سببًا لمغفرة الذنوب ودخول الجنة؟! حديث اماطه الاذي عن الطريق حديث شريف. ونقف قليلًا عند هذه القصة: صحابية لم نعرف من أمرها شيئًا إلا أنها كانت تنظِّف المسجد، افتقدها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فسأل عنها، فلما علم أنها ماتت عاتب أصحابه أنهم استصغروا أمرها ولم يُعلموه، وقال: " أَفَلاَ كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي ، دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِا. فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا" [8]. هذه المرأة التي ذُكِرَتْ في تاريخ الإسلام وخُلِّدت في كتب السنن، لم تفعل إلَّا أنها اعتنتْ بنظافة المسجد، فاستحقَّت -في المنهج الإسلامي وحده- أن تُخلَّد، وأن يُعاتِب النبي صلى الله عليه وسلم فيها أصحابَه، وأن يصلِّي عليها بعد موتها. ولقد نهي النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن قضاء الحاجة في الأماكن التي يرتادها الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: " اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ.